أكيد – وصفي الخشمان
وقعت مواقع إخبارية في شرك الانحياز في تغطيتها لما جرى في محاضرة للدكتور زغلول النجار نظمتها نقابة المهندسين الأردنيين الأربعاء الماضي 5 حزيران 2017.
ولاقت المحاضرة التي جاءت بعنوان "البرق والرعد في القرآن الكريم" اعتراضاً من أشخاص انتقدوا "خلط الدين بالعلم"، وهو ما رفضه الطرف الآخر قائلين إن المحاضرة تناولت موضوعاً علمياً وقدمها شخص متخصص.
ونأت صحف يومية عن الإشارة إلى أي خبر عن المحاضرة، بعكس ما دأبت على فعله في مناسبات سابقة، من بينها صحيفة محسوبة على الاتجاه الإسلامي، في حين نشرت صحيفة مادة متوازنة عرضت فيها وجهتا نظر مؤيدي المحاضرة ورافضيها.
وسبق تنظيم المحاضرة، مثلما كان الحال بعد ذلك، جدلاً على منصات التفاعل الاجتماعي والمواقع المتخصصة، سرعان ما انتقل إلى المواقع الإخبارية.
وكان سقف الانتقادات والانتقادات المضادة عبر منصات التواصل أعلى، مثلما كان الجدل أكثر حدة، وصل أحياناً إلى حدود غير مقبول بها قانونياً.
وأغلقت مهندسة كانت شخصية بارزة في ما حدث عقب المحاضرة صفحتها على منصة تفاعل اجتماعي، ما حال دون التواصل معها، في حين أحجم مناوئون للمحاضرة عن الإدلاء بتصريحات لمرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، مكتفين بما نشروه على صفحاتهم التفاعلية، وبما نقلته مواقع إخبارية.
ولجأت مواقع إخبارية إلى عرض مادة متوازنة عرضت فيها رأي جميع أطراف القضية، في حين فضلت أخرى نشر بيان صحافي صادر عن نقابة المهندسين أوردت فيه موضوع المحاضرة دون أي إشارة إلى النقاش الذي دار بعد انتهائها.
وألقت مواقع بثقلها وراء رأي الجهة المنظمة للمحاضرة، ونشرت بعضها تقارير بصيغة مقالات، مغفلة رأي الطرف الآخر، وهو ذات الخطأ الذي وقعت فيه مواقع أخرى.
وشكلت المشادة التي أعقبت المحاضرة مادة دسمة لكتاب المقالات، فمنهم من اعتبر ما حدث يشي بحالة جديدة من تشكل الوعي المجتمعي، ومنهم من مال إلى جانب منظمي المحاضرة منتقداً التطرف بكل أشكاله، وطرف ثالث كتب ضد المحاضرة والمحاضر والجهة المنظمة.
الصحافة العربية تابعت الخلاف عبر تقارير ومقالات، مستذكرة ما حدث مع المحاضر في المغرب في نيسان (أبريل) الماضي.
مرصد "أكيد" اتصل هاتفياً بالمهندس ماجد الطباع نقيب المهندسين الذي انتقد تغطيات صحافية "تجاهلت المصداقية" واكتفت بإدراج آراء طرف دون طرف آخر.
وكرر الطباع ما صرح به منظمو المحاضرة بأن ما حدث في نقابة المهندسين "شيء عادي جداً ولا يرقى إلى هذا التضخيم"، خصوصاً أن النجار عقد محاضرات "علمية" عديدة في النقابة وغيرها، وهو "عالم يحمل شهادة الدكتوراة في تخصصه ودرس في جامعات غربية".
وقال إن بعض الآراء حملت تجريحاً وإساءة للدكتور زغلول النجار، ما دفع النقابة إلى تقديم اعتذار له باعتبار "هذه التصرفات غريبة عن النقابة ولا تمثل إلا أصحابها".
واعتبر نقيب المهندسين أن "التجييش" حمل لواءه كتاب وصحافيون وغير مهندسين، داعياً إلى تدعيم ثقافة احترام آراء المخالفين.
ورد الطباع على ما نقله "أكيد" من أسئلة طافت صفحات الانترنت انتقدت عدم السماح بطرح الأسئلة مباشرة عقب انتهاء المحاضرة، حيث قال إن الأمر لا يعدو كونه "اجتهاداً من المنظمين"، نظراً لكثرة عدد الأسئلة الموجهة للنجار والمهندس سليمان داوود الذي تحدث خلال المحاضرة عن تصميم مانعة الصواعق الكهربائية، مستدركاً بقوله: "كان هناك نية مبيتة لافتعال الفوضى".
ورداً على انتقادات لانشغال النقابة بندوات "بعيدة عن تخصصات أعضائها"، قال الطباع إن النقابة تنظم نشاطات متعددة، كما أن موضوع المحاضرة مثار الجدل "علمي وليس ديني"، على حد وصفه.
وفيما يتعلق باقتصار المتحدثين الذين تستقبلهم نقابة المهندسين على لون فكري واحد، وهو اتهام ردده مناوئون لخط النقابة، رفض الطباع الإقرار بذلك قائلاً إن النقابة سبق أن استضافت شخصيات من أحزاب أو جهات مختلفة في نهجها السياسي.
بيد أن "أكيد" عاد وقدم أسئلة يرددها المناوئون حول اذا ما استضافت النقابة سابقا عالما أو متخصصا في نظريات علمية تعارض الرواية الدينية لنشوء الإنسان والكون، ليرد الطباع بقوله: "نفخر بأننا لا نستضيف أمثال هؤلاء، (..) فالشعب الأردني يغلب على معتقده الإسلام، وثقافته مستمدة منه باعتباره دين الدولة".
وأضاف: "لا يشرفني نشر الفكر العلماني ولن أقوم بذلك طالما أدير هذه النقابة"، إلا أنه استدرك بقوله "إننا نقدر حرية الرأي، ونفخر بتوجههنا وخلفيتنا الدينية، مع تأكيدنا على احترام التعايش والتعامل مع كل الأفكار والمعتقدات باحترام".
وحدد مرصد مصداقية الإعلام الأردني عدداً من المخالفات في تغطيات إعلامية لما قبل المحاضرة وما بعدها، مثل عدم التوازن والميل إلى تغليب رأي طرف واحد، ما يشير بوضوح إلى الانحياز وعدم الحياد والانتقائية.
كما حدث خلط بين مقال الرأي والخبر، واستخدام لغة تحمل قدراً من المبالغة في المدح أو المبالغة في التجريح، وعدم وجود توازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني