فيديو الطبيب.. لا يخترق الحياة الخاصة ولا يحقق المصلحة العامة

فيديو الطبيب.. لا يخترق الحياة الخاصة ولا يحقق المصلحة العامة

  • 2017-07-16
  • 12

أكيد - آية الخوالدة

نقلت مواقع إخبارية عن مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر طبيباً ممسكاً بسيجارة خلال وجوده داخل عيادة بمركز صحي يقع في منطقة الهاشمي الجنوبي شرق عمان.

ويبين الفيديو البالغة مدته 31 ثانية، شخصاً ممسكاً بسيجارة غير مشتعلة عرف عن وظيفته واسمه كاملاً، وتبادل حديثاً حول التدخين داخل العيادة الطبية مع شخص يتولى التصوير بواسطة هاتف خلوي.

وفور نشر الفيديو، اتفقت الآراء على صفحات مواقع إخبارية وصفحات تفاعل اجتماعي على أن التدخين في الأماكن العامة ومن ضمنها المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة يشكل مخالفة قانونية، لكنها تباينت حول قانونية الفيديو، وما إذا كان تصوير الطبيب خرقاً للحياة الخاصة ويصب في المصلحة العامة.

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) هذا الفيديو، فقد نشرته المواقع الإخبارية فور انتشاره دون أن تخفي معالم وجه الطبيب، تحت العناوين التالية: الطبيب يدخّن داخل عيادته في المركز الصحي ويتحدّى، داخل مركز صحي .. طبيب يدخن "السيجارة" ويتحدى وزارة الصحة (فيديو).

مواقع إخبارية أخرى نشرت صورة ثابتة من الفيديو، وأخفت معالم وجه الطبيب، لكنها أرفقتها بالفيديو كاملاً دون إخفاء لوجهه، وأجرت حوارا مع الناطق الإعلامي في وزارة الصحة حاتم الأزرعي الذي أكد بدوره حظر التدخين في المستشفيات والمراكز الصحية وتحويل الفيديو الى الجهات المختصة للتحقيق فيه، تحت عنوان بالفيديو.. طبيب يدخن في المركز الصحي ويتحدى وزير الصحة.

موقع إخباري أخر استبق الأحداث ولم ينتظر قرار لجنة التحقيق في الموضوع، ونشر أن عقوبة التدخين في المكان العام هي الحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن 3 أشهر والغرامة المالية لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد عن مائتي دينار، بحسب المادة 53 من قانون الصحة العامة.

ونشرت المواقع الإخبارية قرار وزارة الصحة بعد التحقق من الفيديو حيث وجهت له إنذارا وخصم جزء من حوافزه المالية التي تصرف كل ثلاثة شهور (مدة الدورة)، كما هو معمول به، وأشار الناطق الرسمي في الوزارة في أحد التقارير الى أن التصوير داخل المستشفيات والمراكز الصحية والنشر يعتبر إساءة للطبيب واختراق لخصوصيته، الأمر الذي لم يتقبله أحد المواقع فنشر تحت عنوان الصحة: نحقق بفيديو الطبيب المدخن ونشره اساءة واختراق (طبعا لأنه طبيب).  فيما أشار الناطق في موقع أخر الى أن جميع الوسائل مفتوحة أمام المواطن لإيصال ملاحظته او شكواه إلى الوزارة، وهي الأقدر على حفظ حقوق المريض ومرافقيه إذا كان هناك إهمال أو تقصير، وهي التي تحاسب كوادرها.

وقدم أحد المواقع الطبيب ليعرض وجهة نظره، حيث نفى صحة ما جرى في الفيديو، وشرح أنه أشعل سيجارة في ساحة المركز الصحي، واقترب منه مراجع وسأله أسئلة استفزازية عن التدخين داخل المركز، مضيفاً أنه أطفأ السيجارة، وعاد إلى مكتبه، ليفاجأ بدخول المراجع ذاته وبدئه بتوثيق الحديث عبر كاميرا هاتفه.

وبين الطبيب أن الفيديو يظهر أن السيجارة التي كان يحملها في يده لم تكن مشتعلة.

وعلى إثر انتشار الفيديو في وسائل الإعلام قررت نقابة الأطباء رفع دعوى قضائية بحق مصور الطبيب بتهمة التشهير به إعلامياً وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وبأسلوب استفزازي، حيث قالت النقابة في خطاب موجه للمستشار القانوني، إن مصوّر ذلك المقطع للطبيب عبد الله الداود تسبب بأضرار مادية ومعنوية له، داعية المستشار القانوني للإسراع في تقديم الدعوى ومتابعتها باهتمام بالغ وإعلام النقابة بالنتائج أولاً بأول.

ولاستيضاح الرأي القانوني، تواصل مرصد (أكيد) مع أستاذ التشريعات الإعلامية الدكتور صخر الخصاونة الذي قال إن الفيديو لا يمكن اعتباره خرقاً للحياة الخاصة، لأن الطبيب وافق على التصوير كما هو واضح في حديثه أمام الكاميرا.

وبخصوص تحقيق المصلحة العامة، وفقاً للخصاونة، لم تتوافر عناصرها حيث غاب فيها حسن النية والرغبة في تحقيق المصلحة العامة، إذ يظهر الفيديو تحدياً واستفزازاً في الحديث المتداول بين الطرفين.

وأضاف أن الجريمة التي يعاقب عليها القانون وهي التدخين في الأماكن العامة وخاصة العيادات والمستشفيات الطبية لم تتوافر في الفيديو، حيث لم تكن السيجارة مشتعلة، بينما لو كانت كذلك فمن حق الصحافة والمواطن الانتقاد للشخص المخالف طالما كانت في نطاق الحياة العامة.

وأشار الخصاونة إلى ورود بعض العبارات المسيئة بحق الطبيب والمرفقة بالفيديو، فإذا ثبت أنها صدرت عن الشخص الذي قام بالتصوير، تقع هنا جريمة القدح والذم ويطبق فيها القانون. 

وضمن القانون الأردني الحق في الحياة الخاصة، حيث نصت المادة 7 من من الدستور على أن الحرية الشخصية مصونة وكل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون.

أما قانون العقوبات الاردني المادة (348) فنصت على "يعاقب بناء على شكوى المتضرر بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر كل من خرق الحياة الخاصة للآخرين باستراق السمع او البصر بأي وسيلة كانت بما في ذلك التسجيل الصوتي أو التقاط الصور أو استخدام المنظار، وتضاعف العقوبة في حال التكرار".

وفيما يخص الصحافة والإعلام،  نصت المادة 4 من قانون المطبوعات والنشر على "تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الأخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي إطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرية الحياة الخاصة للأخرين وحرمتها".

وتنص المادة 7 منه على ان "آداب مهنة الصحافة ومصداقيتها ملزمة للصحفي وتشمل احترام الحريات العامة للأخرين وحفظ حقوقهم وعدم المس بحرمة حياتهم الخاصة".

وتنص المادة (11) من ميثاق الشرف الصحفي "يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الاسر والعائلات والافراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين ، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة".