أكيد – دلال سلامة
نشرت صحيفة "الدستور" اليوم، تقريرا عن حركة "خدمة"، التي أسسها المفكر والناشط التركي، فتح الله غولن[1]. وهي حركة تعرّف عن نفسها، بوصفها مبادرة منظمة مدني دولية، تدافع عن المثل العليا لحقوق الإنسان، وتكافؤ الفرص والديمقراطية ونبذ العنف وقبول التنوع الديني والثقافي.
التقرير الذي نُشر في قسم المحليات[2]، مسبوقا باسم الصحيفة، ومن دون اسم كاتب، هو تجميع من ثلاث مصادر، هي تقارير لكتّاب آخرين، نشروها في وسائل إعلام أخرى، وأغفلت الصحيفة الإشارة إليهم، وإلى تلك الوسائل.
فالفقرات من البداية إلى عبارة "الجيل الذهبي"، منسوخة حرفيا من مقال، للكاتب حسن أبو طالب، نشره يوم 2 كانون الأول (ديسمبر) 2009، على موقع (swissinfo.ch)، تحت عنوان "حركة فتح الله غولن التركية.. نموذج إصلاحي غير قابل للاستنساخ".
والفقرتان من "ومع انطلاق هذه المدارس" إلى "السياسي التعليمي في العالم الإسلامي"، منسوختان من مقال آخر، نُشر مغفلا من الاسم، في موقع جريدة العلم المغربية، تحت عنوان مدارس الغد وجامعات المستقبل ، يوم 13 نيسان (أبريل) 2010، ثم أُعيد نشره، باسم كاتبه، عبد القادر الإدريسي، تحت العنوان نفسه، على موقع فتح الله غولن نفسه، يوم 24 أيار (مايو) 2011، وأُشير إلى أنه منقول عن "العلم" المغربية.
أما الفقرات من عبارة "خلفية تاريخية ووصف الحركة" إلى نهاية النص، فهي منسوخة من تقرير نُشر يوم 17 حزيران (يونيو) 2007، باسم ألب أصلاندوغان، تحت عنوان "ما هي حركة كولن؟، على مدونة اسمها "حركة الخدمة (حركة كولن)| فتح الله كولن"، المختصة بنشر الأخبار والمقالات والمقابلات والتعليقات المتعلقة بفتح الله غولن، علما بأن أصلاندوغان هو رئيس مؤسسة "تحالف القيم المشتركة، التابعة لحركة "خدمة" . (Allies For Shared Values).
اشتمل تقرير "الدستور" على اختلال مهني أساسي، هو افتقاره إلى التوازن، فهو لم يكن عرضا محايدا وموضوعيا لحركة غولن، بل كان "ترويجا" مباشرا لها، ويظهر هذا الترويج بوضوح ابتداء من العناوين الخمسة، التي رُوّس بها التقرير، وكانت أربعة منها دعاية مباشرة للحركة، التي وُصفت بأنها "رافد مهم من روافد التحول السياسي والاجتماعي والتربوي في تركيا"، وتُعدّ "نموذجا جديدا للعمل الإصلاحي العام"، و"الفكرة الجامعة لكل أنشطتها بناء الإنسان وإعادة الاعتبار للمفاهيم الإسلامية"، واهتماماتها "تبدأ بمكافحة الفقر وتمر على التربية والتعليم وتصل إلى تقديم الخدمات الإغاثية".
أما في المتن، فإن التقرير المكون من 2250 كلمة، كان مديحا خالصا لأفكار الحركة، ونشاطاتها، والمؤسسات التابعة إليها، وما يأتي هو مثال واحد فقط، على الأسلوب الذي اعتمده التقرير في عرضه للحركة، وذلك في ما يتعلق بالمدارس التي أنشأتها في تركيا، وأنحاء مختلفة في العالم، إذ وصفها التقرير بانها مدارس تسعى إلى "أنموذج إنسان، ومجتمع يحترم تاريخه وتقاليده وجذوره الإيمانية وهويته الاجتماعية، مع فكر علمي حديث، ومنفتح على كل جديد، يثق بنفسه وبمستقبله. لذا لم تكن هذه المدارس بأطرها النشطة الموفقة والمعاصرة ناجحة في تركيا فقط بل في كل بلد عملت فيه. وهي بلدان كثيرة تكاد تغطي قارات العالم".
إذن، المشكلة في التقرير السابق، لم تكن فقط في أنه كان تجميعا لجهد آخرين، أٌغفلت الإشارة إليهم جميعهم، المشكلة أيضا، هي أن ناتج هذا التجميع لم يكن تقريرا صحفيا مهنيا متوازنا، ما أخرجه من "الصحافة" إلى "الدعاية الإعلامية" (propaganda).
* يمكن الاطلاع على تقرير يمثل زاوية نظر مختلفة إلى الحركة (حركة فتح الله كولن العالمية .. أنشطة تركية وهواجس علمانية)
[1] تستخدم التغطيات الصحفية المحلية والعربية أكثر من صيغة للإشارة إلى اسمه، هي (غولن، غولين، كولن)، والدستور نفسها استخدمت في تقريرها صيغتين، هما غولن وكولن، تبعا للمصدرين اللذين نقلت عنهما.
[2] الدستور، 1/10/2014، المحليات، الصفحة 15
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني