أكيد- أنور الزيادات
نشرت مواقع إخبارية يوم 25 آذار 2017 خبراً بعنوان: "أمام مدير الأمن العام: مصري" و "سوري" يطعنان أردنيا داخل مطعم في اربد".
كل يوم تقع العديد من الحوادث الجرمية التي يتسبب في أغلبها مواطنون أردنيون، وقد يرتبط بعضها بالوافدين، فالجريمة لا جنسية لها، فهي عادة تصرف فردي، ولكن عند نقلها كأخبار فإن استخدام الكلمات والجمل المثيرة، وخاصة في العناوين مثل: "فيديو مرعب: مصري وسوري يطعنان أردنياً"، حول الخبر ذاته المشار إليه أعلاه، فإن هذا قد يخلق ردود فعل سلبية عند المتلقي، ويجعل فئة اجتماعية واسعة، وهي هنا فئة العمال الوافدين من الجنسية المصرية والسورية، في موقع المتهم.
مثل هذه الممارسات تفتح المجال أمام تحوّل وسائل الإعلام من عنصر إيجابي لخفض التوتر في المجتمع، والقضاء على خطاب الكراهية وتجنب تشجيع أعمال الانتقام أو الإساءة، إلى أداة سلبية للتحريض ونشر الكراهية على أسس الهوية.
وتكشف تفاصيل الخبر عن متابعة الأمن العام للقضية، فوفق الخبر المنشور؛ ضبطت الأجهزة الأمنية أحد الأشخاص المتهمين في القضية، وهذا يشير بوضوح إلى أن وضع جملة "أمام مدير الأمن العام" في العنوان، ما هي إلا محاولة لخلق الإثارة.
إن من يستمع ويشاهد الفيديو المرافق للخبر، لا يتبين له جنسية المشاركين بهذه المشاجرة. فكتابة الخبر بهذه التفاصيل يتعارض مع بعض المبادئ الأساسية للصحافة، التي تتمثل بعناصر منها: الحياد، الإنسانية، الاستقلالية، الشفافية، الوضوح.
هذه الممارسة السلبية من قبل بعض المواقع قابلها ممارسة مهنية إيجابية مارستها مواقع أخرى حيث نشرت الخبر ذاته بالعنوان التالي: العنوان التالي "مجهولون يطعنون شاباً داخل مطعم ويلوذون بالفرار"، وهو عنوان أكثر مهنية من سابقه.
والواقع أن هذه الظاهرة لا تقتصر على وسائل الإعلام المحلية، وسبق لمرصد "أكيد" أن نشر تقريرا عن وسائل إعلام غربية تركز أحيانا على أصول مرتكب الجريمة والمتهم بها في حال كان من اللاجئين والمهاجرين وخاصة العرب والمسلمين، وهذا الأمر يحمل في طياته تمييزاً عنصرياً ضد اللاجئين والمهاجرين المستضعفين الذين هربوا إلى هذه الدول للبحث عن ظروف أفضل لاستمرار الحياة.
والمخالفة الأخلاقية بنشر جنسية مرتكب الجريمة ينطبق أيضا على خبر آخر نشر بعنوان: "خادمة بنغالية تعترف بقتل مخدوميها في اربد، وقد نشرته عشرات المواقع الإلكترونية. ويضاف إلى مخالفة ذكر الجنسية، فإن العنوان يستخدم كلمة "خادمة" وهو وصف يشتمل على درجة من الانحياز، لا سيما أن التسمية الرسمية المعتمدة هي "عاملة منزل" وليس "خادمة".
ويؤكد مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) على ضرورة تجنب وسائل الإعلام خلق حالة من العداء بين المواطنين المحليين والعمالة الوافدة ، فخلق حالة عداء مع الوافدين ينطوي على انتهاك للمبادئ المهنية الأخلاقية للصحافة والتي تحث على "البعد عن خطاب الكراهية".
إن الإصرار على ذكر جنسية المشاركين في حوادث "سلبية" أو أعمال جرمية، عادة ما يسهم في خلق شكل من أشكال "التنميط" الذي يعني إلحاق الضرر بكل المنتسبين إلى تلك الجنسية، وهو ما يعد ممارسة غير أخلاقية مهنياً.
وتنص المادة الخامسة من ميثاق الشرف الصحفي الصادر عن نقابة الصحفيين الأردنيين على ما يلي: "يلتزم الصحفيون بالعمل على تأكيد الوحدة الوطنية والدعوة الى التضامن الاجتماعي وتجنب الاشارة المؤذية والمسيئة لعرق الشخص أو لونه أو دينه أو جنسه أو أصله أو أي مرض جسدي أو عقلي أو إعاقة يعاني منها. على أنه يمكن ذكر (التمييز) فقط في حال كان ذلك يحقق مصلحة وطنية".
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني