أكيد – أنور الزيادات
شغلت جريمة قتل طفل واغتصابه التي وقعت في عمان في الثامن من تموز الحالي الرأي العام، وعالجتها وسائل اعلام متعددة ضمن تغطيات اخبارية شاب بعضها مخالفات مهنية وأخلاقية، استنادا الى تقرير سابق ل"أكيد".
وفي هذا التقرير نسلط الضوء على الفيديوهات التي رافقت التغطية وتضمنت لقاءات مع أقارب طرفي القضية (الضحية والمتهم بارتكاب الجريمة)، وحملت انفعالات عاطفية في طياتها وتفاصيلها.
ومن الفيديوهات التي أثارت آراء مختلفة فيديو تحدث خلاله والد المتهم بقتل الطفل ونشره موقع "رؤيا" الاخباري على يوتيوب وحصل على حوالي 140 الف مشاهدة، وأعاد نشره عدد من المواقع، وطالب والد المتهم في الفيديو "بأقصى العقوبات بحق ولده إذا ثبتت إدانته"، وقال "أنه يطالب بإعدام إبنه في حال ثبوت التهم المنسوبة اليه"، مؤكدا رفضه وعائلته لما حصل.
وأكد والد المتهم في الفيديو ثقته بالقضاء والتحقيقات الجارية بحق ابنه، واضاف "عمري 62 عاما، ولم ندخل مغفر أو نؤذي احدا، والعائلة السورية كانت تأكل معنا"، مشيرا الى أن "هناك علاقات وطيدة مع الأسرة السورية، ابني لم يكن بعقلة ووعيه"، مطالبا "بالتحري عمن اعطاه الحبوب، بصفته شريك في الجريمة".
فيديو آخر نشر على موقع الحقيقة الدولية على اليوتيوب وهو عبارة عن تقرير حصل على ما يزيد عن 33 الف مشاهدة ،التقى خلاله مع والدة الطفل الضحية ووالده وعمه وأثنين من أشقائه احدهما شاب، والأخر طفل في الرابعة عشرة من عمره انهمرت دموعه ولم يستطع الحديث، والكلمات التي عبر عنها كانت نتيجة اصرار من معد التقرير للحصول على المعلومة، ألا ان ما يسجل لهذا التقرير تمويه صورة عامل النظافة الذي أكتشف الجريمة حتى لا تتعرض حياته للخطر.
كما نشر فيديو على موقع صحيفة "الغد" يتضمن تقريرا حول جنازة الضحية حصل على ما يزيد عن 600 الف مشاهدة وتضمن حديثا لعم الطفل عن الجريمة وصورا لسقوط والدة الطفل من الحزن، فيما نشر موقع "رؤيا" فيديو تشييع جثمان الطفل الذي قتل في عمان وتحدث خلاله عم الطفل وحصل على 143 الف مشاهدة.
ونشر فيديو تضمن لقاء مع والدة الطفل المغدور على صفحة تابعة لموقع "وجه الأردن" على يوتيوب وحصل على 17 الف مشاهدة طالبت خلاله أم أحمد بأشد العقوبات بحق مرتكب الجريمة، والفيديو أقرب الى الدردشة منه الى التقرير الإخباري.
وهناك فيديو نشرته قناة أورينت وحصل على حوالي 79 مشاهدة وتضمن تصريحات لوالدة الطفل وعمه، تحت عنوان "جريمة قتل طفل سوري في عمان تـهز الـرأي الـعام الأردنـي".
وقال الزميل الصحفي والمصور في صحيفة الغد أسامة الرفاعي لـ(مرصد أكيد)، "بشكل عام لا يوجد معايير معينة نلتزم بها ولكن حتى بدون وجود قانون من المعروف لجميع الناس والمصورين أن هناك خصوصية لا يجوز اختراقها، فهناك قيم إنسانية تضع ضوابط وحدود معينة للتغطية".
وأوضح الرفاعي الذي صور فيديو "الغد" لجنازة الضحية ، "أن مسؤولية اختيار المواضيع لتصويرها ترتبط بالمصور ومعد التقرير، ويكون العمل بناء على نقاش ونتائج مشتركة، لكن أحيانا يكون المصور في التغطية الإخبارية وحيدا، فيتخذ القرار ويبادر لتغطية الموضوع من وجهة نظره وزاويته الخاصة".
وحول تغطية جنازة الطفل المقتول، أشار إلى أن "عم الطفل هو من بادر ورغب بالحديث للصحيفة"، موضحا أن "هناك نوعين من الأشخاص يبرزان خلال تغطية الأحداث، فمنهم من يبادر للحديث للإعلام فيما ينتفض أخر عند علمه بوجود تصوير، ويطلب عدم التصوير أو حتى الحديث".
وحول المقاطع النهائية للفيديوهات التي تظهر مع التقارير, أوضح "ان هناك قسما خاصا في الصحيفة للمونتاج، وهم من يظهرون التقرير بصورته النهائية، وبعد ذلك يكون للمحررين ورؤساء الأقسام القرار بالنشر وهو ما ينطبق أيضا على الصور الفوتوغرافية".
ويقول المختص بالأخلاقيات الصحافية وقوانين الإعلام الأستاذ يحيى شقير لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، "لا مانع قانونيا من إجراء المقابلات بشرط أن لا يكون من شأنها التأثير في القضاة أو الرأي العام، لكن ما رأيته كله قد يؤثر في الرأي العام والقضاة الناظرين للقضية، وهنا القاضي يمكن أن يتأثر في اصدار حكمه".
ويضيف "مع أن الفاعل جريمته كبيرة وبشعة ألا ان المحاكمة العادلة مصلحة كبرى للدولة والناس والردع العام والخاص".
ويشير شقير الى أن المادة 11 من قانون انتهاك حرمة المحاكم رقم 9 لسنة 1959 تنص على أنه "كل من نشر أمورا من شانها التأثير في القضاة الذين يناط بهم الفصل في دعوى مطروحة أمام أية جهة من جهات القضاء في الأردن أو في رجال القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بتحقيق وفق أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية أو التأثير في الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة في تلك الدعوى أو في ذلك التحقيق أو أمورا من شانها منع شخص من الافضاء بمعلومات لأولي الشأن أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو التحقيق أو ضده يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة اشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين" .
بدوره يقول المدرب في قضايا حقوق الانسان الزميل خالد القضاة لـ(أكيد) ان عرض الفيديوهات واللقاءات مع ذوي الضحايا في هذه الجريمة "لم يكن له أية قيمة اخبارية حقيقية، والهدف كان زيادة عدد المتابعين والمشاهدين وانتفاع الوسيلة الإعلامية وأثبات الحضور لدى الجمهور".
وأوضح "أن تصريحات والدة الضحية ووالد المتهم وغيرهم من أقارب طرفي القضية لا قيمة أخبارية لها، هي فقط لمخاطبة عواطف الجمهور والمتاجرة بمشاعر الناس"، موضحا أنه "حتى اللحظة هذه الفيديوهات لا يعاقب عليها القانون، الا في حالة رفع قضايا من متضررين أمام المحاكم".
وبين القضاة، "أن لقاء شقيق الضحية ووالدته وأقارب أطراف القضية، ربما يسبب وصمة تلاحقهم طوال عمرهم، خاصة وأن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا معروفين للجمهور ولعامة الناس قبل وقوع هذه الجريمة، وهنا نشير الى الجانب المظلم لمثل هذه المقابلات".
وتنص المادة الثالثة من ميثاق الشرف الصحفي" يلتزم الصحفيون بمساندة عدالة القضاء وتأكيد سيادة القانون وعدم التحيز لجانب على آخر أو قضية على أخرى من القضايا التي لم يصدر فيها حكم، وفي هذا الجانب لا ينشر الصحفيون معلومات حصلوا عليها من مصادر غير قضائية منعت الهيئات القضائية خطيا نشرها . ولا يشمل هذا الحظر نشر المادة الصحفية اذا كانت تسلط الضوء على الفساد الظاهر في الاجراءات التي تسبق المحاكمة.
وتنص المادة (11) من ميثاق الشرف الصحفي “يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الاسر والعائلات والافراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة" وكذلك "التفريق في النشر بين الخبر العام والحقيقة الخاصة التي لا تهم الرأي العام ويراعون في جميع الأوقات الخصوصية الفردية ويحسنون التعامل مع الأشخاص الذين تتناولهم الاخبار، الا اذا كانت هذه الخصوصية ذات مساس بالمصلحة العامة أو الحياة السياسية داخل المجتمع.
ويلفت مرصد “أكيد” إلى أن حق المجتمع في المعرفة حق من حقوق الإنسان وهو المهمة الأساسية لوسائل الإعلام بنقل الأخبار ذات القيمة الخبرية التي من شأنها تكريس حق المجتمع في المعرفة الحقيقة البعيدة عن نقل ونشر الأخبار والصور التي لا تحمل قيمة خبرية، والأصل في نشر أخبار الجرائم بحسب عدد من التقارير التي أعدها "أكيد"، نشر الخبر الصامت والذي يقدم الجريمة في مكانها وزمانها وبدء الإجراءات الأمنية للكشف عن حيثياتها، والوقوف على أسبابها لتجنب تكرارها.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني