استخدام الخلوي هل يتسبب بـ 70% أم 5% من الحوادث؟

استخدام الخلوي هل يتسبب بـ 70% أم 5% من الحوادث؟

  • 2016-08-12
  • 12

تداولت المواقع الإخبارية خلال الأيام الماضية خبراً بعنوان: "الخلوي يتسبب بـ 70 % من حوادث السير في الأردنوهو رقم مثير، ويولد في ذهن القارئ سؤالاً مباشراً: هل عدم استخدام الخلوي سيُخفض الحوادث والأضرار والإصابات بنسبة 70% أو حتى بنسبة قريبة من ذلك.

مرصد مصداقية الإعلام الاردني (أكيد) تتبع الخبر، وتبين أنه نُشر أولاً على موقع صحيفة الرأي الإلكتروني يوم 8 آب، وهو مترجم عن خبر نشرته صحيفة الجوردن تايمز الناطقة بالإنجليزية بتاريخ 7 آب، وقد أغفل عنوان الخبر كلمة "الطفيفة"، الأمر الذي أخل بدقة النقل وإلا كان العنوان هو: الخلوي يتسبب بـ 70 % من حوادث السير الطفيفة في الاردن.

المواقع تناقلت الخبر المنشور في صحيفة الرأي، بالعنوان والتفاصيل ذاتها، وهذا يتضح من نقل الخطأ الإملائي وكتابة كلمة استخدام في الفقرة الأولى من الخبر بهذه الصيغة "استخدلم" كما وردت في "الرأي". ولوحظ أن بعض المواقع اشار إلى أن المصدر هو الرأي، فيما مواقع أخرى نشرته بشكل يشير إلى أن مصدرها المباشر هو صحيفة الجوردن تايمز.

وجاء في الخبر أصلاً: "قال مدير إدارة السير المركزية العقيد ياسر الحراحشة إن حوالي 70 % من حوادث السيارات الطفيفة ناجمة عن استخدام السائقين لهواتفهم النقالة اثناء القيادة.

في تصريحات لصحيفة الجوردن تايمز قال الحراحشة إن شرطة السير تصدر الآلاف من المخالفات كل يوم لسائقي السيارات الذين يستخدمون الهواتف المحمولة أثناء القيادة، مضيفا أن عقوبة استخدام الهاتف اثناء القيادة هي 15 دينارا.

الأرقام والنسب المنقولة على لسان مدير إدارة السير المركزية العقيد ياسر الحراحشة لم تنسب إلى أي دراسة، فالمادة تحتوي نسبة مرتبطة ببيانات وإحصاءات، وتحتاج إلى مصدر واضح ودقيق، ولابد من الإشارة هنا أيضا أن نسبة 70% تم الإعلان عنها قبل ثلاث سنوات وبالتحديد في 13 أيار 2013 على لسان مدير العلاقات العامة في إدارة السير في ذلك الوقت المقدم معاوية الربابعة وتحت عنوان "إدارة السير: استخدام الخلوي يسبب أكثر من 70% من الحوادث".

مساعد مدير الأمن العام لشؤون السير العقيد وليد بطاح  قال في أول نيسان الماضي، وفي حديث لبرنامج "ستون دقيقة" إن استخدام الهواتف الخلوية تسبب بـ5 الى 6% من الحوادث في الأردن.

التصريحات المتضاربة التي تتناقلها وسائل الإعلام لجهات متعددة، كانت حاضرة أيضا في هذا الموضوع في وسائل إعلام أخرى، وقال رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات في بيان أصدرته الجمعية  بتاريخ 25 نيسان 2016 إن الدراسات أشارت إلى أن نسبة استخدام السائقين للهواتف الخلوية اثناء القيادة وصلت إلى اكثر من 70 بالمئة وان نسبة الحوادث الناجمة عن استخدام الهواتف تتراوح ما بين 30 – 40 % وذلك بحسب الدراسات واعترافات السائقين.

هناك فرق كبير بين القول إن 70% من حوادث السير تقع بسبب استخدام الهاتف الخلوي، و القول إن  70% من السائقين يستخدمون الخلوي، وأن نسبة الحوادث الناجمة عن استخدام الهواتف تتراوح ما بين 30 – 40 %.

وكان الخبير المروري ورئيس هيئة النقل العام  الأسبق المهندس جميل مجاهد قد قال في زمن سابق لقناة "رؤيا"، إن من بين المشاكل المرورية  في الأردن موضوع البيانات والتحليل، اذا عند النظر الى الاحصائيات الموجود لعام 2014 يتبين ان 90% من الحوادث كان سببها السائق و6 أو7 % كان سببها الطريق، و30% كان سببها المركبة، لافتا إلى أن من يقوم بتحليل الحوادث في الاردن هو الامن العام، والمطلوب من الامن العام التحقيق بـ 102 ألف حادث سنويا وهذا عبء كبير على الاجهزة الأمنية مشيراً إلى أن التقارير ترجع 90% من الحق على السائق في حوادث السير وهذا أمر غير مقنع، مشيرا الى انه في الدول المتقدمة تصل النسبة الى 80 % على السائق.

وقال وزير الاشغال العامة والاسكان السابق الدكتور محمد عبيدات في شباط الماضي إن 80- 85% من حوادث يتسبب بها السائق، وتعود نسبة 65% من الحوادث إلى السرعة الزائدة حيث تشكل ما نسبته 65% من حوادث السير، وتتحمل الطرق نسبة 5% من الحوادث. وأضاف: دلت الدراسات ان 76% من الاردنيين يستخدمون أجهزة الهواتف خلال السياقة ما يؤدي الى زيادة الحوادث المرورية.

يتبين أن بعض التصريحات والمعلومات والأرقام المنشورة تختلف من مسؤول إلى آخر، مع أن الموضوع واحد، وفي حالات تكون التصريحات المتضاربة صادرة من الجهة نفسها، وهذا يعني ان التصريحات المرصودة تحتوي على معلومات مغلوطة أو غير واضحة، لكن الصحفي يأخذها كما هي من دون التأكد من صحتها، ولا يطلب من صاحب التصريح توضيحها قبل اعتماد نشرها، وهو ما يضر بمعيار الدقة.

فعلى سبيل المثال، إن المعلومة التي تشير الى السرعة الزائدة تتسبب بـ 65% من الحوادث، تتعارض مع نسبة 70% التي تنتج عن استخدام الهاتف المحمول.

وفي هذا الإطار يشدد مرصد (أكيد) في هذا السياق على معيار الدقة في الالتزام الصحيح والتثبت من صحة المعلومات وما تحويه من أرقام، ويحتاج ذلك إلى امتلاك الخلفية المهنية التي تحول دون ارتكاب أخطاء النشر.