تغطية العاصفة الثلجية "جنى": الصحف غطّت ما "قالته" المؤسسات لا ما "فعلته"

تغطية العاصفة الثلجية "جنى": الصحف غطّت ما "قالته" المؤسسات لا ما "فعلته"

  • 2015-03-31
  • 12

في شباط (فبراير) الماضي، ضربت المملكة العاصفة الثلجية "جنى"، التي بدأت مساء الخميس 19 شباط، واستمرت نحو ثلاثة أيام. وحظيت بتغطية واسعة، تعدت الـ600 مادة إخبارية، في صحف "الدستور" و"الرأي" و"السبيل" و"العرب اليوم" و"الغد"، وكان أحد أبرز سماتها، هو أنها في تغطيتها لجانب تعامل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية مع العاصفة وآثارها، استندت بشكل شبه كلّي إلى رواية القائمين على هذه المؤسسات الخدمية، فكانوا صوتا وحيدا في 88% من هذه الأخبار، مقابل 12% فقط، خُصّصت لشهادات الناس، مستقبلي هذه الخدمات.

يحلل هذا التقرير تغطية هذه العاصفة ابتداء من 16 -28 شباط الماضي، في النسخ المطبوعة والمواقع الإلكترونية لصحف "الدستور" و"الرأي" و"السبيل" و"العرب اليوم" و"الغد". وقد شمل التحليل المواد المنشورة في الموقع الإلكتروني، لأن الصحف احتجبت أثناء العاصفة، بعضها ليوم، وبعضها الآخر لأكثر، لكنها استمرت في تغطيتها الظروف الجوية وتداعياتها، إضافة إلى أنها صدرت أثناء العاصفة بنسخ أخفّ من إصداراتها المعتادة، وبذلك، فإن جزءا مهما من التغطية لم يجد طريقه إلى المطبوعة. وقد استُخدمت آلية البحث المتقدم في غوغل للبحث عن المواد المنشورة إلكترونيا، باستخدام الكلمات المفتاحية: عاصفة، منخفض، ثلج، ثلوج، جنى. وحُذفت من الإحصاء المواد المكررة النشر إلكترونيا[1]، وتلك المنشورة في المطبوعة.

بلغ مجمل التغطية في الصحف الخمس 635 خبرا، تراوح حجمها بين 30 كلمة، كما هو الحال في بعض أخبار تعليق الدوام ، و4000 كلمة، في بعض التغطيات المجمّعة للمحافظات، وبعدد كلمات 147 ألف كلمة تقريبا.

وتمحورت الأخبار قبل دخول العاصفة حول استعدادات المؤسسات الخدمية المختلفة، من بلديات وكهرباء وصحة ودفاع مدني وأمن عام وغيرها، كما كانت هناك أخبار التوقعات الجوية للفترة القادمة، وإرشادات عامة بخصوص التعامل مع الظروف الجوية الطارئة، ورصد استهلاك الناس للمواد الغذائية والمحروقات، وتعليق الدوام، وتأجيل الفعاليات، وغيرها.

أما الأخبار أثناء العاصفة، فقد تركزت على أداء المؤسسات أثناء العاصفة، وتمثلت في فتح الطرق، وإنقاذ العالقين، وإسعاف الحالات الطارئة، وضبط التجاوزات، ومعالجة انقطاعات الكهرباء، كما كانت هناك أخبار الحالة الجوية، والطرق، والإرشادات، إضافة إلى تغطيات لاستقبال الناس الثلج.

ومع انسحاب العاصفة وما بعدها، ظهرت إضافة إلى أخبار التعامل مع بقاياها، والحالة الجوية والطرق، أخبار آثارها من تلف شوارع، وتكسر أنابيب مياه، وانهيارات الجدران الاستنادية، وخسائر مزارعين، وغيرها، إضافة إلى أخبار حصيلة العاصفة، من استهلاك، وخدمات قدّمتها المؤسسات المختلفة، وأخبار تأجيل الدوام في المؤسسات.

وفي المجمل، كان لتغطية مواجهة العاصفة والتعامل مع آثارها الحصة الأكبر من التغطية، إذ غُطّيت في ما نسبته 51% تقريبا من الأخبار[2]، تلتها مجموعة أخبار الحالة الجوية وكميات الهطول وحالة الطرق وإرشادات التعامل مع العاصفة، التي غُطّيت في 20% تقريبا من التغطية، ثم أخبار  استعدادات المؤسسات المختلفة للعاصفة، وبلغت 17% تقريبا، ثم القرارات الرسمية بالتعطيل وأوقات الدوام، وتأجيل الفعاليات، التي غطّيت في 10% تقريبا من الأخبار، وأخيرا المواد الصحفية التي غطّت التفاعل المجتمعي مع هطول الثلج في جانبه الإنساني، إضافة إلى حركة الاستهلاك، وهذه غُطّيت في ما نسبته 5%  تقريبا من الأخبار، إضافة إلى موضوعات متفرقة.

1

ويلاحظ متابع التغطية أن الصحف لعبت دورا خدميا أساسيا، فقد زوّدت الجمهور، عن طريق مواقعها الإلكترونية، بتحديثات مستمرة وتفصيلية للحالة الجوية، وحالة الطرق، في أنحاء المملكة، وتابعت قرارات التعطيل وتأجيل الدوام، والتعديلات على هذه القرارات، كما أنها نقلت بشكل حثيث الإرشادات التي وجهتها المؤسسات المختلفة للتعامل مع الحالة الجوية، مع قطاعات مختلفة، هي إضافة إلى المواطنين بشكل عام، المزارعين، ومربي الثروة الحيوانية، وساكني الخيام، وسكان الأماكن القريبة من السيول، وغيرها.

2

ولم تختلف النتائج التفصيلية في الصحف، في بعض الجوانب، عن النتائج العامة، فقد اشتركت الصحف في أنها خصصت ما يقارب نصف التغطية في كل منها للأخبار ذات الطابع الوطني العام، كما اشتركت في أنها أعطت الأولوية للعاصمة عمان، التي احتلت المركز الأول في تغطيات المحافظات في الصحف الخمس ، بنسب تتراوح بين 17و26%، واشتركت أيضا في أنها أولت اهتماما خاصا بعجلون التي احتلت واحدا من المراكز الثلاثة الأولى بين المحافظات، في الصحف الخمس، بنسب بين 8 و9%، وقريب منها الطفيلة التي احتلت واحدا من المراكز الثلاث الأولى في أربع صحف، بنسب تغطية بين 7و14%.

وقد اشتركت الصحف أيضا  في أن محافظة مادبا احتلت واحدا من الثلاث مراكز الأخيرة  في الصحف الخمس، بنسب تغطية تتراوح بين 0.6 و2%.

ما عدا ذلك، فقد تفاوتت الصحف، في تحديد أولوياتها في ما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للتغطية، فعلى سبيل المثال، الطفيلة التي كانت المحافظة الأكثر تأثرا بالعاصفة الثلجية، في ما يتعلق بانقطاعات الكهرباء وإغلاق الطرق، حظيت بمركز متقدم في كل من "الغد" و"الرأي"، إذ جاءت في الصحيفتين تالية لعمان، بنسبتي تغطية بين 12% تقريبا، و13% تقريبا على التوالي، وهما، عندما نستثني عمان، أعلى نسبتي تغطية لأي محافظة أخرى، لكن الحال لم تكن كذلك في الصحف الثلاث الأخرى، التي خصّصت لها ما بين 5-7% من تغطيتها، وهي نسب قريبة لمحافظات أخرى لم تؤثر العاصفة فيها كما فعلت في الطفيلة.

تغطية أداء المؤسسات

لوحظ في تغطية الصحف أداء المؤسسات، وما قدّمته من خدمات في التعامل مع العاصفة وما بعدها، أن هذه التغطية، قد أخلّت في المجمل، بمعيار التوازن، في رواية الأحداث، عندما اعتمدت بشكل شبه كامل على رواية هذه المؤسسات، وهمّشت بشكل كبير الناس، مستقبلي هذه الخدمات، فقد بلغ عدد أخبار التعامل مع العاصفة وما بعدها، كما سبقت الإشارة،  326 مادة صحفية، شكّلت 51% تقريبا من محمل التغطية، وقد اشتمل ما نسبته 88% تقريبا من هذه الأخبار على صوت وحيد هو صوت المسؤول، مقابل 12% تقريبا، فقط مواد صحفية ظهرت فيها أصوات للناس. وفي النتائج التفصيلية للصحف، كانت "الغد" هي الأعلى تمثيلا للناس، بنسبة 21%، في حين كانت "العرب اليوم" الأدنى بنسبة 2%.

3

لقد كُرست معظم التغطية لأصوات المؤسسات، التي أصدرت قبل العاصفة بيانات استعرضت فيها استعداداتها، ثم أصدرت أثناء العاصفة، بيانات استعرضت فيها جهودها، ثم بعد انقشاع العاصفة، أصدرت بيانات استعرضت فيها حصيلة هذا الأداء، ومن هذه المؤسسات من هنّأ نفسه بنفسه على هذا الأداء.

لقد غُطّيت مثلا الفاعلية في معالجة انقطاعات الكهرباء، وإسعاف الحالات الطارئة، وفتح الطرق، ومعالجة المرضى، وكفاءة الاتصالات والإنترنت، والتعامل مع ما بعد العاصفة من آثار،  وفي الأغلبية الساحقة مما سبق، كان صوت المسؤول هو الصوت الوحيد. مع ملاحظة أن "المسؤول" هنا لا يعني فقط المسؤول الحكومي، بل يشمل أيضا القائمين على جهات خاصة وأهلية، عرض الإعلام جهودها في مواجهة العاصفة وفي التعامل في ما بعد مع آثارها، لكن من دون صوت للناس، ومن ذلك الأخبار عن مساهمات نقابتي المهندسين، والمعلمين، وغرفة تجارة عمان، وشركات قطاع خاص، وجمعيات خيرية، ومبادرات تطوعية أهلية.

وواضح أن قسوة الطقس وإغلاق الطرق، وصعوبة الحركة، هي عوامل معيقة لتقصي فعالية أداء المؤسسات أثناء اشتداد العاصفة، لكن الملاحظ أن ضآلة المساحة المخصصة لأصوات الناس، هي سمة لمجمل التغطية، بما فيها تلك التي تلت العاصفة، وغطّت التعامل مع آثارها.

إن أهمية حضور الناس في التغطية، تكمن في أن رواياتهم، كانت ستؤكد روايات المسؤولين، أو تنقضها، أو تكمل الناقص فيها، وكان هذا كله سيجعل الصحف، تنهض، من ناحية، بدورها حلقة وصل بينهم والمؤسسات المكلفة بخدمتهم، وكان سيساعدها، من ناحية ثانية، على ممارسة دورها أداة رقابة  ومحاسبة.

وتمثّل تغطية محافظة الطفيلة، نموذجا على ما سبق، فالطفيلة كانت من أكثر المحافظات تأثرا بالعاصفة، فقد أُغلقت طرقها، وقطعت عنها الكهرباء والاتصالات والإنترنت، وعزلت قرى بأكملها فيها عن العالم يومين، رغم أنه قبل يومين من العاصفة، أصدرت الجهات المعنية بيانات تؤكد فيها "جاهزيتها القصوى" لها، فإضافة إلى بيانات هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن[3]، ووزارة الأشغال[4]، ووزارة البلديات[5]، التي أكدت جاهزيتها التعامل مع العاصفة في مختلف أنحاء المملكة بشكل عام، كان هناك استعراض لاستعدادات مؤسسات القطاعات الخدمية المختلفة في الطفيلة بشكل خاص، من بينها مثلا، سلطة كهرباء الطفيلة، التي نفذت قبل العاصفة حملة صيانة لخطوط الكهرباء في لواء بصيرا، الذي كان، في ما بعد، من بين أكثر مناطق المحافظة تضررا بانقطاعات الكهرباء.

لكن العاصفة التي بدأ تأثيرها مساء الخميس 19 شباط، على المناطق الشمالية من المملكة، وامتدت فجر الجمعة إلى المناطق الجنوبية، من بينها الطفيلة، كانت بحلول عصر ذلك اليوم، قد أغلقت بحسب ما نقلت صحف عن "بترا" "كافة" طرقها الرئيسية والفرعية، وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي وخدمات البث الخلوي والإنترنت عن "مناطق واسعة". وصرّح  محافظ الطفيلة، أحمد جرادات، معلقا على جهود فتح الطرق إنه "لا جدوى" من فتحها، لأن التساقط الكثيف للثلوج يعيد إغلاقها. ووفق تقرير لـ"الغد"، فإن انقطاع الكهرباء "بدأ مع الساعات الأولى لتساقط الثلوج"[6]، الأمر الذي أكده المحافظ لـ"الغد"، بعد انقشاع العاصفة، إذ قال إن التيار الكهربائي انقطع فجر الجمعة عن جميع مناطق المحافظة، واستمر 15 ساعة، ثم انقطع مرة ثانية عن أغلب مناطقها الجنوبية. في حين نقلت الصحيفة في التقرير نفسه، عن مواطنين في المحافظة أن الكهرباء انقطعت عن مناطقها الجنوبية "أكثر من 48 ساعة"، وكان الانقطاع في بعض المناطق متقطعا، في حين استمر في بعضها الآخر "لنحو يومين". ووفق هؤلاء المواطنين، فقد توقفت "معظم الخدمات" في المحافظة، وتعطلت المخابز في أجزائها الجنوبية، وتعطلت شبكات الهاتف الخلوي، ما منعهم من الاتصال مع غرف الطوارئ، الأمر الذي "أدخلهم في ظلام دامس". كما قالوا أيضا إن إجراءت الجهات المسؤولة كانت "بطيئة وغير فاعلة"، وأن تعاملها مع المنخفض السابق "كان أفضل بكثير".

لم يربط الإعلام بين بيانات التأكيد على الجاهزية التي سبقت العاصفة، ونوع الأداء الذي تمّ فعلا أثناءها، ولم يقدّم بالتالي إجابة شافية على السؤال المتعلق بسبب الخلل في هذه الحالة، هل كان في الاستعدادات، أم في التنفيذ، أم أن العاصفة حملت طارئا تجاوز خطة الطوارئ الموضوعة؟ فحضور المحافظة في الصحف خلال العاصفة، ومع انسحابها، كان في معظمه قاصرا على عرض جهود المسؤولين في معالجة الوضع من فتح الطرق، وإصلاح أعطال الكهرباء[7]، وتأمين الخبز[8] للسكان، وهو عرض تولاه المسؤولون أنفسهم، لهذا افتقرت هذه الأخبار إلى ركن أساسي، هو نوعية هذه الجهود وفعاليتها، التي لم يكن للجمهور أن يحصل على صورة حقيقية لها، إلا بشهادات مستقبلي هذه الخدمات، وهم السكان، لكن تغطيات جهود مواجهة العاصفة وما بعدها، لم تخصص لهؤلاء إلا مساحة بالغة الضآلة.

هذا الاتجاه في التغطية، جعلها قاصرة عن نقل ماحدث فعلا، وإلى الآن، لسنا على دراية حقيقية بمعاناة السكان أثناء العاصفة، والكيفية التي تدبروا بها أمورهم، وفعالية الجهود التي بُذلت لمساعدتهم على اجتياز الأزمة. ومثال على ذلك مسألة توفر الخبز، ففي حين صرّح نقيب أصحاب المخابز عبد الاله الحموي، يوم 20 شباط، أن المخابز  في المملكة تعمل بشكل طبيعي "باستثناء مخابز الطفيلة جراء انقطاع التيار الكهربائي" مستدركا بالإشارة إلى "وجود مخبز كبير هناك يملك مولدا كهربائيا ولديه القدرة على توفير مادة الخبز للمواطنين هناك"، فقد قال مدير الصناعة والتجارة في الطفيلة، إبراهيم الحوامدة، يوم23 شباط إن "أغلب المخابز في الطفيلة ظلت تعمل"، وأشار إلى الإيعاز "للمخابز في فترة انقطاع التيار الكهربائي بتشغيل المولدات الخاصة بها". وبين هذين التصريحين، نقلت "الغد عن مواطنين في المحافظة شكواهم من "عدم قدرتهم على التزود بالخبز نتيجة توقف المخابز خصوصا في المناطق الجنوبية من المحافظة".

الوزير التركي مُحتَجز في الطائرة

هذا الاتجاه في تقييم أداء المؤسسات، المستند بشكل شبه كلّي إلى رواية المسؤول مقدّم الخدمة، بما ينطوي عليه ذلك من نزعة طبيعية لإخفاء الخلل والتردي، يثير التساؤل عما يمكن أن تكون قد أغفلته التغطيات من مواطن خلل، كان من حق الجمهور معرفتها. وهل كان هناك، إضافة إلى الطفيلة، مواطن خلل في مناطق أخرى، لكنها لم تخرج إلى الإعلام لأنها لم تكن بحجم عزل قرى بأكملها عن العالم، كما حدث في الطفيلة؟

تقدّم التغطيات حادثة، أغفلها الإعلام تقريبا، لهذا فهي تعمّق هذا التساؤل، هي حادثة احتجاز وزير تركي سبع ساعات في طائرة في مطار الملكة علياء، أثناء العاصفة، بسبب تراكم الثلوج على أرض المدرج. الحادثة التي غطّتها مواقع أردنية قليلة، لا تكمن قيمتها الخبرية أساسا في ارتباطها بشخصية دولية، بل في أن الخبر الذي خرج في الإعلام التركي والعربي، وبعض مواقع أردنية، أثناء احتجاز الوزير، تضمّن تصريحا لمسؤولي الخطوط التركية التي تتبع إليها الطائرة يفيد بأنهم، يحاولون التواصل مع أي مسؤول أردني، لكن من دون أن "يجدوا من يناقشون معه الوضع داخل المطار".

وفي تفاصيل القصة، صباح الجمعة، 20 شباط (فبراير) الماضي، نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "السبيل" ومواقع إخبارية أردنية، وصحيفة "القدس" اللندنية، عن وكالة أنباء "الأناضول" التركية، خبر احتجاز وزير التعليم التركي "نابي أوجي"، داخل طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية، وقالت إنه مع الركاب محتجزون "منذ خمس ساعات" في الطائرة، التي لم تتمكن من الإقلاع "بسبب هطول الثلج الكثيف، وعدم توفر الإمكانيات اللازمة للتعامل مع الوضع".وأشار الخبر إلى أن الوزير والركاب غير قادرين على مغادرة الطائرة بسبب "عدم توفر من يقوم بتنظيف المدرج"، في حين أن "انقطاع الكهرباء عن الطائرة تسبب في توقف أجهزة التكييف عن العمل"، واللافت، أن الخبر قال إن مسؤولي الخطوط الجوية التركية يجدون "صعوبة في إيجاد من يناقشون معه الوضع داخل المطار، ولا يزالون بانتظار تصريح من المسؤولين الأردنيين".

في النهاية، أُعلنت السفارة التركية في عمان انتهاء الأزمة، عندما أصدرت بيانا غطّته "الأناضول" ومواقع تركية، قالت فيه إن الطائرة تمكنت، أخيرا، من الإقلاع الساعة 9.40 صباحا، أي بعد "ما يقارب سبع ساعات" من بقائها على أرض المطار.

وكما حدث مع الطفيلة، فحادثة الوزير التركي، جاءت بعد يومين نشرت خلالهما الصحف الخمس تأكيدات "مجموعة المطار الدولي"، المشغّل لمطار الملكة علياء مسؤولي المطار جاهزيته للتعامل مع الظروف الجوية المتوقعة، ففي 17 شباط، أكّدت "مجموعة المطار الدولي"، المشغّل لمطار الملكة علياء "الجاهزية الكاملة لكافة معداتها وآلياتها اللازمة خلال العاصفة الثلجية من كاسحات ثلوج وسيارات مزودة بكاسحات ثلوج"، ويوم  19، أعادت الصحف الخمس نقل التأكيدات السابقة، عندما نشرت بيانا للمجموعة يؤكد "الجاهزية الكاملة لكوادر المطار وتواجدهم الدائم للرد على الاتصالات الواردة وتقديم الخدمات المطلوبة بأفضل صورة ممكنة".

هنا أيضا، ليس معروفا إن كان التعثر في التعامل مع الحادثة السابقة نتاج خلل في الجاهزية التي سبق لمسؤولي المطار أن أكدوا عليها، أم أنه نتيجة طارئ تجاوز خطة الطوارئ التي قال المسؤولون إنها فُعّلت؟ فالإعلام لم يطرح السؤال، ومجموعة المطار لم تصدر توضيحا بخصوص الحادثة، رغم أنها أصدرت بعد ساعات من تداول أخبار الحادثة بيانا نشرته أيضا الصحف الخمس، أعلنت فيه تحويل 3 رحلات قادمة إلى المملكة إلى مطارات بديلة، لكنها أكدت في سياقه مواصلة "تنفيذ إجراءات الوقاية من التجمد وإزالة الثلوج على مدار الساعة ودون توقف للمدرج  وممرات الطائرات ومواقف اصطفافها"، من دون أي إشارة إلى الحادثة السابقة.

إضافة إلى غياب أي تفسير لهذه الحادثة، فإنها تعيد طرح سؤال، إن كان هناك اختلالات أخرى لم تُعلن للجمهور، في حين خرجت هذه إلى الإعلام، فقط بسبب صدفة ارتباطها بشخصية سياسية دولية، فهنا أيضا، اقتصر دور الصحف، في ما يتعلق بجاهزية المطار، على نشر تغطيات موحدة لبيانات المجموعة، أعلنت فيها "الجاهزية" للعاصفة، ثم أعلنت "فعالية" الأداء خلالها، لكن من دون أن يكون هناك جهد صحفي لمراقبة هذا الأداء، من خلال استقصاء تجارب أشخاص تعاملوا مع المطار خلال العاصفة.

حضور صوت الناس، بوصفهم طرفا أساسيا في تغطية العاصفة، لم يكن ضروريا فقط للتثبت من دقّة الرواية، بل هو ضروري، كي يتحقق في هذه التغطية، بالذات، أحد شروطها الأساسية، وهو "الأنسنة"، أي ربط الوقائع المجردة التي عرضتها الأخبار، على شكل أرقام  وعبارات عامة، بتفاصيل حياتية إنسانية ترصد معاناة الناس، وتنقل عنهم جوانب في القصة لا يمكن لأحد غيرهم عرضها، وتجعلهم أكثر من مجرد أرقام صدّرتها البيانات الرسمية، مثل  الـ96 حالة ولادة، التي تمت أثناء العاصفة في مستشفى البشير، والـ750 محاصرا، الذين أنقذهم الدفاع المدني، والـ287 أسرة فقيرة، التي زوّدتها وزارة التنمية الاجتماعية بمعونات أثناء العاصفة، وغيرها الكثير. وهذه مجرد أمثلة لتغطيات، هي إضافة إلى اختصارها تجارب شخصية بالغة الثراء في أرقام، فقد غيّبت أيضا أداة أساسية لتقييم نوعية جهود المؤسسات، وهذا ما سمح في النهاية لبعض المؤسسات الكبرى، بأن تخرج بعد انحسار العاصفة، لتطرح الحصيلة الكمية لخدماتها أثناء العاصفة، بوصفها الإنجاز في حدّ ذاته، في شبه غياب لسؤال النوعية، بل وأن يخرج بعضها ليهنئ نفسه بنفسه على أدائه.

ويقود ما سبق إلى تغطية ساكني الخيام، من مواطنين ولاجئين سوريين داخل المخيمات وخارجها، الذين يُعدّون في ظروف جوية استثنائية كهذه، فئة مستضعفة، يحمل الإعلام مسؤولية تغطيتها بعناية خاصة، وهي فئة كانت الجهات المسؤولة قد وجّهات إليها إرشادات وقائية  للتعامل مع الحالة الجوية.

في ما يتعلق بساكني الخيام خارج المخيمات، فقد كان هناك خبر وحيد، نشرته "الغد" يوم 20 شباط عن تشريد العاصفة لـ200 عائلة أردنية وسورية،  في مناطق بلدية الصالحية ونايفة التابعة إلى محافظة المفرق، وذكر أنه قد "مزقت الرياح الشديدة والثلوج والأمطار خيامهم وجعلتهم بلا مأوى"، ونقلت عن رئيس البلدية "نداء استغاثة"، يطلب تقديم مساعدات عاجلة لهذه الأسر، قائلا إن التعامل معها يفوق إمكانيات البلدية، من دون أن يتضمن الخبر أي معلومات أخرى.  وهو خبر أعادت "الدستور" بعد ثلاثة أيام نشره نفسه.

وفي ما يتعلق باللاجئين السوريين، فمن بين خمسة مخيمات، يقطنها 107 آلاف لاجئ تقريبا، غطّت الصحف مخيم الزعتري، في المفرق، الذي يقطنه 84 ألف لاجئ تقريبا، إذ غُطُي في 21 مادة صحفية، بنسبة 6.44% تقريبا من مجمل التغطية، انقسمت إلى 10 مواد صحفية خاصة به، و11 أتت على ذكره في سياق تغطيات لمحافظة المفرق بشكل عام. وغطّته "الغد" في 6 مواد صحفية، و"الرأي" في 5، و"الدستور" في 4، و"السبيل" في 3"العرب اليوم" في اثنتين.

وكما هي الحال في التغطية بشكل عام، انحازت معظم التغطية للمسؤولين، الذين أكدوا قبل العاصفة الجاهزية[9]، وخلالها فعالية الجهود، وبعدها حسن الأداء، وحضر اللاجئون في هذه التغطيات في ثلاث مواضع، مرتين مكررتين في خبر موحد نشرته "الدستور" و"الغد"، ونقل عن لاجئ أنه اضطر إلى وضع الملح على خيمته لمنع انهيارها، والثالثة في "السبيل"، التي نقلت عن مصدر جماعي هو "لاجئون"،  أنهم أمضوا ليلتهم ينزعون الثلوج عن خيامهم، خوفا من انهيارها عليهم.

هذا الحضور الطاغي لصوت المؤسسات مقارنة بالناس، يعود إلى الضآلة النسبية لحجم المادة الأصيلة في تغطية هذا الجانب، إذ لم يزد حجم المواد التي أنجزها الصحفيون بأنفسهم عن 29% من مجمل التغطية، مقابل 66%، كانت عبارة عن بيانات صحفية صادرة عن المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وأخبار "بترا"، التي لا تخرج عن روح البيانات الصحفية، في تركيزها على المسؤولين. وعلاوة على ذلك، كانت هناك المواد الصحفية التي تضمنت خليطا من العمل الصحفي الخاص، وفقرات كاملة من بيانات صحفية، أو أخبار "بترا"، من دون إشارة إلى المصدر، وشكلت في المجمل 3% تقريبا من التغطية.

4

لكن الصحف، مع ذلك، تفاوتت كثيرا في نتائجها التفصيلية، إذ حققت "الغد" أعلى نسبة تغطية لهذا الجانب بمواد أصيلة، بنسبة 51% تقريبا من تغطيتها، وتلتها بفارق كبير "الرأي" بنسبة 35%، ثم "الدستور" بنسبة 27%، تلتها "السبيل" بنسبة 16%، في حين كانت "العرب اليوم" هي الأدنى في هذا الجانب، بنسبة 5%. وفي ما يأتي النتائج التفصيلية للصحف.

جدول (1): توزيع الموضوعات في التغطية الكلية وبحسب كل صحيفة

الصحيفةعدد الأخبار الكلياستعداداتإرشادات هطول طقس طرقحركة استهلاك تفاعل الناس مع الثلجدوام وتأجيل فعالياتتعامل مع العاصفة وآثارهاأخرى
عدد%عدد%عدد%عدد%عدد%عدد%
الدستور1262519.81612.732.41814.36450.864.8
الرأي1052523.81615.298.6109.55754.321.9
السبيل1682011.94325.684.8116.58248.842.4
العرب اليوم921415.22426.122.299.84346.733.3
الغد1442114.63020.8117.61510.48055.621.4
المجموع63510516.512920.3335.2639.932551.2172.7

ملاحظة: في التغطية الواحدة قد يكون هناك أكثر من موضوع رئيسي، لهذا فإن حاصل جمع تمثيل الموضوعات في التغطيات ليس مساويا دائما لعدد التغطيات الكلي.

جدول (2): التوزيع الجغرافي للتغطية بحسب كل صحيفة

الصحيفةعدد الأخبار الكليوطنيإربدجرشعجلونالمفرقعمانالزرقاءالبلقاءمادباالطفيلةاالكركالعقبةمعانوادي الأردن
 عددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبةعددنسبة
الدستور

126

5442.997.132.4107.932.43326.221.664.821.6107.943.210.832.410.8
الرأي1054542.932.921.987.654.8191821.932.921.91413.376.732.976.7--
السبيل1687544.674.210.6148.331.82917.395.410610.695.484.8- -5321.2
العرب اليوم924548.955.4- -77.622.22021.722.222.2- -66.522.2- -33.3- -
الغد1445840.374.953.5139106.9362542.832.121.41711.896.321.464.210.7
المجموع63527743.6314.9111.7528.2233.613721.6193243.871.1568.8304.760.9243.840.6

ملاحظة: في التغطية الواحدة قد يكون هناك أكثر من محافظة، لهذا فإن تمثيل المحافظات ليس متساويا مع عدد الموضوعات بالضرورة

جدول (3): حضور المسؤولين وعامة الناس في التغطية بحسب كل صحيفة

الصحيفةعدد تغطيات التعامل مع العاصفة وما بعدهاصوت المسؤول هو الوحيدهناك حضور لصوت عامة الناس
عدد%عدد%
الدستور645890.6269.37
الرأي575291.2258.77
السبيل827287.81012.19
العرب اليوم434297.6712.32
الغد806378.751721.25
المجموع32628788.043911.96

الجدول (4): مصادر الأخبار بحسب كل صحيفة

الصحيفةالعدد الكلي لأخبار التعامل مع العاصفة وآثارهامصدر الخبر
أصيلبترابيان صحفيخليط مما سبقوكالات
عدد%عدد%عدد%عدد%عدد%
الدستور641726.562335.932031.2546.2500
الرأي572035.082340.35915.7858.7700
السبيل821315.853947.562530.4833.6522.43
العرب اليوم4324.652865.111227.912.3200
الغد804151.251923.751822.522.500
المجموع3269328.5213240.498425.76154.620.61

[1] قد يكون التكرار في إعادة نشر الخبر منفصلا، أو إعادة نشر أجزاء كبيرة منه ضمن مادة صحفية أخرى.

[2]يكون أحيانا في المادة الصحفية الواحدة أكثر من موضوع، ومن هنا أتى الفرق بين عدد الموضوعات وعدد المواد الصحفية.

[3] نشرته "بترا"، ونقلته عنها "الدستور" و"الرأي" و"السبيل" و"العرب اليوم" و"الغد"

[4] نشرته أولا "بترا" ونقلته عنها "العرب اليوم" و"الدستور" و"الرأي" و"الغد"

[5] نشرته "بترا"، ونقلته عنها "الرأي" و"السبيل"

[6] "الطفيلة والكرك تعيش أسوأ أزمة لانقطاع التيار الكهربائي خلال العاصفة"، "الغد"، 22/2/2015، غير متاح على الموقع الإلكتروني.

[7] نشرته "بترا"، ونقلته عنها "الدستور" و"الرأي" و"السبيل" و"العرب اليوم" و"الغد"

[8] نشرته "بترا"، ونقلته عنها "الرأي" و"السبيل" و"العرب اليوم" و"الغد"

[9] نشرته "بترا"، ونقلته عنها "الدستور" و"الرأي" و"السبيل" و"العرب اليوم" و"الغد"