تابعت وسائل الإعلام بتوسع، وبشكل لافت، خبر حادثة حريق حاويتي ألعاب نارية في جمرك عمان يوم الاثنين 26 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، الذي أدى إلى وفاة سبعة أشخاص، وإصابات أخرى، ووقوع أضرار مادية لم يتضح حجمها بعد.
ورغم أن الحدث محلي، ووقع في أحد ضواحي العاصمة عمان، لكن الصحف تعاملت معه بوصفها ناقلا للخبر، أكثر منها متابعا ومستقصيا له، وطارحا للأسئلة المتعلقة بالحادث. ومن ذلك مثلا البُعد القانوني للتحفظ على البضائع بعد مرور ثلاثة أشهر، بخاصة أن الجهات المسؤولة تحفّظت على 6 حاويات مفرقعات في العقبة، بعد حادثة الحريق مباشرة. كما لم يثر الإعلام بشكل كاف ومناسب، أسئلة عن كيفية تخزين تلك المواد الخطرة في جمرك عمان، وغير ذلك.
والأهم من ذلك أن الإعلام الذي نقل مجريات نقاش الحادثة بين لجنة النزاهة النيابية والحكومة، خصوصا ما أفصحت عنه المشادة بين النائب بسام البطوش ومدير الجمارك والاتهامات المتبادلة المستندة إلى وثائق تكشف التوسط لمهربي ألعاب نارية، لم يطرح الأسئلة المفترضة حول المحتوى الخطير للتهم.
واعتمدت التغطية بشكل كبير على البيانات الصحفية الصادرة من مختلف الجهات.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصد ما نشرته النسخ الورقية للصحف اليومية الأربع (الدستور والرأي والغد والسبيل) يوم الأربعاء 28 تشرين الأول الجاري، في متابعتها للخبر، وتغطيته من مختلف جوانبه، ولاحظ وجود بعض التناقض والتقصير، في ما يخصّ الآتي:
أسماء المتوفين:
بقيت أسماء المتوفين مبهمة بالنسبة لصحف (الرأي والدستور والغد)، باسثناء اسم ضابط الجمارك الأردني، فلم تنشر الصحف الورقية أسماءهم حتى بعد معرفة عددهم الذي أكّدته مديرية الدفاع المدني، التي أوضحت أن العدد الحقيقي للوفيات هو 7 وليس 8.
صحيفة "السبيل" نشرت أسماء المتوفين، لكنها نشرتهم بأسماء مختلفة في خبرين مختلفين، فمرة نشرت أسماء ثلاثة من المتوفين المصريين، منهم (فارس زيدان رمضان)، وفي خبر آخر نشرت أسماء خمسة متوفين لكن ليس من بينهم (فارس زيدان رمضان).
عدد الحاويات المحملة بالمفرقعات:
اختلف الرقم بين صحيفتي "الغد" و"السبيل"، فقد ذكرت الأولى أن عدد الحاويات يبلغ (13) في عمان و(6) في العقبة، لكن الثانية تحدثت عن (12) حاوية في عمان.
وكذلك اختلف في "السبيل" نفسها، فكان العنوان الرئيسي على الصفحة الأولى: "عشر حاويات "موقوتة" ما تزال في جمرك عمان"(النسخة الورقية).
أما "الدستور" و"الرأي"، فقد نقلتا خبرا عن مفوض الجمارك في سلطة العقبة بأن هناك (6) حاويات مفرقعات في العقبة تم التحفظ عليها، ولم تشيرا إلى عدد الحاويات في جمرك عمان.
حجم التغطية:
أفردت "السبيل" صفحتين داخليتين للتغطية، ووضعت الخبر عنوانا رئيسيا على الصفحة الأولى، ونشرت آراء لأطراف أخرى منها: خبير عسكري، وقانونيون، وطبيب شرعي، ومدير شركة ألعاب نارية، إضافة إلى تغطية الخبر بشكل عام.
كذلك تحدثت "السبيل" عن زيارتها للمصابين، ونشرت عنوانا "السبيل تزور جمرك عمان وتعود المصابين في المستشفى"، لكن في محتوى المادة الإخبارية يقول إنها زارت مستشفى "الحنان" الذي يرقد فيه المصابون، إلا أنها أبلغت من الاستقبال بنقلهم إلى مستشفى البشير"!.
أما "الدستور" و"الرأي"، فقد اكتفتا بنشر أخبار وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، الذي يتعلق أحدها بتصريحات لمدير عام الجمارك مفادها أن "التشريعات لا تسعفنا لاتلاف 19 حاوية ألعاب نارية مخزنة "، والآخر عن "التحفظ على 6 حاويات مفرقعات وألعاب نارية مخزنة في العقبة منذ عام"، فيما غطّى خبر ثالث تصريح وزير العمل عن "حقوق المصريين ضحايا حريق الجمرك".
صحيفة الغد نقلت تلك الاخبار أيضا، لكنها أشارت كذلك إلى انتقادات لعدم اتباع شروط السلامة للحاويات، كما نشرت تقريرا إخباريا عن "عدم القدرة على ضبط المفرقعات".
المزاد العلني للبضاعة المحروقة:
لم تسأل الصحف عن أبعاد المزاد العلني الذي حدث للبضاعة المحروقة، وكيف أُجري هذا المزاد؟ وكيف كان سيتم التصرف بالبضاعة لمن رسا عليه؟، وغير ذلك. لكن "السبيل" أوضحت أن تلك المواد كانت ستصدر إلى نيجيريا، لكنها في مكان آخر قالت أنها ستصدر إلى مدينة أربيل العراقية.
معلومات لم يتأكّد الإعلام منها:
جاء في تغطية "الغد" أن مندوبي شركات ملاحة بحرية أشاروا خلال اجتماع عقدوه مع مدير الجمارك يوم 8 تشرين الأول الجاري إلى "وجود حاويات مخزن فيها مواد خطرة، وضرورة الاسراع في التخلص منها". ووفق التغطية، فقد أكّد مدير الجمارك حينها أن "مثل هذه الحاويات يتم تخزينها بأماكن مخصصة يتم عزلها وتخزينها بطرق آمنة تضمن سلامتها"، لكن الصحيفة لم تتابع تلك التصريحات ومدى دقتها. خصوصا أن (أكيد)عاد إلى الخبر المنشور في الغد حينذاك، ولاحظ أن تلك التصريحات لم تكن ضمن ذلك الخبر.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني