زاوية )الأكثر قراءة) في المواقع الالكترونية.. تنوع خيارات التفاعل

  • 2017-11-04
  • 12

أكيد- أحمد أبو خليل

تنشر مواقع الكترونية زاوية بعنوان "الأكثر قراءة" وتضعها في موقع بارز على الصفحة الرئيسية في أغلب الحالات، وتمثل العناوين الواردة في هذه الزاوية خيارات المتصفحين المفضلة في لحظة معينة. وبالطبع يجري التحديث المناسب للمحتويات وفق ترتيب تقني معين.

في التقرير التالي، نتفحص محتوى زاوية "الأكثر قراءة" في أربعة نماذج، أحدها يخص موقع الكتروني إخباري بارز هو "الوكيل الاخباري"، وثلاثة نماذج تخص مواقع تابعة لصحف يومية. وقد اخترنا لحظة واحدة، هي ظهر يوم الاثنين 30 تشرين أول الفائت بغية جعل المقارنة منطقية.

إن هدف التقرير هنا يقتصر على محاولة عامة للتفسير، وليس تقديم أحكام أو تقييمات تخص وسائل إعلام بعينها، خاصة وأن أغلب هذه الوسائل لم تدرج زاوية "الأكثر قراءة" ضمن أبوابها على الصفحات الالكترونية.

وضمت قائمة الأكثر قراءة في النموذج الأول (موقع الوكيل) العناوين التالية:

أردني وضع كاميرا لمراقبة والده المشلول فكانت الصاعقة!، المنسف يتسبب بطلاق زوجين في عمان.. تفاصيل، يحدث في غرفة 15 في مستشفى البشير!، هذه حقيقة إحراق سيدة لطفليها بعد خلاف مع زوجها في الزرقاء.. صور، حل لغز الطفلين بكر وعلي في عمان، القبض على شخصين اعتديا على طفل في اربد- شاهد فيديو الاعتداء، إليكم كيفية إضاءة شعار أبل في الأيفون، وهذا ما قاله قاتل الطفل في عمان وكيف قتله.

أما النموذج الثاني (موقع صحيفة الرأي) فقد ضم العناوين التالية:

رسوم استخدام الطرق خيار متاح ضمن منظومة متكاملة لمعالجة الاختناقات المرورية، وفيات 30/ 10/ 2017، طقس غائم وأمطار متوقعة اليوم وغدا، همم تتسابق لبلوغ القمم، رئيس الأركان يزور قوة الدفاع المجرية، جماعة عمان: مكانة المرء بأخلاقه وليس بوظيفته.

النموذج الثالث (الغد) ضم العناوين التالية:

مُلّاك يطالبون باسترجاع أراضي مخيم المحطة، الرمثا يعود بقوة ويتمسك بالصدارة، أفكار غير مكلفة لتدفئة البيت في الشتاء، مع بدء موسم "ذهب الأردن".. الشكوى..، لجنة حكومية تدرس آلية إيصال دعم الخبز، انتقاد مالوش والمحارمة غير راض عن..، أمير قطر: السعودية وحلفاؤها العرب..، واشنطن ترفض قانون "القدس الكبرى"، نجود تهزم الإعاقة وتثبت قدرتها على..، أجواء خريفية مائلة للبرودة.

النموذج الرابع (السبيل) ضم العناوين التالية:

شاهد.. فتاة تقبل يد أردوغان فيفاجئها بهذا الفعل، هذا العصير يفعل العجائب بجسمك إذا تناولته يوميا، محامي مصري: اغتصاب الفتاة واجب قومي إذا ارتدت ملابس ممزقة (شاهد فيديو)، شاهد.. ليث شبيلات يبيع الكعك بمخبز صلاح الدين، خاشقجي يفجر مفاجأة: 4 مليارات تنهي الأزمة (فيديو).

من الواضح أن قوائم العناوين الواردة متنوعة بشكل واضح. ففي موقع "الوكيل" يبدو أن الخيارات تركزت على المواضيع المتعلقة بالجرائم والمشكلات الاجتماعية، بينما كانت الخيارات أكثر "وقارا" عند متصفحي موقع "الرأي" فالعنوان الأول يتعلق بفرض رسوم على استخدام الطرق، تلاه خبر الوفيات، ثم خبر حالة الطقس.. اما خيارات متصفحي صحيفة "الغد" فالأولوية كانت لمواد إخبارية آنية أو أخبار الرياضة. أما في موقع صحيفة "السبيل" وهي صحيفة ذات توجه اسلامي، فقد كان عنوانها الأبرز في قائمة الأكثر قراءة يتعلق بصورة للزعيم التركي أردوغان، ثم نقرأ خبرا عن عصير يفعل العجائب، ثم تنقل الصحيفة خبرا عن محام يعتبر اغتصاب الفتاة التي ترتدي ملابس ممزقة "واجب قومي".

شكليا، من الواضح أن موقع "الوكيل" وموقع "السبيل" نجحا في جذب المتصفحين إلى العناوين المثيرة للفضول. لاحظوا في الموقعين تكرار كلمات مثل: "بالفيديو" أو "شاهد" أو "اغتصاب" و"قتل" و"مفاجأة".

الدكتور وليد الكيلاني أستاذ علم النفس المختص بالحرب النفسية يقول في اتصال مع "أكيد"، "إن العلم حدد عدة عوامل تتحكم بخيارات الفرد في حياته اليومية عموما وينطبق ذلك على خياراته أمام الشاشة، ومن ذلك: الدوافع والحاجات ومستوى الإدراك العقلي والنفسي للشخص المعني إضافة إلى ما يعرف بالاتجاهات عند الفرد، سلبية كانت أم إيجابية، وأخيرا العمليات الذهنية كالحب والكراهية".

ويشرح الكيلاني "إن الدوافع متغيرة بين فرد وآخر وبين فئة وأخرى، وكذلك الحاجات التي رغم أن العلوم وضعتها في قائمة أولويات معروفة وظل الغذاء في مقدمتها، غير أنه مؤخرا هناك تيار علمي يقول إن البحث عن الأمن قد يتقدم على الغذاء. ولكن ما يحدد الخيار النهائي في الحالة الفردية هو نوع شخصية الفرد المعني. إن الفرد يبحث عما يعزز موقفه وسلوكه ويناسب شخصيته".

لكن الكيلاني يشير إلى دور "الفضول" في حالة المادة الإعلامية، لأن الفرد لا يحب أن يعزل نفسه عما يجري أو عما يعتقد أنه سائد حوله، وفي هذا السياق فإن عرض قائمة باختيارات الآخرين تدفع الفرد المتصفح إلى اعتمادها عن طريق تقليدها والانتماء إليها.

وفي الحالة المدروسة هنا، يشير الكيلاني إلى ضرورة الانتباه إلى شخصية المؤسسة الإعلامية التي تلعب دورا في تحديد روداها او متصفحيها، وهذا قد يفسر جانبا من تنوع الخيارات.

غير أن دراسات أخرى تقترب أكثر من مناهج علم النفس الاجتماعي والأنثروبولوجيا، أخذت تنتبه إلى تبدلات وضع المتلقي في الإعلام الجديد، فصحيح أن المتصفح يقوم بنشاطه كفرد أمام شاشته أو هاتفه، لكن ازدياد التفاعل وسرعته التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي، جعلت الأفراد المتلقين يدركون أنهم "جمهور" فعلي يتواصل أفراده بصورة ما.

إن إتاحة فرصة مشاركة المادة المنشورة مع الأصدقاء وإرفاقها بتعليق (تقييم أو حكم) أو من خلال "الهاشتاغ"، يعني الدفع باتجاه موقف معين. إن المتلقين اليوم، ومن وضعية فردية يتفاعلون بصورة أقرب إلى الجماعية، وقد ساعد في ذلك تنوع خيارات التفاعل التي يوفرها التواصل الاجتماعي، بين إبداء الاعجاب أو الغضب أو المفاجأة أو الحب أو غيره.