أكيد - آية الخوالدة
نشرت صحيفة "العربي الجديد" الصادرة من لندن، تقريراً على موقعها الإلكتروني بعنوان "جمهورية العصابات في الأردن.. دولة موازية"، واستندت فيه الى شهادات ومصادر معلومات مجهولة، وغيبت الأدلة والبراهين التي تثبت صحة ما ورد فيه.
العنوان الجاذب دفع بالعديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لإعادة نشر التقرير على صفحاتهم الشخصية، فيما التزمت المواقع الإخبارية المحلية بعدم نشره أو الإشارة إليه، باستثناء موقع إلكتروني واحد.
العنوان لافت والمحتوى مجرد كلام غير مستند لمصادر واضحة بحسب التحليل الذي أجراه مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، حيث كانت مصادر التقرير كالآتي: "شهادات بعض سكان بلدة .."، "شهادة شاب ثلاثيني رفض ذكر اسمه"، "أحد جيران الضحية"، "عدد من المواطنين الأردنيين"، و"نشطاء في الحراك الشعبي الأردني سابقًا، فضّلوا عدم ذكر اسمهم أو هويتهم".
كما نسبت الصحيفة في تقريرها لعالم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي قوله "عصابات منظّمة، تملك قوّة ردع وتشبيح، ولديها صلات فيما بينها، وتتقاسم مناطق النفوذ، في ظاهرة نمت وترعرعت وسط تقصير أمني واضح، لم يعد السكوت عليه مفيدًا أو منتجًا"، الأمر الذي نفاه الخزاعي في حديثه لـ "أكيد"، مؤكدا أنه لم يتواصل معه أي أحد من الصحيفة المذكورة.
واستغرب الدكتور الخزاعي ورود اسمه في التقرير، مضيفا "لا يوجد هناك عصابات منظمة في الأردن، وما يحدث من خرق للقانون هي تصرفات فردية ويتم التعامل بصورة قانونية، كما لا توجد أي بؤر ساخنة ومناطق بعيدة عن أعين الأجهزة الأمنية، ولا أعتقد بوجود مثل هذه الادعاءات في بلد يحوي 16 مركزا إصلاحيا، يضم 11 ألف موقوف ومحكوم".
وأورد الكاتب أيضا في التقرير نصا منسوبا إلى الكاتب بسام بدارين، ولم يشر إلى أنه منقول من مقاله الأخير في صحيفة القدس العربي بعنوان "العالم «السفلي»… بلطجية الأردن"، ولم يكتف بذلك فقط، حيث نقل كاتب التقرير عددا من الفقرات المنشورة في مقالة الكاتب بدارين بالنص واستخدم المصطلحات والصياغة نفسها، وجزء من الأفكار نفسها وأعاد تحريرها.
وتجاوز كاتب التقرير ذلك إلى اختلاق شخصية جديدة سماها "شاب ثلاثيني رفض ذكر اسمه، كان ناشطًا فعليًا في هذا العالم الإجرامي، وفي محافظة الزرقاء أيضًا، قبل أن ينسحب"، ونسب إليه فقرة منشورة في مقالة بدارين، كما هو موضح في الصورة.
"ويعرف بأن العصابات المنظمة عالميا تتبع أسس علمية بطابع إجرامي من حيث هيكلية المجموعة وتنظيم أفرادها وتوزيع المهام"، يقول الدكتور صخر الخصاونة أستاذ التشريعات في حديثه مع "أكيد"، وأضاف "تكون غايتها تحقيق مصالح غير مشروعة وتعمل بشكل سري مقابل تحقيق منافع مادية أو معنوية، وغالبا ما تكون لها أجهزة قيادات سرية وتعمل على تنفيذ أنشطة جرمية لمصلحة أفراد أو مؤسسات".
والأردن تخلو من هكذا تنظيمات إجرامية - بحسب الخصاونة - على الرغم من وجود مجموعات صغيرة قد ترتبط بروابط صداقة أو روابط عائلية أو بحكم التواجد في منطقة معينة تمارس أعمالا إجرامية، إلا أن عددها وتنظيمها قليل لا يرتق الى العصابات المنظمة أو المافيات، وهم معروفون من قبل الأجهزة الأمنية وملاحقون عند أي خرق للقانون.
ومن خلال خبرته السابقة في الأجهزة الأمنية وعمله الحالي في المحاماة، يقول الخصاونة "لم يثبت وجود اتفاقيات جنائية لتشكيل عصابات أشرار على نحو ما تعرفه العصابات المنظمة، وهناك تشديد عقوبات عندما يتفق مجموعة من الأشخاص على ارتكاب جريمة أو عدد من الجرائم وتختص بها محكمة أمن الدولة".
وفيما يخص تقرير "جمهورية العصابات"، يؤكد الخصاونة خلوه من الأدلة والبراهين والوثائق والشهادات التي تؤيد ما جاء به، كما أن القول مرسل ومعمم على استخدام مثل تلك المجموعات لمصالح نواب أو حكومات، يتنافى مع ما تعاملت به الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة مع مجموعات الخارجين على القانون مثل الهاشمي الشمالي والكمالية والرصيفة.
وأشار الخصاونة الى أن مصطلح العالم السفلي الذي وصفه الكاتب، وسع من نطاق وجود الجرائم في الأردن، علما بأن معدلات الجريمة في حدودها الطبيعية، وبالتالي يجب على هذه التقارير بموجب القواعد الأخلاقية والعمل المهني أن تتضمن الدقة في الموضوع وتحاول الحصول على المعلومات من مصادرها، ونقل رسالة واضحة سواء نقد للأجهزة الأمنية أو غيرها دون أن يكون الهدف إثارة الفتن.
وتمنى الخصاونة على الأجهزة الأمنية أن تصرح برسالة واضحة وتبين موقفها مما ورد في التقرير، لا سيما أن الجهاز يتعامل مع عدد كبير من القضايا اليومية وعلى اتصال مباشر مع الأجهزة القضائية لمعرفة نتائج تلك الأحكام.
بدوره قال مدير المكتب الإعلامي في مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي لـ مرصد "أكيد"، أن "كاتب التقرير ليس على علم بما يعنيه بـالعصابات المنظمة، حيث أن ما تواجهه الأجهزة الأمنية من مخالفات قانونية في الأردن عبارة عن تصرفات فردية لعدد من الأشخاص يكررون أنواعا محددة من الجرائم سواء السرقة او افتعال الحوادث أو الإيذاء، ويتم التعامل معهم وفق القانون من خلال استقبال الشكاوى وتحويلهم الى القضاء واتخاذ إجراءات إدارية مشددة بحقهم، تتمثل بالتوقيف الإداري والإقامة الجبرية".
ووفقا للسرطاوي، "يلتزم الموقوف إداريا بمراجعة المركز الأمني القريب من منزله مرة أو مرتين في اليوم، ويمتنع عن مغادرة منزله بعد غروب الشمس، وفي حال ضبط مخالفا يتم إيداعه من جديد للمحافظ او تحويله للمحكمة".
وتواجه الأجهزة الأمنية مشكلة فيما يخص الأتاوات وأصحاب الخاوات،بحسب السرطاوي الذي قال أن المواطنين يخافون من تقديم الشكاوى بحقهم، ولذلك انتهجت الأجهزة الأمنية منذ بداية العام الحالي ومن خلال جهاز البحث الجنائي، أسلوبا جديدا يتمثل بالتعامل مع أي معلومة ترد عن أصحاب الجرائم المتكررة وملاحقتهم وضبطهم، والتواصل مع الأشخاص المتضررين إذا ما أرادوا تقديم شكوى بخصوصهم لتحويلهم الى القضاء، وفي حال لم يرغبوا بذلك تتطبق الأحكام الإدارية والإقامة الجبرية.
وينصح السرطاوي المواطنين بعدم الخوف منهم وتقديم الشكاوى بحقهم، طالما أن القانون لا يعترف سوى بالأدلة والشهادات والإثباتات القطعية، ولا فائدة من أية شكاوى كيدية يقدمها المجرم.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني