أكيد – آية الخوالدة
ألقى الصحفي الفرنسي يان جوجان* محاضرة بعنوان "الثورة الإعلامية" في المركز الثقافي الفرنسي مساء الثلاثاء 11 نيسان، تحدث فيها عن أهمية توعية الصحفيين في تعاملهم مع مصادر المعلومات وما ينشر منها على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل الثورة الرقمية التي نعيشها اليوم.
وناقش جوجان في المحاضرة عددا من الأمثلة على الأخبار المزيفة التي نشرتها وسائل الإعلام وأحدثت أثرا واضحا في آراء الجمهور. وتناول مثالين: استفتاء البريطانيين لانفصال دولتهم عن الاتحاد الأوروبي، والانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ويرى جوجان أنه وفي ظل الثورة الرقمية التي مكنت المواطنين من تنويع مصادر المعلومات الخاصة بهم، أصبح من السهل التلاعب بالكلمات، والتزييف والحيل والمعلومات الكاذبة، ونظريات المؤامرة، ولذلك يصعب على القارئ أو المتصفح لتلك المواقع والوسائل أن يعثر على المعلومات الصحيحة.
وبهدف مساعدة الصحفيين على التحقق من صحة الأخبار وتصنيفها، ناقش جوجان مبادرات بعض وسائل الاعلام لاستعادة السيطرة من خلال التحقق من صحة المعلومات. ومن تلك المبادرات: تطبيق اسمه: "هذا وهمي" الذي يتعرف على المقالات في الفيسبوك التي تنشر معلومات خاطئة ويسمح للمستخدمين بإبلاغ أصدقائهم عندما يشاركون قصة وهمية، وحينما يتم تعريفها كقصة وهمية يتم وسمها بلافتة حمراء على صورة العرض المسبوق تشير إلى أنه تم فضحها.
وأشار المحاضر إلى نموذج آخر للمبادرات هو موقع "فك التشفير" "les-decodeurs"، التابع لصحيفة "لو موند" الفرنسية، والذي يتحقق من البيانات بكافة أشكالها من إحصاءات وأرقام وقوانين وتواريخ، ويبحث في القضايا الراهنة وصحة المعلومات الواردة حولها ودقة المصادر التي اعتمدتها الوسائل الإعلامية واستقت منها معلوماتها.
كما أشار إلى مبادرة صحيفة النيويورك تايمز عبر مرصدها The Upshot ، والذي يقوم أيضا على تحليل واستيضاح المعلومات والبيانات المنتشرة في المواقع والوسائل الإعلامية ويعدَ تقاريرا حولها.
ونظراً لشيوع اتهام الشبكة الاجتماعية "فيسبوك" بنشر الأكاذيب والمعلومات الخاطئة على صفحاتها وذلك بسبب كثرة مستخدميها، أشار جوجان إلى عمل هذه المنصة الاجتماعية على تطوير وسائل الكشف عن الكذب والتحكم في منع بث تلك المعلومات المغلوطة.
وفيما يخص مثال الممارسات الإعلامية المرافقة لاستفتاء البريطانيين حول انسحاب دولتهم من الاتحاد الأوروبي، عرض المحاضر مجموعة من التقارير والأخبار المزيفة والتي دفعت البريطانيين نحو التصويت للانفصال. فقد نشرت العديد من الصحف البريطانية تقاريرا عن مساوئ البقاء في الاتحاد الأوروبي مثل "دايلي إكسبرس" و"دايلي مايل" و"ذا صن" و"ديلي ستار". وادعى بعضها أن بريطانيا تدفع 350 مليون جنية استرليني أسبوعيا للاتحاد، وأن هناك خطة لفتح أبواب بريطانيا لهجرة مليون تركي. واتهم بعضها بنشر معلومات غير صحيحة حول قدوم الملايين من المهاجرين نحو بريطانيا من أرجاء أوروبا.
وفي المثال الثاني، أشار المحاضر إلى أن الإعلام المرافق للانتخابات الأمريكية تسبب بظهور مصطلح "إعلام ما بعد الحقيقة"، والذي يشير إلى تراجع دور الحقيقة في تشكيل الرأي العام، في عالم تسيطر عليه الخطابات الشعبوية المتكئة على تأجيج العواطف والمخاوف.
وتبنت خلالها المؤسسات الإعلامية عددا من الأخبار الكاذبة وروجت لها، منها الأخبار المتعلقة بشبكة الاستغلال الجنسي للأطفال والتي تديرها المرشحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون، بالإضافة إلى أكاذيب نسبت الى دونالد ترامب حول رفضه لحرب العراق قبل أن تبدأ، والأخبار عن حشود هائلة لتأييد هيلاري كلينتون، فيما لم تكن سوى حفلة موسيقية سبقت الاجتماع، إضافة إلى أهم تلك الأخبار غير الصحيحة وهو المتعلق بتأييد البابا فرانسيس لدونالد ترامب أثناء الحملة الانتخابية.
وخلقت تلك الأخبار المزيفة – بحسب جوجان – توجهات جديدة لدى الناخب الأمريكي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي الأولى فوز المرشحة الديمقراطية كلينتون بنسبة 80%، بينما حصل ترامب في النهاية على النسبة الأكبر من الأصوات.
وأكد جوجان في نهاية محاضرته على دور الصحفي في الكشف عن تلك المعلومات الخاطئة وإيضاحها، والعمل على منع ترويجها وانتشارها، فهي واحدة من صلب مهامه في مهنة تتطلب المصداقية والمهنية العالية.
* الصحفي الفرنسي يان جوجان هو مؤسس Dans mon labo، وهو موقع فرنسي لمساعدة وسائل الإعلام في مشاريعها الرقمية، كما عمل نائبا لرئيس تحرير مجلة "رو 89"، وهو موقع إخباري فرنسي يخدم المصالح العامة، وعمل في العديد من وسائل الإعلام المطبوعة الفرنسية مثل ليبراتيون أو لـي "إكسبريس أو تيليراما. ويتقن العديد من تقنيات التصوير الصحفي، وتصميم الحيل، ولغات البرمجة المفيدة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني