الإعلام يسهم في اللغط حول دلالات "المؤبد" و"مدى الحياة" في قضية الجفر

الإعلام يسهم في اللغط حول دلالات "المؤبد" و"مدى الحياة" في قضية الجفر

  • 2017-07-19
  • 12

أكيد – أنور الزيادات

أسهمت وسائل إعلام في اللغط الدائر حول طبيعة الحكم الصادر بحق الجندي المسرح معارك أبو تايه فيما عرف بقضية "الجفر"؛ فلم تحاول تلك الوسائل رغم تغطيتها للمحاكمة تقديم تفسير للقرار بـ"الوضع بالأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة"، خاصة أن عبارة "مدى الحياة" التي وردت على لسان القاضي العسكري أثناء النطق بالحكم غير منصوص عليها في قانوني العقوبات الأردني والعقوبات العسكري.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تتبع المحتوى الإعلامي الذي أثار اللغط حول هذه المصطلحات، فقد استخدمت  الصحف اليومية التي نقلت الخبر عبر مراسليها  كلمة مؤبد في العنوان فيما جاء في متن الخبر "قضت المحكمة العسكرية المختصة بالأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة على الجندي معارك أبو تايه، وتنزيل رتبته إلى جندي ثانٍ وطرده من الخدمة العسكرية".

كما لاحظ مرصد "أكيد" استخدام مواقع أخبارية لفظ "مدى الحياة" في عنوان الخبر مثل" الأشغال الشاقة مدى الحياة لجندي الجفر معارك التوايهة " فيما جاء في متن الخبر" أصدرت المحكمة العسكرية المختصة بالنظر في قضية الجفر الاثنين حكمها بحق الجندي معارك التوايهة المتهم بقتل 3 من الجنود الأمريكان، بالحكم عليه بالأشغال الشاقة مدى الحياة". دون ذكر لكلمة المؤبد وهو المصطلح المستخدم في قانون العقوبات الاردني.

ولم تأت وسائل إعلام ومواقع إخبارية على ذكر مصطلح مدى الحياة في العناوين أو النص بل استخدمت لفظ المؤبد وأغلبها كان مصدر خبرها وكالة الانباء الاردنية "بترا" الذي نص في عنوانه ومتنه على الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة دون وجود لعبارة مدى الحياة.

كما تناقلت العديد من وسائل العربية والدولية الخبر، بعضها نقلاً عن وكالة الأنباء (بترا)، مشيرة إلى أن حكماً قضائياً صدر بالأشغال الشاقة المؤبدة على المتهم فيما يعرف باسم "قضية الجفر". والمتهم هو جندي كان قام بإطلاق النار في نوفمبر الماضي على مركبات تقل جنوداً أمريكيين عند مدخل قاعدة جوية في منطقة الجفر ما أسفر عن مقتل ثلاثة منهم وإصابة آخر.

وقال المحامي صبحي المواس محامي الدفاع عن المتهم ورئيس محكمة أمن الدولة الأسبق لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، إن نص الحكم الصادر بحق الجندي المسرح معارك أبو تايه هو "الأشغال الشاقة المؤبدة"، وليس الحكم بالسجن مدى الحياة، مضيفاً "حسب اعتقادي فان استخدام كلمة مدى الحياة من قبل القاضي جاء بهدف شرح مفهوم المؤبد".

وأوضح أن إطلاق سراح المحكومين بالمؤبد بعد 20 إلى 25 عاماً مرتبط بأن يكون السجين حسن السيرة والسلوك ولكن لا يوجد مدة تحدد المؤبد، ووفقا لتصريحات المحامي المواس "فان الحكم قابل للاستئناف أمام محكمة الاستئناف العسكرية"، وهو الطعن الذي قدمه المحامي بتاريخ 19/7/2017 "بالقرار الصادر عن المحكمة العسكرية المختصة بالنظر في قضية الجفر والمحكوم على ذمتها الجندي معارك بالأشغال الشاقة المؤبدة".

وكانت المحكمة قد أدانت الجندي أبو تايه بجناية القتل القصد الواقع على أكثر من شخص خلافا لأحكام المادة 327 من قانون العقوبات وجنحة مخالفة الأوامر العسكرية.

وحول إذا ما كان لفظ "مدى الحياة" يعتبر خروجاً عن النص القانوني أثناء إصدار القاضي للحكم، قال القاضي العسكري ورئيس محكمة أمن الدولة الأسبق الدكتور سميح المجالي لـ(أكيد)، "إن نطق كلمة مدى الحياة مع صدور القرار لا يعتبر خروجاً من القاضي عن النص القانوني".

 وأضاف المجالي أن "الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد وفقاً للنص القانوني تعني مدى الحياة ولكن لا يوجد بقانون العقوبات الأردني مصطلح "مدى الحياة"، وذكرها في النص يأتي للتوضيح"، مشيراً إلى أن لفظ مصطلح مدى الحياة مستخدم في بعض الدول الأخرى ومنها الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال "إن الفيصل في قرار المحكمة هو النص القانوني المكتوب في قرار المحكمة والصادر عنها"، موضحاً أن خروج الجندي أحمد الدقامسة والمحكوم بالمؤبد بعد 20 سنة في آذار الماضي كان بموجب نص خاص في قانون مراكز الإصلاح والتأهيل، يشترط حسن السيرة والسلوك، ولا يعني أن هناك مدة محددة للحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة.

بدوره قال المحامي باسم العوامرة لـ"أكيد"، أن الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد وفقا للنص القانوني تعني مدى الحياة ، إلا أن القانون وبموجب نص خاص ورد في قانون مراكز الاصلاح والتأهيل، وبموجب المادة 35  للوزير "وزير الداخلية" بناء على تنسيب من المدير "مدير مراكز الإصلاح والتأهيل" ان يقرر اطلاق سراح النزيل المحكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة وأمضى من العقوبة 20 سنة.

وأوضح أن العقوبات الجنائية بقانون العقوبات الأردني: هي الإعدام، والأشغال الشاقة المؤبدة، والاعتقال المؤبد، الأشغال الشاقة المؤقتة، والاعتقال المؤقت وهي نفس العقوبات المنصوص عليها بقانون العقوبات العسكري.

ويعد عدم وضوح المحتوى خللاً مهنياً، إذ افترضت وسائل الإعلام أن المتلقي يتذكر القضية وتفاصيلها، ولم توضح حيثياتها، ولو بإشارة عابرة، كما أن تغطية قرارات المحاكم، تفرض عدم التعليق على الحكم القضائي، لكن يجب تبسيطها، وذلك بالاستعانة بمختص قانوني كما فعلت بعض المواقع  لتوضيح القرار، وشرح مضمون الحُكم، وليس نقده أو تقييمه.

ووفق المعايير التي يعتمدها "أكيد"، فإن معيار الوضوح يقضي بضرورة الابتعاد عن التعقيد والمفاهيم المتخصصة، والعبارات التي تحتمل تفسيرات متعددة، وينصّ على تقديم المادة الإخبارية بقدر من البساطة .