خلط الأخبار بالإعلانات المدفوعة: أبرز تجاوزات الإعلام في الانتخابات

خلط الأخبار بالإعلانات المدفوعة: أبرز تجاوزات الإعلام في الانتخابات

  • 2016-09-17
  • 12

 أكيد – آية الخوالدة

يعد الفصل بين الإعلانات والأخبار أساسا مهنيا وأخلاقيا لا يجوز تجاوزه في التغطية الإعلامية، وتزداد أهميته في موسم الدعاية الانتخابية.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني “أكيد”، رصد مجمل تجاوزات الإعلام في تغطية مرحلة الدعاية الانتخابية، وتبين أن الخلط بين الأخبار والإعلانات الانتخابية كان التجاوز الأكثر انتشارا في عدد من وسائل الإعلام، وتحديدا في تغطية المواقع الإخبارية الالكترونية وفي تغطية محطات التلفزيون.

ولقد توصل الرصد الذي تناول 20 وسيلة إعلامية محلية إلى توثيق نحو 624 مخالفة تتعلق بتجاوزات الخلط بين الأخبار وإعلانات الدعاية الانتخابية المدفوعة الأجر، خلال  فترة الرصد التي امتدت إلى ثلاثة أسابيع  في الفترة ما بين 17 / 8 – 5 /9  وأخذ هذا الخلط أشكالا وأنماطا متعددة حسب طبيعة الوسيلة الإعلامية، وجاء أعلاها في المحطات التلفزيونية، حيث تم رصد 314 مادة في خمس محطات تلفزيونية، ثم في المواقع الإخبارية الالكترونية بواقع 241 مادة  تم فيها خلط الأخبار بالمواد الإعلانية ضمن ثمانية مواقع إخبارية شملتها العينة المرصودة؛ إن خطورة هذه الممارسة علاوة على أنها تتجاوز القيم والمبادئ المهنية والأخلاقية ، فإنها تقود إلى تضليل الجمهور والتغرير به وتقديم مادة ترويجية مدفوعة الثمن على أنها مادة تحريرية خضعت لقواعد العمل المهني.

مواقع إخبارية: خلط واضح وتراجع في التغطية الإخبارية  

 في الوقت الذي تراجع فيه اهتمام العديد من المواقع الإخبارية في التغطية الإخبارية المعتادة لصالح الإعلانات المدفوعة، فإن العديد من هذه المواقع حاولت التمويه وعدم الفصل بين المحتوى الإعلامي التحريري وبين الإعلانات المدفوعة، حيث خصصت مواقع الكترونية نوافذ خاصة بالانتخابات النيابية، جمعت في محتواها ما بين التقارير الإخبارية الصادرة عن جهات معنية بالانتخابات وفي مقدمتها الهيئة المستقلة للانتخاب وبين المواد الدعائية والترويج للمرشحين دون الاشارة إليها بأنها إعلانات مدفوعة الأجر وقدمتها على شكل أخبار. ومن هذه النوافذ: مجلس الامة،  حراكات انتخابية، حراك انتخابي، برلمان قادم، انتخابات 2016 وفي موقع آخر انتخابات 2016، برلمان، الانتخابات النيابية 2016 ، والحراك الانتخابي، روجت لقوائم ومرشحين وأرفق بعضها بالصور والفيديوهات منها 94 مادة نشرت في الأسبوع الأول لبداية الحملة الانتخابية.

أما فيما يتعلق بمحتوى تلك الأخبار المنشورة، والتي رصدها “أكيد”، فقد تمحورت في معظمها حول إشهار القوائم وإعلان المرشحين عن ترشحهم، بالإضافة إلى عملية الترويج لمرشحين وقوائم بذاتها  من خلال الحديث عن نشاطات وبرامج أعضاء هذه القوائم، وافتتاح المقرات والتنبؤ بقوة ونجاح بعض القوائم.

واتخذت عمليات الخلط في المواقع الإخبارية العديد من الأنماط التحريرية أبرزها:

  • إعادة صياغة المادة الإعلانية المؤيدة لمرشح أو لقائمة على هيئة مادة إخبارية من ناحيتي الشكل والمضمون بحيث تذهب بالجمهور إلى أن المحتوى المعروض محتوى إخباري وليس دعائيا.
  • التمويه في مكان النشر من خلال نشر المادة الإعلانية المحررة إخباريا في مواقع داخلية من الموقع الإخباري عادة ما تكون مخصصة للمواد الإخبارية، ما يجعل الجمهور يذهب إلى كون المعروض مادة إخبارية.
  • نشر مواقف وتصريحات للمرشحين في موضوعات تتناول الشؤون العامة مثل البطالة والفقر أو اصلاح التعليم وغيرها، أو في قضايا سياسية إقليمية، ونشر اقتباسات منسوبة للمرشح على شكل عناوين، وذلك ضمن المادة الإخبارية دون الاشارة إلى أن هذا المحتوى دعائي مدفوع الأجر.
  • نشر مواد إخبارية للمرشحين تشرح المواد الدعائية المنشورة على الموقع أحيانا على شكل إعلانات مدفوعة الثمن وبشكل واضح.
  • تقديم مواد تحليلية لسير العملية الانتخابية تتضمن تكهنات حول التنافس بين الكتل والمرشحين في بعض الدوائر، إلا أن هذه التحليلات التي تبدو للوهلة الأولى أنها مادة تحريرية خضعت للقواعد المهنية، تذهب إلى تقديم دعاية واضحة لقائمة أو مرشح ما.

ويبدو أن بعض المواقع الإخبارية اعتادت على إبرام عقود تشمل المواد الدعائية والمحتوى الإخباري معا، أي أن الموقع الذي يحصل على هذا العقد ملزم بأن يوفر تغطية إخبارية مميزة للمرشح، وبالتالي تكون التغطية جزءا من العقد، وهو أمر مخالف للقواعد المهنية التي تفصل بين السياسة التحريرية وبين الإعلانات.

ومن الأمثلة على هذه المواد:

المحامي العزوني يواصل جولاته الانتخابية في عمان الاولى، وقد نشر الخبر في عدة مواقع بالصيغة ذاتها.

خليل عطية: فزعتكم لقائمه قول وفعل، وقد نشرت هذه المادة على شكل تقرير إخباري فيه صورة المرشح إلى جانب صورة القائمة مرفقة بعبارةـ “احبتي وعزوتي فزعتكم لقائمة قول وفعل“.

فيما حظيت قائمة “القدس” والتي يقودها أمجد المسلماني بالعديد من هذه الإعلانات على شكل أخبار، ويبدو أن بعض وسائل الإعلام قد بدأت بنشر هذه الأخبار في وقت مبكر، ومنها:

المسلماني: قائمة القدس تمثل الشارع الأردني،

المسلماني يحذر من المخططات الإسرائيلية في القدس،

قائمة “القدس” القائمة رقم 1 في الدائرة الثالثة عمان،

مهرجان جماهيري في مقر المرشح امجد المسلماني، 

وركزت معظم هذه المواد الإخبارية الدعائية على الترويج الواضح للمرشح وقائمته والإشارة إلى فرصه الكبيرة في النجاح من حيث المبالغة والوصف، فيرد في خبر افتتاح المقر “وحضر الحفل جمع كبير من أبناء وشيوخ ووجهاء الدائرة الثالثة، من كافة الاصول والمنابت، لإعلان تأييدهم للمرشح المسلماني ليكون ممثلا لهم تحت قبة البرلمان”.

والأمر نفسه بالنسبة للمرشح يحيى السعود، حيث ركزت مجموعة من المواقع على أخباره بشكل لافت ومنها:

السعود يكرم كوكبة من حافظات القران،

السعود يرحب بقرار الحكومة الاردنية بمنح سكان قطاع غزة عدم ممانعة،

السعود: أقزام يحاولون تشويه صورتي في الدائرة الثانية،

السعود الأقوى في ثانية عمان،

حيث قدمت هذه المواقع توقعات بنجاح قائمة السعود على أسس غير واضحة, وقالت في إحداها: “يذكر أن المنافسة أصبحت على أشدها في الدائرة الثانية، غير أن المعلومات المتوفرة تؤكد أن المرشح يحيى السعود وقائمته (فرسان القدس) هو الأوفر حظاً والأقوى حضوراً، وهو المعروف عنه كشخصية قومية وانتماءاته الوطنية التي تعلو وتسمو على العصبية الحزبية وضيق الانتماءات”.

وهنالك مواد إخبارية دعائية بالغت في بعض المفردات في الوصف مثل “تكتسح، أعداد هائلة، القائمة الأقوى، أقوى المرشحات، حضور جماهيري غفير، المرشح فلان رقم صعب، وافتتاح المقر بحضور الآلاف”، ونذكر من هذه المواد:

حراك كبير لحواتمة في ثالثة عمان

رائد الكوز: القادم أفضل – فيديو

حماسة في مقر العدوان – فيديو وصور

أعداد هائلة لدعم ومؤازرة المرشح مروان حامد سلطان

القضاة.. الشمس لا تغطى بغربال !!

الدكتور عربيات: سندعم قطاع الشباب – فيديو

أبو رمان يطلق حملته الانتخابية – فيديو

المرشح سلطان في ديوان آل السعودي – صور

البيطار: سنعزز دور المرأة – فيديو

القطاطشة: قائمة (جبال الطفيلة) الأقوى بالجنوب

افتتاح المقر الانتخابي للمهندس ناجح العدوان وسط حضور كبير

وسط مباركة شعبية. قائمة الوحدة والتنمية تكتسح دائرة عمان الأولى – أسماء

النائب السابق الأعور: كنت سعيدا في خدمة أبناء الوطن والزرقاء في السنوات الماضية

سناء مهيار من أقوى المرشحات لحصد مقعد كوتا عمان

حضور جماهيري غفير في مهرجان افتتاح مقر قائمة “معا”

حضور 15 ألف شخص لمهرجان افتتاح مقر كتلة وطن

مهرجان جماهيري لـ(المشاركة والتغيير) بالمحطة

مهرجان جماهيري زاد الحضور عن 2000 في الهاشمي الشمالي

سليمة الفاعوري رقم صعب في مادبا

الخرابشة يفتتح مقره الانتخابي بحضور الآلاف

محطات تلفزيونية: حملات دعائية على شكل مواد إعلامية

ازداد حضور المحطات التلفزيونية في الخلط بين المواد الإعلامية والمواد الدعائية في هذه الانتخابات بما يتجاوز ما شهدته الحملة الانتخابية للمجلس السابع عشر 2013، حيث احتلت محطات التلفزيون الموقع الأول في حجم التجاوزات المهنية في هذا المجال،  وبلغ عدد المواد المرصودة ضمن عينة الرصد، وعددها 5 محطات تنلفزيونية، نحو (314) مادة خلال فترة ثلاثة أسابيع من بدء الحملة الدعائية، ويلاحظ مرصد “أكيد” خطورة هذا الخلط على خلفية ازدياد حجم متابعي التلفزيون وتأثيراته خلال الحملة الانتخابية وتحديدا من قبل القواعد الاجتماعية العريضة الأقل معرفة وتمييزا أحيانا، بين الدعاية المدفوعة الأجر والمواد الإعلامية.

لقد لاحظ الرصد أن الدعاية الانتخابية في محطات تلفزيونية خاصة، قد تجاوزت خمسة أضعاف المادة الإعلامية (الأخبار ومواد الرأي) معا، وعلى سبيل المثال بثت إحدى المحطات نحو 21 ساعة حول الانتخابات خلال أسبوع ، منها أربع ساعات مواد إعلامية اخبارية ومواد الرأي والبقية دعاية انتخابية جميعها دون الإشارة إلى أن هذه إعلانات مدفوعة الأجر.

إلى جانب استمرار ممارسات غير مهنية شهدتها بعض المحطات التلفزيونية سابقا، ومنها عدم الفصل بين الملكية والتحرير، أي عدم استقلالية القرار التحريري للمحطة عن رأس المال، وتحديدا حينما يكون مالك المحطة أو أحد أقربائه مرشحا في الانتخابات، فإن الحملة الحالية شهدت تضليل غير مسبوق في عدم الفصل بين المواد الدعائية والمواد الإعلامية ، ورصد” أكيد” العديد من الأشكال والأنماط التي ظهرت عليها هذه الممارسة ومنها:

  • بث برامج تلفزيونية للمرشحين لتقديم برامجهم وعرض شعارتهم على شكل برامج تلفزيونية إعلامية، علما بأن هذه البرامج الدعائية مدفوعة الأجر، ولم يسبق لهذه المحطات أن أشارات إلى أن هذا البرنامج مفتوح أمام كافة المرشحين أو انها مدفوعة أو غير مدفوعة، باستثناء التلفزيون الأردني الذي قدم إعلانات دعائية للمرشحين غير مدفوعة الأجر، وتم الإعلان عن ذلك مرارا على الشاشة، وتم توزيع هذه المدة الزمنية بالتساوي على الراغبين في هذه الفرصة.
  • بث مواد دعائية مدفوعة الأجر على شكل أخبار عبر الشريط الإخباري الذي تعوّد المشاهد أن يرى عليه مواد إخبارية، دون إيراد أي اشارة على أن هذه مواد دعائية مدفوعة الأجر.
  • نقل كامل لافتتاح مقرات انتخابية لبعض المرشحين والقوائم الانتخابية، ووصل إلى مدة قد تتجاوز ساعتين دون الإشارة إلى أن هذه المادة دعائية مدفوعة الأجر.
  • قامت بعض المحطات بإفراد شريط إخباري لأخبار قائمة انتخابية واحدة دون غيرها، وعلى مدى أيام الحملة، على الرغم أن الشريط يحمل عنوان عام مثل: “الأردن ينتخب”.
  • قامت بعض المحطات التلفزيونية بتحويل بعض البرامج الحوارية أو الإخبارية العامة المعروفة سابقا لدى هذه المحطات إلى برامج لبث الدعاية الانتخابية المدفوعة دون الإشارة بوضوح إلى أن ما يبث هو مادة دعائية.

في المقابل كان الخلط بين الإعلانات المدفوعة الأجر والمواد الإعلامية في أداء الصحافة اليومية ومحطات الاذاعة المرصودة أقل بكثير، حيث سجل ( 47) حالة في الصحافة المطبوعة، و22 حالة في الإذاعات المرصودة، وعددها أربع إذاعات، في حين مارست بعض الصحف اليومية تبني حملات دعائية مدفوعة الأجر لبعض المرشحين والقوائم، ما أوقعها أحيانا في ارتكاب مخالفات مهنية واضحة في نشر تقارير وأخبار حول بعض المرشحين، تصب في حملاتهم الدعائية ما يجعل تصنيف تلك الأخبار والتقارير بانها دعاية نشرت على شكل أخبار مضللة.

خلفيات فوضى سوق الإعلان والتغطية الانتخابية

وفي حديث لـ نقيب الصحافيين طارق المومني لمرصد “أكيد” حول حيثيات إصدار النقابة لبيان يحذر المرشحين من التعرض للابتزاز من قبل بعض الاشخاص منتحلي صفة صحافي، يقول: “الهدف من إصدار البيان تحذير المرشحين من بعض السلوكيات المخالفة التي ترتكبها بعض الجهات الإعلامية أو الأشخاص الذين ينتحلون صفة الصحافي لجلب الإعلانات وذلك بعد ورود العشرات من الشكاوي إلى النقابة”.

ويتابع المومني: “يستغلون موسم الانتخابات من أجل جمع المال حيث يتواصلون مع المرشحين ويهددونهم في حال لم ينشر المرشح أية اعلانات في موقعه، سيقوم ذلك الشخص بنشر مواد سيئة تؤثر على حملته الانتخابية سلبا، ومنهم من يهدده في حال عدم التعاون ستتولى بعض المواقع استهدافه واختلاق الروايات حوله وحول برامجه الانتخابية، وهو أمر مخالف لكافة القوانين ومن حق المرشح اختيار الوسيلة الإعلامية التي يرغب بالتعاون معها”.

ويأتي دور النقابة في متابعة المخالفات التي قدم المرشحون عنها شكوى وتتعلق بأعضاء نقابة الصحافيين، أما بالنسبة للمخالفين من خارج دائرة النقابة فينصح مجلس النقابة المرشحون اللجوء إلى القضاء وتقديم الأدلة الواضحة على ما يدعون.

وأكد المومني أن الرقابة تقع على المواقع الإخبارية التي يشترط ترخيصها وجود رئيس تحرير عضو في نقابة الصحافيين، بينما لا يشترط ذلك في المواقع المتخصصة، كما ان العديد من الوسائل الإعلامية تقدم للمرشح عرضا متكاملا يجمع ما بين نشر الإعلانات والتغطية الإخبارية للنشاطات، وافتتاح المقرات، وعمل الحوارات ولقاءات الفيديو، وهذا ليس بالأمر المخالف حسب تعبير نقيب الصحفيين. وفيما يخص الفصل بين الخبر والإعلان، يوضح المومني: “قواعد التفرقة بينها أحيانا لا تكون واضحة، لكن لا بد من الاشارة بوضوح إلى الإعلانات مدفوعة الاجر”.

ويأتي بعض هذه الممارسات المخالفة من قبل وسائل إعلامية من باب التنافس للحصول على النسبة الأكبر من الإعلانات، في ظل توقعات بأن يصل حجم الإنفاق على الدعاية الانتخابية نحو 75 مليون دينار. وبهذا الخصوص اتصل “أكيد” مع الخبير الاقتصادي زيان زوانة الذي قال “إن ما يحدث من انفاق على الدعاية الانتخابية يشير إلى الزخم المالي المخصص لذلك، والقدرة المادية الكبيرة للمرشحين حيث تتكرر صورهم بشكل لافت وبالقرب من بعضها، في وقت ألزمت فيه الهيئة المستقلة للانتخاب المرشحين التسجيل ضمن قوائم، لكنها لم تلزمهم الدعاية الانتخابية ضمن قوائم أيضا، لنجد انفسنا في بحر من الصور الفردية”.

ويعزو زوانة إقبال المرشحين على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية إلى قرب المواطن الأردني من الانترنت وتفاعله معه بشكل أكبر من الوسائل الإعلامية التقليدية مثل الصحف، ولأن المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي استغلت الأدوات التكنولوجية الحديثة وقدمت مزايا عديدة للمرشحين دفعتهم إلى الإعلان من خلالها، بينما بقيت الصحف على عهدها القديم بانتظار المرشح القادم من أجل الاعلان.

وأشار التقرير الاول لرصد التغطية الإعلامية للانتخابات الذي أصدره معهد الإعلام الأردني إلى تراجع حصة الصحافة اليومية من الإعلانات الانتخابية إلى نسبة 1% وهو تراجع غير مسبوق، ساهم في إثارة التنافس بين الوسائل الأخرى ما دفع بعضها إلى ارتكاب مخالفات مهنية.

ويضيف زوانة: “ما زالت إدارات الصحف اليومية تعتمد الأسلوب التقليدي القديم ولم تستغل المرحلة اقتصاديا بالشكل الجيد، حيث كان من المفترض بها أن تصدر ملاحق يومية للانتخابات تتناول فيها الحملات الانتخابية للقوائم واعلاناتهم وصورهم إلى جانب نبذة من سيرتهم الذاتية وشعاراتهم بحيث تلفت انتباه المرشح وتجعله راغبا بالحصول على هذه الخدمة.

وفي نفس الشأن يبين المحلل الاقتصادي مازن ارشيد لـ “أكيد” أن الدعاية الانتخابية اليوم اختلفت كثيرا عما كانت عليه في الثمانينات والتسعينات حيث كانت تركز على الصحف اليومية، بينما اليوم أصبح الزخم الإعلاني والدعائي على المواقع الالكترونية وقطاع الاتصالات عبر الرسائل القصيرة، كونها الأقرب وتصل بشكل أسرع إلى الناس، وهذا ما لم تنتبه إليه الصحف اليومية من خلال تفعيل مواقعها الالكترونية واستغلالها بشكل جيد.

 ويلاحظ ارشيد من خلال تتبعه الدعاية الانتخابية، تراجع حجم الانفاق على الدعاية الورقية والتركيز على المحطات الفضائية التي تستخدم الشرائح الثابتة،  بينما اتجه العديد من المرشحين نحو وسائل التواصل الاجتماعي كونها مجانية، ومنهم من اعتمد على المواقع الالكترونية التي تتنافس فيما بينها في تقديم الأسعار المناسبة.  

ومن وجهة نظر الصحافة، يرى الكاتب الصحافي والمحلل الاقتصادي يوسف ضمرة في اتصال مع “أكيد” أن الدعاية الانتخابية في هذا الدورة تتصف بالتنظيم بشكل أكبر مقارنة بالانتخابات الماضية، بسبب اشتراط الهيئة المستقلة للانتخاب وجود حساب بنكي مستقل توضح فيه سقف الإعلانات.

ويلاحظ ضمرة أن الزخم الاكبر للإعلانات موجود في الشوارع من خلال اليافطات متنوعة الأحجام، ولفت ضمرة الانتباه إلى قضية المرشحين الفرديين والذين يروجون لأنفسهم بعيدا عن القائمة، مستحوذين على النسبة الأكبر من الانفاق الاعلاني.

وبحسب المادة 7 من قانون المطبوعات والنشر فان آداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها ملزمة للصحفي، وتشمل الامتناع عن جلب الإعلانات أو الحصول عليها. ونصت المادة 9 من ميثاق الشرف الصحافي: “رسالة الصحافة تقتضي الدقة والموضوعية، وإن ممارستها، تستوجب التأكد من صحة المعلومات والأخبار قبل نشرها، ويراعي الصحافيون عدم نشر معلومات غير مؤكدة أو مضللة أو مشوهة أو تستهدف أغراضا دعائية بما في ذلك الصور والمقالات والتعليقات. كما يجب التمييز بوضوح بين الحقيقة والتعليق أو بين الرأي والخبر”.

و نصت المادة 17 من الميثاق: “لا يجوز الخلط بين المادة الإعلانية والمادة التحريرية، ولا بد أن تتضح التفرقة بين الرأي والإعلان، فلا تندس على القارئ آراء وأفكار سياسية ودعائية في صورة مواد تحريرية. وفي البند 4 من نفس المادة “يجب أن يتم النص صراحة على المادة الإعلانية (سواء التحريرية أو غيرها) بأنها إعلان”.