أهمية أن تكون صحفيا أخلاقيا

أهمية أن تكون صحفيا أخلاقيا

  • 2017-11-01
  • 12

أكيد - ترجمة آية الخوالدة

الجراح الذي لا يتخذ الإجراءات اللازمة في تعقيم يديه قد ينقل العدوى إلى المريض، كما أن السائق الذي لا يتوخى الحذر أثناء القيادة سيتسبب بحادث مروري، والأمر ذاته فيما يتعلق بالصحافي الذي لا يتناول الزوايا جميعها في تغطيته للأحداث والقضايا.

خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كانت الصحافة الأمريكية حزبية وتحريضية، وبدلا من أن تتنافس الصحف فيما بينها من خلال الحقائق، حاولت أن تتفوق على بعضها البعض بالإثارة. ومن ثم بدأت المنظمات الصحفية إنشاء مواثيق شرف واعتماد أفضل الممارسات الأخلاقية والتي استمر تطويرها وتحديثها طوال القرن العشرين، وأكثرها شهرة "جمعية الصحفيين المحترفين".

وفي الوقت الذي استغرقت فيه المنظمات الإخبارية وقتا طويلا لرسم مسار محدد يتعلق بأخلاقيات العمل فيها، أصبحت القاعدة الأساسية التي يعمل بها الصحفيين أكثر حيادية، وتوصلت العديد من هذه المؤسسات إلى القناعة الكاملة بأن الصحافة المسؤولة وغير المنحازة تساعد الجمهور في اتخاذ قرارات سليمة، وبعبارة أخرى تعتبر الصحافة المسؤولة العمود الفقري والأساس للديمقراطية السليمة.

ومنذ أن اطلقت جمعية الصحفيين المحترفين مدونة السلوك الأخلاقية، شهدت الكثير من التغيرات مع الزمن، حيث بدأت عام 1920، في الوقت الذي كانت فيه الأخبار الإذاعية في مهدها، ومن ثم الأخبار التلفزيونية وما جلبته من تحديات الفيديو البصرية إلى طاولة النقاش.

تتألف المدونة من أربعة مبادئ رئيسية، تحوي كل منها مبادئ فرعية داعمة، وقد اعتمدتها رئاسة الهيئة عام 2014، والتي تم تجميعها من قبل 20 صحافيا، ومشاركة المئات من الصحفيين.

وتجمع المبادئ الأربعة ما يعتبر السمات المميزة للصحافة المسؤولة والأخلاقية، وهي البحث عن الحقيقة والإبلاغ عنها، وتقليل حجم الضرر، والعمل بشكل مستقل والمساءلة والشفافية. وبشكل عام يعتبر البحث عن الحقيقة وإيصالها إلى الناس صلب العمل الصحافي إلى جانب التمييز بين الواقع والخيال.

وينبغي أن تكون الصحافة الأخلاقية دقيقة وعادلة، وينبغي على الصحفيين أن يكونوا صادقين وشجعان في جمع المعلومات وتفسيرها وبالتالي يجب عليهم التالي:

- تحمل المسؤولية عن دقة عملهم، والتحقق من المعلومات قبل نشرها، والاعتماد على المصادر الأصلية كلما أمكن ذلك.

- يتذكر دوما أن السرعة أو الأعذار لا تبرر أبدا عدم الدقة.

- يجب الحرص على عدم تشوية النص في سياقة او تلخيصه بطريقة لا تفيد المعنى المطلوب.

- جمع وتحديث المعلومات الصحيحة حول  القضية التي يتناولها.

- توخي الحذر عند تقديم الوعود والوفاء بها.  

- تحديد المصادر بوضوح، حيث يحق للجمهور الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات للحكم على مصداقية ودوافع المصادر.

- عدم الكشف عن هوية المصادر في حال سيؤدي ذلك إلى مواجهتها للخطر أو العقاب أو أي ضرر أخر، وفي الوقت نفسه عدم اللجوء إلى عدم الإفصاح عن المصدر الا في حالات قليلة معدودة.

- البحث بجدية عن مواضيع مهمة في التغطية الإخبارية والسماح لهم بالرد على الانتقادات أو المخالفات.

- تجنب الأساليب السرية أو الطرق المخفية في جمع المعلومات، ما لم تكن الأساليب التقليدية المفتوحة لا تمنح معلومات حيوية ومهمة للجمهور.

- كن حذرا وشجاعا حول مساءلة أولئك الذين يملكون السلطة، وامنح الصوت لمن لا صوت لهم.

- دعم الآراء جميعها وعرض وجهات النظر كافة، حتى الآراء التي تجدها مكروهة او بغيضة.

- الالتزام بعملك كمراقب للحكومة والشؤون العامة، والسعي لجعل السجلات العامة مفتوحة للجميع.

- توفير إمكانية الوصول إلى مواد المصدر أينما اقتضت الحاجة لذلك وبشكل مناسب.

- تحدث وبجرأة عن تنوع وحجم الخبرات البشرية وإبداعاتها من حولنا، وابحث عن المصادر التي نادرا ما نسمع أصواتها.

- تجنب القوالب النمطية، وعلى الصحفيين أن يدرسوا الطرق التي تشكًل بها قيمهم وخبراتهم التقارير التي يقدمونها.

-  لا تشوه عمدا الحقائق أو نص السياق، بما في ذلك المعلومات المرئية والتوضيح من خلال الرسوم التوضيحية.

- لا تنتحل أبدا شخصية أحد أخر وأعمل دائما بصفتك صحفي.

في بعض الأحيان، يمكن أن يكون السعي وراء الحقيقة ضارا، ويمكن أن يتراوح الضرر بين الناس الذين يشعرون بعدم الارتياح عندما يطرح عليهم الصحفيون الأسئلة وبين أولئك الذين يخسرون وظائفهم أو يذهبون الى السجن بسبب تلك القصص الإخبارية، والأصل لا داع للتسبب بضرر الأخرين.

كما ينبغي على الصحفيين أن يكونوا مستقلين ومنفصلين عن الموضوعات التي يقومون بتغطيتها، إذ لا يجب أن يقلق الناس من أهداف الصحفي ودوافعه تجاه إنتاج التقارير الصحفية.

وأخيرا يجب أن يكون الصحفيين على مستوى عال من الشفافية فيما يتعلق بتضارب المصالح، إذ أن الجمهور يستحق تقارير صحفية صادقة وصحفيين مهنيين ملتزمين بأخلاقيات المهنة.

والأمل هنا أن هؤلاء الصحفيين الذين يتبعون أفضل الممارسات ينتجون تقارير صحفية بجودة عالية، تبلغ الجمهور طبيعة ما يجري في مجتمعهم والعالم وبالتالي حينما يمارسون حياتهم الطبيعية ويصوتون مثلا، سيكونون مسلحين بأفضل المعلومات لاتخاذ مثل تلك القرارات.

ومع ذلك، تمر الصحافة اليوم بمرحلة انتقالية، فقديما كانت وسائل الإعلام تجارة مربحة، وتوفر المال لدعم الصحافة وجودتها، بينما تجارة الإعلام اليوم غير مربحة، ولذلك يسعى مالكو هذه المؤسسات الى إجبار الصحفيين على حماية الأرباح، ما يدفعهم الى تجاهل أفضل الممارسات المهنية وإنتاج صحافة غير مسؤولة.

ولحسن الحظ، تبقى الصحافة غير المسؤولة أقلية من القصص المنتجة، حيث لا يزال معظم الصحفيين ملتزمين بمواثيق الشرف الصحفي.

*أندرو سيمان،  رئيس لجنة الأخلاق التابعة لجمعية الصحفيين المحترفين في الولايات المتحدة. وهو أيضا صحفي طبي مع رويترز في نيويورك.