أكيد – حسام العسال
ارتكبت وسائل إعلام منتصف الأسبوع الماضي مخالفة أخلاقية ببثها لمقطع فيديو يُظهر وجه طفل متوفى حديث الولادة، بعد وضعه في ثلاجة غير مخصصة لحفظ الموتى في احدى المستشفيات الخاصة بمحافظة الزرقاء، كما لم تتناول وسائل اعلام القضية التي أثارت الرأي العام بتوازن.
المواقع الإلكترونية إضافةً لصحيفة يومية نشرت مقطع الفيديو الذي يُظهر وجه الطفل على نطاق واسع دون الالتفات لحرمة الميت، فيما قامت مواقع بتغطية وجه الطفل، كما عادت مواقع وغطت على وجه الطفل بعد أن أظهرت وجهه في البداية.
مقطع الفيديو المنتشر على المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي أظهر قيام ممرضة في مستشفى باخراج جثة طفل من ثلاجة صغيرة غير مخصصة لحفظ الموتى، ومبادرة شخص بتصوير الطفل والكشف عن وجهه الذي يظهر واضحاً في المقطع، وتضمن أيضاً اعتراضاً من الشخص على افتقاد المستشفى للثلاجة المخصصة للموتى وتلفظه بألفاظ نابية تجاه المستشفى.
بدأت المواقع الإلكترونية بالحديث عن الواقعة بعد انتشار مقطع الفيديو مؤكدةً وجود تلك الحادثة بأحد المستشفيات الخاصة بمدينة الزرقاء، وأن سبب ذلك يعود لافتقاد المستشفى ثلاجة خاصة بحفظ الموتى حيث أن المستشفى مرخص قديماً على نظام لا يشترط وجود ثلاجة لحفظ الموتى.
وذكرت مواقع أن هذه الثلاجة مخصصة لحفظ الطعام، فيما ذكرت مواقع أخرى أن الثلاجة مخصصة لحفظ الأدوية، وأن إدارة المستشفى أوضحت لذوي الطفل أن هذه الثلاجة تُستخدم لقسم الخداج، فيما ذكرت المواقع أن ممرضتين فُصلتا بناءً على الحادثة.
الناطق الإعلامي لوزارة الصحة حاتم الأزرعي أوضح لعدة مواقع أن تحقيقاً فُتح حول الحادثة، ووصف مدير مديرية الترخيص والمهن الصحية في وزارة الصحة حكمت أبو الفول لأحد المواقع الحادثة بـ "جريمة ومخالفة صريحة للأنظمة والقوانين النافذة والتي تنظم عمل المستشفيات".
وأضاف أبو الفول في تصريح آخر أن الطفل يبلغ من العمر ساعتين وأنه توفي نتيجة صعوبة في التنفس أثناء الولادة وأن وزير الصحة بصدد عقد اجتماع لاتخاذ العقوبات المناسبة، في حين ذكر أحد المواقع أن الطفل توفي عن عامين رغم أنه يظهر في المقطع كحديث ولادة.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تواصل مع الناطق الإعلامي لوزارة الصحة حاتم الأزرعي الذي أكد صحة مقطع الفيديو، وقال "الفيديو يظهر به طفل متوفى حديث الولادة تم وضعه في ثلاجة صغيرة بسبب عدم امتلاك المستشفى لثلاجة مخصصة للموتى".
وأوضح أن تعليمات ترخيص المستشفيات الخاصة الصادرة عام 2014 تشترط وجود ثلاجة موتى داخل المستشفى، وأن الوزارة أعطت مهلة سنة لتوفيق الأوضاع لمن لم تنطبق عليهم تعليمات الترخيص الجديدة، مؤكدا أن المستشفيات الخاصة المرخصة قديماً تنطبق عليها التعليمات الأخيرة.
وحول سبب استمرار المستشفى بالعمل رغم تجاوزه مهلة العام دون توفيق الأوضاع، قال "ان وزير الصحة أمر بتشكيل لجنة لفحص المستشفى وأنه أحال المستشفى إلى لجنة المستشفيات الخاصة".
