تركيز إعلامي على كون المشتبه به عاملاً وافدا في قضية (طفل سحاب)

تركيز إعلامي على كون المشتبه به عاملاً وافدا في قضية (طفل سحاب)

  • 2017-10-30
  • 12

 

أكيد – حسام العسال

أبرزت العديد من وسائل الإعلام توصيف المشتبه به بقتل "طفل سحاب" بأنه "عامل وافد"، بعد إعلان مديرية الأمن العام القبض عليه وتوصيفها للمشتبه به بأنه عامل وافد، وهي ممارسة لا تعكس أي قيمة إخبارية،  وتُساهم في نبذهم وتكوين صورة نمطية سلبية عنهم.

إدارة العلاقات العامة والإعلام في مديرية الأمن العام أصدرت بياناً ذُكر فيه أنه ألقي القبض على عامل وافد مشتبه بتنفيذه للجريمة، وأنه اعترف بقتل الطفل ومحاولة الاعتداء الجنسي عليه.

وركزت العديد من وسائل الإعلام على كون المشتبه به من العمالة الوافدة كما ورد في بيان الأمن العام، وأبرزت ذلك في عناوينها، وكذلك في متن الخبر.

الأمن: عامل وافد وراء جريمة اغتصاب وقتل طفل في سحاب

عامل وافد وراء جريمة اغتصاب وقتل طفل في سحاب

القبض على " عامل وافد " قتل طفلا والقاه في بركة مياه بعد محاولة الاعتداء عليه جنسيا

عامل يعتدي جنسياً على طفل ويقتله في سحاب

وذكر أحد المواقع جنسية العامل الوافد بشكل صريح في خبره المعنون بـ "تفاصيل مروعة.. كاميرات صورت قاتل طفل سحاب وهو يقوم بجريمته"، في المقابل التزمت إحدى الصحف اليومية بعدم الإشارة إلى جنسية المشتبه به سواء بالتصريح أو بالتلميح في تقريرها المعنون بـ "خلل بإجراءات الحماية الأسرية يفضي إلى مصير مأساوي لطفل سحاب"، الأمر الذي يُعد ممارسة مهنية متميزة وسط التركيز الكبير من معظم وسائل الإعلام على الإشارة إلى كون المشتبه به غير أردني.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تواصل مع المدرب في مجال الإعلام من مؤسسة "صحافيون من أجل حقوق الأنسان" محمد شمّا وسأله عن مشروعية ومهنية الإشارة للمشتبه به بأنه من العمالة الوافدة فقال إنه "لا قيمة إخبارية من توصيف المشتبه به بأنه وافد أو غير وافد، وتبدو الغاية هنا وكأنها تحريض على مجموعات تُقيم وتعمل بالأردن، وتُظهرها بمظهر المتسبب بالقتل والجريمة في الأردن، وأعتقد أن ذلك يُشكل واحدة من نقاط تعزيز الكراهية ضد الفئات".

وأضاف شمّا أن هذه الممارسة "تتعارض مع الأخلاقيات المفترض على وسائل الإعلام الالتزام بها، وضرورة الابتعاد عن كل ما يحض على نبذ الآخر والكراهية وتوصيف الجماعات بشكل قد يؤلب عليهم ويزيد من الكراهية ضد هذه الفئات".

وشدد شمّا على ضرورة وجود مراجعة لطريقة تغطية أخبار الجرائم في وسائل الإعلام والتي يتم توصيف المجرمين بها على أنهم ينتمون لجماعة معينة، خصوصاً أن هذه الممارسة قد تُعزز من حلقة العنف وإثارة وتعزيز الاعتقاد أن هناك جماعات غير مقبولة في الأردن، وأنها خارج عاداتنا وتقاليدنا وبالتالي الذهاب باتجاه طردها أو احتمالية تعرضهم لإساءات لفظية أو جسدية، والإعلام أحد هذه المنابر التي قد تكون مشجعة على هكذا ممارسات.

وتساءل شمّا، "هل الغاية من ذكر الجنسية إعطاء مساحة للقراء ليدركوا أن المجتمع الأردني يخلو من المجرمين، وأن المجرمين محصورين فقط في العمالة الوافدة؟".

وحول بيان إدارة العلاقات العامة والإعلام في مديرية الأمن العام الذي أشار إلى أن المشتبه به عامل وافد قال شمّا إنه "لا يوجد مبرر ولا قيمة لذلك في البيان، وإن لم يتم ذكر الجنسية والاكتفاء بذكر أنه وافد، فعند التحدث عن العمالة الوافدة فمن المعروف مجتمعياً أنها إما عمالة مصرية أو سورية أو آسيوية في الغالب، الأمر الذي قد يُساهم في نبذ الوافدين وكراهيتهم ومضايقتهم".

ولوحظ في تغطية وسائل الإعلام لهذا الحدث ذهاب بعض المواقع إلى الجزم بكون المشتبه به اغتصب الطفل مع أن بيان "الأمن العام" ذكر أن تقرير الطب الشرعي أكد "تعرض الطفل للخنق ومحاولة الاعتداء الجنسي عليه قبل وفاته"، الأمر الذي يُنافي معيار الدقة والتحقق من صحة المعلومات المنشورة.

ويرى مرصد (أكيد) أن الإشارة إلى جنسية المشتبه أو التلميح إليها لا تضيف ما هو قيّم للقارئ، بل يجب تجنب ذلك، إذ أن تلك الإشارة تُساعد في تكوين صورة نمطية سلبية لتلك الجماعات والفئات وربطها بأفعال إجرامية وغير أخلاقية دون الاستناد الى ما هو واقعي وعلمي، الأمر الذي قد يخلق حالة من الكراهية لتلك الفئات ونبذها، والإضرار بالتعايش معها.

يُذكر أن المادة الخامسة من ميثاق الشرف الصحافي نصت على "يلتزم الصحافيون بالعمل على تأكيد الوحدة الوطنية والدعوة إلى التضامن الاجتماعي وتجنب الإشارة المؤذية والمسيئة لعرق الشخص أو لونه أو دينه أو جنسه أو أصله أو أي مر ض جسدي أو عقلي أو إعاقة يعاني منها. على أنه يمكن ذكر (التمييز) فقط في حال كان ذلك يحقق مصلحة وطنية".