جريمة الزهور: أخبار تحول "الخلافات العائلية" الى القتل بداعي الشرف

جريمة الزهور: أخبار تحول "الخلافات العائلية" الى القتل بداعي الشرف

  • 2017-04-17
  • 12

أكيد – آية الخوالدة

بمجرد تصريح مصادر أمنية حول وفاة فتاة داخل منزلها والاشتباه بقتلها من قبل اخيها، افترضت مواقع اخبارية الكترونية في تناولها ونقلها للحدث بان الجريمة وقعت "بداعي الشرف"، وهو ما لم تقله الجهات الامنية التي أوضحت ان سبب الجريمة هو "خلافات عائلية".

المواقع اعتمدت على خبر المصادر الامنية لتقديم استنتاجات دون الرجوع لمصادر اضافية يمكن ان تؤكد سبب جريمة القتل التي تبين لاحقا انها نفذت بعلم والد الفتاة وزوجة ابيها، بحسب ذات التصريحات الامنية، على ان مواقع الكترونية تحدثت عن محاولة والد الفتاة ثني زوجته وشقيق الفتاة عن ارتكاب الجريمة.  

وفي اخبار وتقارير نشرتها المواقع الالكترونية، عنون العديد منها "تفاصيل مقتل فتاة بـ داعي الشرف على يد شقيقها الحدث"، معتبرين أنها "جريمة بداع الشرف"، كما نشرت تفاصيل التحقيق الابتدائي نقلا عن مصدر مقرب من التحقيق، بالإضافة إلى نشر الحوار الذي دار بين القاضي والمتهمة والذي جاء أيضا على لسان المصدر نفسه، وبذلك تكون خالفت المعايير المهنية في أصول نشر أخبار الجرائم والتأثير على سير العدالة.

وفي متن تقرير منقول على لسان المصدر بكافة تفاصيله، اطلق تصريحاً يبرر القتل في حالات معينة، حيث قال المصدر "لم ترتكب المغدورة (ح) إثما يدفع به لقتلها على يد شقيقها الحدث" وكأن القتل يمكن تبريره اذا ما قام الشقيق بقتل شقيقته لاسباب معينة.

ورغم ان واقعة القتل مؤلمة بحد ذاتها الا ان طريقة تعامل مواقع اخبارية مع نقل الحدث، يمكن ان تزيد المأساة بمسها شرف العائلة عموما والفتاة خصوصا، عندما افترضت تلك المواقع جزافا ان "الشرف" هو دافع القتل، الامر الذي يشكل تشكل تعديا على كرامة الافراد المحظور وفق قانوني العقوبات والمطبوعات والنشر وميثاق الشرف الصحفي.

كما خالفت تلك الوسائل الإعلامية نص المادة "225" من قانون العقوبات الأردني لنشرها وثيقة من وثائق التحقيق وهي نص الرسالة التي تركتها المغدورة لوالدها، حيث أعطى القانون صفة السرية على محاضر ووثائق التحقيق وجعل الاصل حظر نشر هذه الاجراءات والاستثناء هو جواز النشر بإجازة من النيابة العامة.

وجاء في نص المادة "يعاقب بالغرامة من خمسة دنانير إلى خمسة وعشرين ديناراً من ينشر: وثيقة من وثائق التحقيق الجنائي أو الجنحي قبل تلاوتها في جلسة علنية، ومحاكمات الجلسات السرية، والمحاكمات في دعوى السب، وكل محاكمة منعت المحكمة نشرها".

والتزمت الصحف اليومية بنشر خبر متوازن يشير إلى وقوع الجريمة بالاستناد إلى الرواية الرسمية الصادرة من أجهزة الأمن العام وتحويل المتهمين إلى الجهات المختصة وبدء التحقيقات.

ويرى أستاذ التشريعات والأخلاقيات الإعلامية الدكتور صخر الخصاونة أن التفاصيل المتعلقة بالتحقيقات الأولية محمية بموجب أحكام القانون، ويعد نشرها اعتداءً على سير العدالة.

وأضاف الخصاونة لـ "أكيد"، "نشر مجريات التحقيق وكأنما يدين بعض الأشخاص ويبريء أخرين، لا يعترف بالقاعدة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، كما أن الحديث عن وجود إثم يستحق عليه الشخص القتل، فكأنما يعزز قاعدة اخلاقية اجتماعية تبرر القتل في حالات معينة وهنا يُطرح السؤال الاستنكاري "هل لو ارتكبت إثم يجوز قتلها؟؟!".

والأصل بنشر أخبار الجرائم، نشر خبر وقوع الجريمة واخبار التحقيق، فالجريمة حدث عام لا يمكن حجب وقوعه عن الجمهور، ومن حق الرأي العام أن يعرف ما يقع من جرائم فور وقوعها وأن يراقب كيفية قيام السلطات بواجبها، وليس هناك أي مصلحة تقتضي بقاء خبر ارتكاب جريمة طي الكتمان.

الا أن النشر المحظور هو نشر محاضر التحقيق نفسها بما فيها أقوال الشهود ومحضر استجواب المتهم ومحاضر الانتقال والمعاينة وتقارير الخبراء وغيرها من اجراءات التحقيق، وكافة نتائجها مثل اجراءات القبض والتفتيش وما يسفر عنه ومثل أوامر التوقيف أو الافراج التي تصدر عن سلطة التحقيق قبل التصرف في التحقيق.