بيت براون، جامعة أكسفورد – ترجمة خاصة لـ “أكيد”
نشر موقع صحيفة “ذا كونسيرفاتف بوست”[1] العنوان الصارخ التالي: “وهكذا تبدأ القصة… علمداعش يرتفع بين اللاجئين الذين يتشاجرون مع الشرطة في ألمانيا”. “مع هذه الصورة الجديدة، يبدو كل شيء مؤكدا”، إذ أنها عرضت ما يظهر وكأنه مجموعة من اللاجئين السوريين يحملون أعلام داعشويهاجمون رجال الشرطة الألمانية.
كان هذا الخبر بمثابة هبة من السماء لكل من هو رافض لقبول اللاجئين في أوروبا، فانتشرت الصورة بسرعة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي مدفوعة من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة مثل “رابطة الدفاع الإنجليزية” و”بيغيدا المملكة المتحدة“[2]. وفي وقت كتابة هذا التقرير، تمت مشاركة الصفحة التي تظهر عليها الصورة أكثر من 300000 مرة.
المشكلة تكمن في أن عمر هذه الصورة التي نشرتها الصحيفة ثلاث سنوات، ولا علاقة لها بأزمة اللاجئين. في الواقع، يبدو أن الصورة تمثل مواجهة بين أعضاء الحزب اليميني المتطرف “ “Pro-NRWومظاهرات مضادة للمسلمين في بون عام2012 . وقامت بالفعل بعض الجهات الإعلامية بتسليط الضوء على كون هذا الخبر كذبة، بما في ذلك “فايس” و“ذا انديبندنت” و”الميرور“[3]، بالإضافة إلى العديد من مستخدمي “تويتر“[4].
لكن الأخبار في العصر الرقمي تنتشر بطريقة أسرع من أي وقت مضى، وكذلك الأكاذيب والخدع. وتماما كما التراجع والتصحيح في الصحف، فإن دحض المعلومة الخاطئة التي تنتشر على الإنترنت غالبا ما يكون أثره أقل من النبأ المضلل الأصلي. كما قلت سابقا، مهارات التحقق الرقمية ضرورية للصحفيين اليوم، والمؤسسات الأكاديمية بدأت بتوفير هذا التدريب اللازم.
ولكن الناس العاديين بدأوا أيضا باتخاذ نهج أكثر تطورا اتجاه المحتوى الذي يعرض على الإنترنت، فقراءة الأخبار لم تعد كافية والمطلوب الآن فهم العمليات التقنية الخاصة بعرض هذه الأخبار، ولحسن الحظ، هناك بضع تقنيات [i]فعالة نسبيا للتحقق من المادة المعروضة والتي لا تتطلب معرفة متخصصة أو برامج مكلفة.
أدناه ست أدوات بسيطة مجانية بإمكان أي قارئ أخبار فضولي استخدامها للتحقق من وسائط الإعلام الرقمية.
البحث العكسي عن الصور[5]
البحث العكسي عن الصور من أبسط أدوات التحقق، وهو أيضاً الذي كشف أن الصورة التي تم تسريبها لعلم داعش بين اللاجئين مزيفة. كلا الوسيلتين الأكثر شعبية – “صور غوغل“ و”تين آي“[6] – وجدتا صفحات تحتوي على هذه الصورة يعود تاريخها إلى منتصف عام 2012 . كما تبين الصورة أدناه، يمكننا اكتشاف أن قصة ” اللاجئين وعلم داعش“ مزيفة في أقل من ثانية.
http://akeed.jo/wp-content/uploads/2016/01/6111-300x127.jpg 300w" sizes="(max-width: 754px) 100vw, 754px" style="outline: 0px !important; max-width: 630px !important;">
عندما تم نشر رابط لهذه القصة على “ريديت”[7]، توجه المستخدمون المتشككون بسرعة إلى غوغل للتحقق منها، وعاد أحد المستخدمين سريعا ليقول أن “البحث على صور غوغل يظهر أن الصورة تعود إلى عام 2012.”
“يوتيوب داتا فيور”[8]
عند مشاهدة أحدث الفيديوهات المنتشرة على يوتيوب، فمن المهم أن نحتاط للـ “سكرابس”[9]. “السكراب”هو فيديو قديم تم تنزيله من موقع يوتيوب ومن ثم إعادة تحميله من قبل شخص يدّعي كاذبا بأنه شاهد العيان الأصلي، أو يؤكد أن الفيديو صَوّر حدثا جديدا.
منظمة العفو الدولية لديها أداة بسيطة ومفيدة جدا تُدعى يوتيوب داتا فيور. عندما يتم إدخال الرابط الخاص بعنوان الفيديو، تقوم هذه الأداة باستخراج وقت تحميل المقطع وجميع الصور المصغرة المرتبطة به. هذه المعلومات – التي لا يمكن الوصول إليها عبر “يوتيوب” نفسه بسهولة – تمكنك من إطلاق عملية ذات شقين للتحقق من الفيديو.
إذ تم العثور على عدة نسخ من نفس الفيديو على موقع “يوتيوب”، يُمَكّنك التاريخ من تحديد أول تحميل لهذا الفيديو، وتكون هذه النسخة على الأرجح هي النسخة الأصلية. ويمكن أيضا أن تستخدم الصور المصغرة في البحث العكسي عن الصور للعثور على صفحات الإنترنت التي تحتوي على الفيديو، وتقدم طريقة سريعة وقوية لتحديد الإصدارات القديمة أو استخدامات الفيديو نفسه.
“جيفري اكسيف فيور”[10]
الصور ومقاطع الفيديو والصوت التي أُخِذَت بالكاميرات الرقمية والهواتف الذكية تحتوي على ملف معلومات عن هذه المواد يدعى “اكسيف”[11] يتضمن تفاصيل مهمة تصف نوع الكاميرا المستخدمة، وتاريخ ووقت ومكان إنشاء المادة الإعلامية. يمكن أن تكون هذه المعلومات مفيدة جدا إذا كان أصل المادة أو حساب صاحب المادة مشكوكا بأمره. في مثل هذه الحالات، تتيح لك الوسائل التي تقرأ ملفات الـ اكسيف مثل جيفري اكسيف فيور الفرصة لتحميل أو إدخال رابط الصورة والاستعلام عن جميع البيانات التي تصفها.
فيما يلي بيانات ملف الـ اكسيف الخاصة بصورة أخذتها من حادث تحطم حافلة في بوول في المملكة المتحدةفي آب من عام 2014 . انها شاملة للغاية، ولو أنني ادعيت أنني التقطت هذه الصورة الأسبوع الماضي في سواناج مثلا، فإن دحض مثل هذا الادعاء سيكون سهلا جدا. تجدر الإشارة هنا إلى أن مواقع “فيسبوك”، و”إينستاجرام” وتويتر[12] تزيل بيانات اكسيف عندما يتم تحميل المحتوى على السيرفرات الخاصة بها، لكن المواد الإعلامية التي يتم مشاركتها عبر منصات مثل” فليكر” و”واتس آب”[13] لا تزال تحتوي على تلك المعلومات.
http://akeed.jo/wp-content/uploads/2016/01/6666-300x274.jpg 300w" sizes="(max-width: 588px) 100vw, 588px" style="outline: 0px !important; max-width: 630px !important;">
“فوتو فورينزكس”[14] (التحليل الجنائي للصور)
فوتو فورينزكس هي أداة تستخدم أسلوب تحليل مستوى الخلل في الصور[15] للكشف عن أي أجزاء في الصورة يمكن أن تكون قد عُدِّلَت أو تم استخدام “الفوتوشوب” فيها.[16] تسمح هذه الأداة للمستخدم بتحميل الصورة المشكوك بها أو إدخال الرابط الخاص بالصورة لتقوم بعد ذلك بإبراز مناطق التفاوت في جودة الصورة مما يشير إلى وجود تعديلات فيها. إضافة إلى ذلك، توفر هذه الأداة عدة خيارات لمشاركة هذه الصور الذي من شأنه التصدي لإعادة ترويج هذه المعلومات الغير دقيقة، وذلك عن طريق السماح للمستخدم بتوفير رابط مباشر إلى صفحة “التحليل الجنائي للصور” (فوتوفورينزكس) التي أنشأها.
ولفرام ألفا هو عبارة عن “محرك معرفة حسابية”[18]، يسمح لك التحقق من أحوال الطقس في وقت ومكان معين. يمكن للمستخدم إتمام عمليات البحث باستخدام معطيات مثل “الطقس في لندن في الساعة الثانية ظهراً بتاريخ 16 تموز 2014″. فعلى سبيل المثال، إذا تم مشاركة صورة لعاصفة ثلجية غير متوقعة على مواقع التواصل الاجتماعي بينما تُظهِر نتائج البحث على ولفرام ألفا أن درجة الحرارة في تلك المنطقة عند التقاط الصورة كانت 27 درجة، فذلك يعني أن هنالك سبب للشك في صحة هذه الصورة.
http://akeed.jo/wp-content/uploads/2016/01/1166-300x292.jpg 300w, http://akeed.jo/wp-content/uploads/2016/01/1166-768x748.jpg 768w" sizes="(max-width: 728px) 100vw, 728px" style="outline: 0px !important; max-width: 630px !important;">
المعطيات التي تم إدخالها في ولفرام ألفا:
الطقس في لندن في الساعة الثانية ظهراً بتاريخ 16 تموز 2014
النتائج:
حالة الطقس التي تم تسجيلها في لندن:
الخرائط على الإنترنت
تحديد موقع صورة أو فيديو مشكوك في صحته جزء حاسم من عملية التحقق من صحة هذه المواد. جوجلستريت فيو وجوجل إيرث[19] )مصدر لصور توثيقية تلتقطها الأقمار الصناعية) وويكي مابيا (نسخة عن خرائط جوجل تقدم معلومات إضافية يوفرها الجمهور)[20] كلها أدوات ممتازة لإجراء هذا النوع من التحري.
يجب على المستخدم المقارنة بين أي نقاط مرجعية يمكن إيجادها ما بين المادة المشكوك في صحتها والصور التي توفرها هذه الأدوات، وعليه أيضا التحقق من تطابق أي معالم مميزة بينها وتحديد ما إذا كانت المعالم الطبيعية للمنطقة الجغرافية في الصور هي نفسها. وكثيرا ما تستخدم هذه المعايير الثلاثة في المقارنة للتحقق من أن الفيديو أو الصور تم بالفعل التقاطها في الموقع الذي يدعي الشخص الذي حمّل هذه المواد أنه التقطها به.
برنامج جوجل إيرث على وجه التخصيص تم استخدامه بشكل ممتاز من قبل إليوت هيغنز المعروف باسمبراون موزيس من موقع “بيلنغ كات”[21] المخصص لصحافة المواطن الاستقصائية.
[1] The Conservative Post
[2] English Defence League and Pegida UK
[3] Vice, the Independent and the Mirror
[4] Twitter
[5] Reserve image search
[6] Google Images and TinEye
[7] Reddit
[8] YouTube Data Viewer
[9] scrapes
[10] Jeffrey’s Exif Viewer
[11] Exchangeable Image File (EXIF) information
[12] Facebook, Instagram and Twitter
[13] Flickr and WhatsApp
[14] FotoForensics
[15] error level analysis (ELA)
[16] “photoshopped”
[17] WolframAlpha
[18] “computational knowledge engine”
[19] Google Street View, Google Earth
[20] (a crowd-sourced version of Google Maps featuring additional information)
[21] Elliot Higgins AKA Brown Moses, of Bellingcat
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني