على وجه السرعة، التقطت وسائل الإعلام خبر إغلاق المقر الرئيسي لجماعة الأخوان المسلمين في منطقة العبدلي، قبل ظهر يوم الأربعاء 13 نيسان (أبريل) الجاري، إذ خلال أقل من 24 ساعة، نشر أكثر من 70 خبرا في مختلف المواقع الإخبارية ومواقع الصحف. ومن المرجح أن الواقعة ستحظى بالمزيد من التغطيات الإخبارية خلال الأيام المقبلة.
نجري في ما يأتي قراءة مقارنة سريعة ووصفية، لتعاطي الصحف الرئيسية الأربع: "الرأي" و"الدستور" و"الغد" "السبيل"، مع الخبر، في الطبعة الأولى التي تلت الواقعة، أي في العدد الصادر يوم الخميس من كل صحيفة. وفي ما يتعلق بتغطيات المواقع الإلكترونية الإخبارية، فسوف نكتفي بملاحظة لافتة، تخص الصيغ المختصرة التي اعتمدت فيها على العموم، فقد اكتفت أغلب المواقع، لغاية لحظة كتابة هذا التقرير، بذكر الحادثة دون المزيد من التفاصيل أو التداعيات، أو ذكر خلفيات الخبر ومواقف الأطراف ذات العلاقة به.
في النسخ الورقية للصحف، تقاسمت الأعداد الصادرة في هذا اليوم عنصري الحياد والانحياز بشكل لافت:
فقد عنونت "الغد" على الصفحة الأولى كالتالي: "إغلاق مقري الأخوان الرئيسي وجرش بالشمع الأحمر". ونشرت في الداخل الكثير من التفاصيل والخلفيات، احتلت نصف صفحة كاملة، وعرضت فيها مواقف مختلف الأطراف: الأخوان أصحاب المقر المغلق، وجمعية الأخوان المرخصة باعتبارها المشتكي ضد جماعة الأخوان "غير المرخصة"، وقالت إنها لم تتمكن من الاتصال بمصدر في وزارة الداخلية، واستعاضت عن ذلك بمصادر "متطابقة غير رسمية" عرضت موقف الحكومة.
صحيفة "الدستور" نشرت الخبر على صفحتها الأولى بعنوان "إغلاق مقرات لـ"الأخوان غير المرخصة" في عمان وجرش بالشمع الأحمر" مع العنوان الفرعي التالي: "الداخلية: المقرات تضم في أروقتها تجمعات ونشاطات ممنوعة". وهذا الكلام منسوب إلى "مصدر مطلع في وزارة الداخلية طلب عدم ذكر اسمه". وفي الداخل نشرت الصحيفة مادة مطولة أعدها أربعة صحفيين، من بينهم مندوبا الصحيفة في جرش، وفي وزارة الداخلية. واستعرضت المادة مواقف شتى الأطراف ذات الصلة.
يمكن القول إن الصحيفتين أعلاه قدمتا مادتين فيهما قدر ملحوظ من الحياد والموضوعية.
أما صحيفتا "الرأي" و"السبيل" فقد اتخذت كل منهما موقفا منحازا بلا مواربة، ولكن في اتجاهين متقابلين؛ فالأولى تبنت الرواية الحكومية الرسمية، بينما تبنت الثانية موقف جماعة الأخوان المسلمين.
"الرأي" نشرت الخبر على الصفحة الأولى بعنوان: "إغلاق مقر "الأخوان" غير الشرعية بناء على شكوى رسمية". وفي التفاصيل، فسّر معد المادة القرار بـ"استقواء هذه الجماعة غير المرخصة التي يقودها همام سعيد وأعوانه على هيبة الدولة (...) مستخدمين اسم الجماعة المرخصة وشعارها". ونسب الخبر إلى "مصادر موثوقة" قولها إنه "بعد تنفيذ الأمر القانوني بإغلاق المركز العام، بادر القائمون على مراكز الجماعة في عدد من المحافظات من تلقاء أنفسهم إلى تسليم مفاتيح المقرات للجهات الرسمية"، وإنه "لا صحة لما تروج له عناصر في الجماعة غير المرخصة بأن الأجهزة الأمنية أغلقت المقار". هذا مع أن الصورة المرفقة مع الخير، على الصفحة الأولى، هي لمقر الجماعة في جرش، وقد أغلق بالشمع الأحمر.
لكن اللافت في تغطية "الرأي" هو أن موقع الصحيفة الإلكتروني نشر مادة لمندوب الصحيفة في إربد، اقتصرت على تصريحات لنائب أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي للأخوان، صاحبة المقر المغلق)، هاجم فيها قرار الإغلاق، لكن الصحيفة لم تنشرها على نسختها الورقية.
أما الصحيفة الرابعة "السبيل"، فقد تبنت الموقف المعاكس، ونشرت الخبر على رأس صفحتها الأولى العنوان الآتي: "الأخوان: إغلاق المركز العام عودة للأحكام العرفية"، مع عناوين فرعية في الاتجاه ذاته. وفي التفاصيل التي احتلت نصف صفحة، اكتفت الصحيفة بنقل رواية الجماعة ومواقف أنصارها، وبيانات الناطق باسمها وبيان حزب جبهة العمل الإسلامي المؤيد لها.
يود مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" الإشارة، إلى أنه في مثل هذا النوع من الأخبار الجاذبة للجمهور، فإن توفر القيمة الإخبارية التي تشمل المعلومة الدقيقة، يعد العنصر الأساسي لكي تصبح المادة المنشورة ذات قيمة إيجابية للقارئ الباحث عن المعرفة، وأن تحقيق هذا الهدف لا يتناقض مع السياسة التحريرية للوسيلة الإعلامية، فليس المطلوب أن تكون المواد بصيغة واحدة، إذ أن تنوع زوايا النظر ضروري، بشرط أن يأتي في سياق مهني سليم. والملاحظ من الرصد أعلاه أن ذلك تحقق حينا وغاب تماما حينا آخر.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني