تغطيات إعلامية مفرّغة من قيمتها الإخبارية

تغطيات إعلامية مفرّغة من قيمتها الإخبارية

  • 2015-09-28
  • 12

أكيد – دلال سلامة

ما الذي قاله الملك لقادة الأعمال الأميركيين عن المزايا الاستثمارية للأردن؟

هذا هو السؤال الذي سيخرج به قارئ لخبر خُصّص لتغطية ما قاله الملك عن المزايا الاستثمارية في الأردن لقادة أعمال أميركيين.

الخبر الذي نشرته "بترا" يوم 27 أيلول (سبتمبر) الجاري، وأعادت صحف "الدستور" و"الرأي" و"الغد"، إضافة إلى مواقع إلكترونية، نشره اليوم التالي، كان جزءا من تغطية الجوانب المختلفة لزيارة الملك عبد الله الثاني إلى الولايات المتحدة. والذي كان من بينها اللقاء السابق الذكر، الذي عقده مع رجال أعمال أميركيين، وهدف إلى ترويج الأردن استثماريا.

 لكن الخبر الذي قال إن الملك "استعرض" أمام هؤلاء القادة "المزايا الاستثمارية" في الأردن، لم يذكر أيّا من هذا المزايا. فقد ذكر أن الملك "تناول حزمة التشريعات الاقتصادية الجديدة الهادفة إلى تسجيع الاستثمار وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص"، لكن من دون أن يزوّد القارئ بأي معلومة عن هذه التشريعات الجديدة.

كما ذكر أن الملك "لفت إلى مجموعة الفرص والمشروعات الاستثمارية (...) في قطاعات الطاقة والمياه والنقل والبنية التحتية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتنمية الحضرية"، كان قد أُعلن عنها في أيار (مايو) الماضي، لكنه لم يذكر اسم أي واحدة منها.

صحيح أن نشاطات الملك، وكبار المسؤولين، تشّكل في حالات خاصة أخباراً بحد ذاتها، من دون الخوض في تفاصيلها، لكن ذلك ليس أمراً مطلقاً، وينتظر من وسائل الإعلام تحري الدقة والاقتصاد في ذلك واقتصاره على الضروري. ففي الحالة التي نناقشها هنا، أهملت المادة المنشورة، الجزء الأهم وهو ما دار خلال هذا اللقاء، الذي ظلت معرفته محصورة بمن حضروه، أو ربما بمن قرأوا تغطيات صحفية أخرى له، فالخبر السابق لم يفعل أكثر من أنه اختصر المضمون في عناوين عامة، لم تقدم أي معلومة محددة. 

الخبر السابق ليس استثناء، فهناك الكثير من الأخبار المشابهة التي تغطي لقاءات لشخصيات رسمية، لكن من دون أي معلومات حقيقية عمّا دار في هذه الاجتماعات، ومنها على سبيل المثال خبر لقاء وزير الداخلية، سلامة حماد، الذي نشرته "بترا" بداية الشهر الجاري بوزير الخارجية القطري، خالد العطية.

ففي هذا الخبر، الذي أعادت نشره صحف ومواقع إخبارية، يُذكر أن الجانبين بحثا "أوجه التعاون المشترك" و"أبرز التطورات التي تشهدها المنطقة وتداعياتها على الصعد العربية والإقليمية والدولية". كما يقول الخبر إنهما ناقشا "بلورة رؤى مشتركة تجاه هذه التطورات". لكن الخبر لا يقدم أي معلومة عن"أوجه التعاون المشترك" القائمة أو مقررة في المستقبل. ولا يحدد أيّا من التطورات التي ناقشها الطرفان، ولا يشير إلى أي من انعكاساتها. وهو أيضا لا يقدم أي ملمح لـ"الرؤى المشتركة تجاه هذه التطورات". والمحصّلة هي أن المعلومة الوحيدة الواضحة في هذا الخبر، هي فقط أن المسؤولين التقيا.

مثال ثالث، هو خبر نشرته "بترا"، نهاية تموز (يوليو) الماضي، وغطّى لقاء نائبين هما، زكريا الشيخ، وهايل الدعجة، بإعلاميين أردنيين عاملين في الخارج. وينقل الخبر، الذي أعادت نشره صحف ومواقع إلكترونية، أن النائب الدعجة أشار إلى "إنجازات" مجلس النواب الحالي في ما يتعلق بـ"العديد من التشريعات الإصلاحية السياسية والاقتصادية والتشريعات المتعلقة بالعمل الإعلامي"، وهي إنجازات أسهمت وفق الخبر بـ"تحديث الإعلام وتطويره". كما ينقل الخبر أن النائبين استمعا إلى من الإعلاميين إلى "مطالبهم واحتياجاتهم والتحديات التي تواجههم".

 لكن الخبر السابق لم يسمّ أيّا من هذه التشريعات الإصلاحية التي أُشير إليها، كما أنه لا يذكر أي واحدة من "المطالب والاحتياجات والتحديات" التي قال الإعلاميون إنها تواجههم في الخارج.

ما سبق هو مجرد نماذج على أخبار تقدّم تغطيات للأحداث مفرّغة من القيمة الإخبارية. وهي تفعل ذلك عندما لا تزوّد القارئ بالمعلومات الأساسية اللازمة لفهم الحدث. وتكون بذلك قد أخلّت بمعياريّ "الدقة" و"الوضوح".