وأرسل الأزرعي بياناً لوسائل الإعلام يتضمن قراراً لوزير الصحة بإغلاق المستشفى لحين توفيق أوضاعه بناءً على تعليمات المستشفيات الخاصة، وأن الإغلاق سيتم عند الانتهاء من علاج المرضى الموجودين في المستشفى حالياً بحيث لا يكون هناك أي مريض عند تنفيذ قرار الإغلاق.
وتشترط المادة 9 فقرة (ك) من نظام المستشفيات الخاصة رقم 54 لسنة 2014 "توافر ثلاجة حفظ موتى" في المستشفى، كما تنص المادة 19 "على المستشفى الخاص المرخص قبل نفاذ أحكام هذا النظام توفيق أوضاعه وفقاً لأحكامه باستثناء شرط عدد الأسرة خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ صدور هذا النظام".
ولم تناقش العديد من وسائل الإعلام الحيثيات القانونية لتعليمات الترخيص، وتضمنت بعض المواد إشارة إلى أن ترخيص المستشفى يُعد قديماً بحيث لا تنطبق عليه التعليمات الجديدة بضرورة وجود ثلاجة حفظ موتى، في حين ذكرت مواقع أخرى أن التعليمات الجديدة تنطبق على المستشفى وتُحتم وجود تلك الثلاجة.
وصرح عضو نقابة الصحافيين خالد القضاة لـ (أكيد) أنه يُمنع على وسائل الإعلام إظهار وجه المتوفى وأن في ذلك انتهاك لحرمته، ويجب أن تكون وسائل الإعلام أكثر تشدداً في إظهار صور المتوفين والنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن ومن يظهر في حالة انكسار وكذلك من يتلقى مساعدات.
وأضاف القضاة أن عرض الصورة بهذه الطريقة لم يُحقق المصلحة العامة، خصوصاً أن وقعها وتأثيرها يمكن أن يكونا سيئا على ذوي الطفل وأقربائه، أي أن ضررها قد يطغى على نفعها، وكان يمكن أن تُحقق المصلحة العامة وتُحقق الجانب الأخلاقي بتغطيتها على صورة وجه الطفل المتوفى.
وأشار القضاة إلى أن سماح ذوي الطفل بعرض الصورة لا يشكل مبرراً لعرضها، خصوصاً أن أخلاقيات نشر الصور والتغطية الصحافية تمنع ذلك، وأن الأهل قد لا يعوا خطورة الأمر، كما يجب على الصحافي أن يكون مطلعاً على الأخلاقيات والقوانين الإعلامية حتى يُحسن التعامل مع الحالات المُشابهة.
المصور في صحيفة "الغد" أسامة الرفاعي ذكر لـ (أكيد) أن بث مقطع الفيديو الذي يُظهر وجه الطفل المتوفى فيه انتهاك لحرمة الموتى، وأن وسائل الإعلام عليها أن تُحافظ على حرمتهم وأن تراعي أخلاقيات المهنة وعدم بث المقطع، وأضاف أن وسائل الإعلام التي تبث مثل هذه المقاطع والصور تبحث عن الشهرة.
ولم تحذف العديد من الوسائل الإعلامية السباب والشتائم البذيئة الموجودة في نهاية المقطع والتي تُسيء للآداب العامة وتخدش حياء المُشاهد، خصوصاً أن وجود تلك الشتائم لا يخدم القضية والمصلحة العامة بشيء، إضافة لافتقاد التغطية لـ "معيار التوازن" في عرض المصادر وإعطاء المساحة لمختلف الأطراف ذات الصلة.
مرصد (أكيد) يرى أن التغطية الإعلامية لقضية الطفل الرضيع المتوفى تضمنت العديد من المخالفات كان أهمها عرض صورة الطفل الرضيع المتوفى في مقطع الفيديو بشكل واضح من قبل بعض وسائل الإعلام وفي ذلك انتهاك لحرمة الموتى، وعدم احترام لكرامة الإنسان حسب معايير التحقق من مصداقية ومهنية الوسائل والأداء الإعلامي، كما أنها قد تُلحق الأذى بذوي الطفل حتى لو سمح بعضهم بعرض المقطع، إضافةً للتسبب بالصدمة والأسى للمُشاهد.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني