ضعف قانوني في تغطية مناقشات النواب وضجة حول تصريحات القضاة

ضعف قانوني في تغطية مناقشات النواب وضجة حول تصريحات القضاة

  • 2017-04-19
  • 12

أكيد - وصفي الخشمان

مثلت جلسة مجلس النواب التي عقدت يوم الثلاثاء لمناقشة تقارير ديوان المحاسبة، مادة دسمة للصحافيين، عقب تصويت أعضاء المجلس بالأغلبية على تحويل 3 إيضاحات متعلقة بوزراء إلى النائب العام.

وأفردت وسائل إعلام محلية خلال اليومين الماضيين مساحات على صفحاتها الورقية والالكترونية لنقل مجريات مناقشة مجلس النواب لتقارير ديوان المحاسبة خلال الأعوام من 2009 وحتى 2015.

وتفاوتت المساحات بين خبر مقتضب، ومادة جامعة لأهم المجريات ومقتطفات من مداخلات النواب، وبين نشر مواد منفصلة ومفصلة لمداخلات عدد من النواب.

وغطت المواقع والصحف ومعها منصات التواصل الاجتماعي الضجة التي دارت حول ما قصده النائب محمد نوح القضاة، في مداخلته خلال مناقشة التقارير، بربطه بين دفع الضرائب ومكافحة الفساد.

وركزت المعالجات الصحافية لمداخلة القضاة على دعوته للأردنيين إلى الامتناع عن دفع الضرائب، في حين فسرت مواقع إخبارية ما قاله النائب عن محافظة الزرقاء بأنه دعوة للحكومة للتوقف عن فرض الضرائب لحين محاسبة الفاسدين.

وعقب صدور توضيح من القضاة ونفيه الدعوة إلى الامتناع عن دفع الضرائب، خرجت مواقع بعناوين تزعم تراجعه عن تصريحاته.

واستمع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) إلى مادة مصورة لمداخلة القضاة، ولم يجد فيها دعوة مباشرة إلى عدم دفع الضرائب.

في سياق متصل، لاحظ مرصد (أكيد) اختلافاً في هوية الوزراء المحالين إلى النائب العام؛ ففي حين ذكرت معظم وسائل الإعلام أنهم وزراء زراعة سابقون، بينت أخرى أنهم وزراء صحة وتربية وزراعة سابقون.

كما لاحظ المرصد اكتفاء معظم وسائل الإعلام بنقل المجريات دون استخدام خلفيات تحوي نصوصاً قانونية، ما فتح الباب أمام "محللي" منصات التواصل الاجتماعي للإدلاء بدلوهم.

وكانت صحيفة واحدة على الأقل أعدت، قبيل انعقاد جلسة المجلس، قصة إخبارية عن تقارير ديوان المحاسبة، ضمنتها نصوصاً قانونية تتعلق بمساءلة الوزراء، وقدمت "تفاصيل" عن ماهية الايضاحات الثلاثة.

كما سبق لموقع إخباري واحد على الأقل ومقال في صحيفة يومية أن أشارا إلى ما خلصت إليه اللجنة المالية في مجلس النواب بعد دراستها لتقارير ديوان المحاسبة التي تغطي سبع سنوات.

واعتبرت كاتبة المقال أن خيارات مجلس النواب "ضيقة" في مكافحة الفساد على خلفية قرار المجلس العالي لتفسير الدستور عام 2008 بأنه "لا يجوز لمجلس النواب الطلب من النيابة العامة مباشرة التحقيق في مخالفات وردت في تقرير ديوان المحاسبة".

وبالعودة إلى القرار المذكور الذي يوضح الفرق بين حق النواب بإحالة وزير للمحاكمة أمام المجلس العالي وعدم حقهم في إحالة غيره من الموظفين، وبعد الاطلاع على التعديلات التي طرأت على المادتين (55) و(56) فإن ما ذهبت إليه كاتبة المقال قد جانب الصواب.

 وتنص المادة (55) من الدستور على: "يحاكم الوزراء على ما ينسب إليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم أمام المحاكم النظامية المختصة في العاصمة وفقاً لأحكام القانون"، وتنص المادة (56): "لمجلس النواب حق إحالة الوزراء إلى النيابة العامة مع إبداء الأسباب المبررة لذلك، ولا يصدر قرار الإحالة إلا بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب".

 ويؤكد النائب الدكتور مصطفى ياغي في اتصال هاتفي بـ (أكيد) عدم صواب ما ذهبت اليه الكاتبة، قائلاً "إن المجلس العالي لتفسير الدستور بحكم المنتهي بعد إنشاء المحكمة الدستورية، ويحق لمجلس النواب بموجب التعديلات الدستورية التي أجريت عام 2011 إحالة وزراء إلى النائب العام، ومحاكمتهم أمام المحاكم النظامية".

وينبه "أكيد" إلى أهمية تعزيز الثقافة القانونية عند الصحافيين العاملين في مجال تغطية جلسات مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب، كون عمل المجلسين يتركز في مجال التشريع، والعودة إلى مختصين في حال مناقشة قضية قانونية جدلية، مع التأكيد على مراعاة الدقة والموضوعية في نقل مداخلات أعضاء المجلسين خلال المناقشات.

وأقر وليد الهباهبة الصحافي المتخصص في متابعة نشاطات مجلس الأمة في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) بوجود "جهل قانوني" من قبل الصحافيين فيما يتعلق بالقوانين الناظمة لعلاقة السلطة التشريعية بالسلطتين التنفيذية والقضائية، مضيفاً أن هناك مهام يؤديها المجلس يتعامل معها الإعلام "بسطحية قانونية، وتصل إلى الرأي العام بطريقة مغلوطة لا تعبر عن التقاليد البرلمانية ولا تنسجم مع النظام الداخلي".

واعتبر أن تناول الإعلام لمناقشات النواب تقارير ديوان المحاسبة سادها "إشكالية"، وأظهرت التغطيات الصحافية أن النواب هم أصحاب السبق في إحالة الإيضاحات الثلاثة إلى النائب العام، على الرغم من أن القانون كفل للديوان الحق في إحالة كل مسؤول شابت أداءه مخالفة تستوجب التحويل.

ونبه الصحافي المتخصص في الشؤون البرلمانية إلى أن تقارير ديوان المحاسبة ترفع إلى مجلس النواب ومجلس الوزراء، والمشرع أناط بمجلس النواب دور مراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها ومتابعة إجراءاتها تجاه المخالفات الواردة في تلك التقارير.

كما انتقد ما سماها "عملية اغتيال للشخصيات" مورست إعلامياً ونيابياً تجاه وزراء حولت إيضاحات حول أدائهم إلى النائب العام.