مخالفات قانونية وتعد أخلاقي وإساءة في تغطية اختفاء طالبة الهاشمية

مخالفات قانونية وتعد أخلاقي وإساءة في تغطية اختفاء طالبة الهاشمية

  • 2017-08-23
  • 12

أكيد - أنور الزيادات

مخالفات أخلاقية وأخطاء مهنية عديدة شابت تغطية وسائل الإعلام لقضية الطالبة المفقودة التي إختفت بالتزامن مع حفل تخريج لطلبة الجامعة الهاشمية الاثنين 21 آب، والتي لم تعد لأسرتها حتى صباح يوم الخميس 24 آب.

في البداية نشرت مواقع اخبارية مساء يوم الاثنين 21 آب أخبارا حول هذه القضية بعناوين "اختفاء فتاة بعد تخرجها وذووها يناشدون البحث عنها" وهذه الأخبار جاءت بعد ساعات معدودة من اختفاء الفتاة، ومما جاء في الخبر الأول الذي تداولته وسائل الإعلام "ناشد ذوو الفتاة رزان عبدالسلام الجهات الأمنية و المواطنين المساعدة في العثور عليها بعد أن فقدوها في تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم الاثنين".

وفي الخبر المنشور "قال شقيق الفتاة محمد أن شقيقته توجهت اليوم الاثنين لحضور حفل تخرجها من الجامعة الهاشمية، ومنذ ساعة انتهاء حفلة التخرج لم تعد الى المنزل"، مشيرا الى "أنهم قاموا بمحاولة الاتصال بها دون جدوى، وأنهم بحثوا عنها بكافة المراكز الأمنية والمستشفيات ودون جدوى أيضا"، وفي أسفل المنشور وضعت ثلاثة ارقام هاتفية للاتصال في حال مشاهدة الفتاة او التعرف عليها.

وأعادت العديد من المواقع نشر الخبر بعضها قام بتغيير العنوان، ومواقع أخرى قامت بالاتصال مع الأرقام المتوفرة ونشرت تصريحات اضافية مع الخبر الأول، فيما قامت مواقع أخرى بنسخ الخبر بكامل تفاصيله، ولم تشر الى إسم الموقع الذي نسخ منه الخبر.

بعد ذلك تتابعت تغطية القضية وبعناوين مختلفة منها "الهاشمية: الطالبة المفقودة ليست على قائمة الخريجين جاء فيه "أن الطالبة المفقودة منقطعة عن الدراسة في الجامعة الهاشمية منذ عام دراسي واحد، وليست من الطلبة المدرجين على قائمة دفعة الخريجين الذين احتفلوا بتخريجهم الإثنين، إذ لم تستكمل متطلبات التخرّج من المواد الدراسية، والساعات المعتمدة".

كما تناولت المواقع القضية بأخبار متلاحقة غير صحيحة منها "الأمن يحدد مكان الطالبة المفقودة" وجاء فيه "حددت الأجهزة الأمنية مكان طالبة الجامعة الهاشمية المفقودة، حسب مصدر أمني، وقال المصدر إن الطالبة ستعود الى ذويها خلال ساعات، وهي موجودة عند احدى صديقاتها في سكن جامعي".

كما نشرت المواقع خبرا بعنوان العثور على "طالبة الهاشمية" المختفية جاء فيه "أن شرطة الزرقاء على علم بكل حيثيات قضية الطالبة وأنها ستعود الى ذويها خلال ساعات وهي موجودة عند إحدى صديقاتها في سكن جامعي"، ونشرت الخبر صحيفة الرأي ثم حذفته عن موقعها الالكتروني.

ومن العناوين الأخرى "الأمن ينهي الجدل و يصرح بخصوص الفتاة المفقودة رزان شحادة في الزرقاء "اختفاء طالبة في "الهاشمية" بظروف غامضة والجامعة توضح،  اهالي يعلنون عن اختفاء ابنتهم يوم تخريجها .. والهاشمية توضح

اختفاء رزان و"الهاشمية" : الطالبة منقطعة عن الدراسة منذ عام،  روايتان متضاربتان بحادثة اختفاء الطالبة رزان .. وجدل واسع على مواقع التواصل ،رسالة من والد روزان عبر سواليف : عودي ولا تخافي.

ونشرت صحيفة "الغد" يوم الخميس 24 آب تقريرا بعنوان "الأمن" يتتبع "طالبة الهاشمية"، تضمن تفاصيل اختفاء الطالبة  والأحداث المتوالية في هذه القصة، وكان الموضوع الأكثر قراءة في الصحيفة يوم نشره، ما يكشف عن مدى إهتمام ومتابعة الجمهور لهذا الخبر.

 

مخالفات أخلاقية

وقالت الصحفية المختصة في تغطية شؤون المرأة في صحيفة "الغد" رانيا الصرايرة في تصريحات  لمرصد (أكيد)، "من وجهة نظري غُطيت هذه الحادثة بشكل سيء، من خلال محاولة وسائل الإعلام التركيز على جذب المتابعين والقراء وتجاهل حساسية الموضوع من الناحية الاجتماعية".

وتضيف "الجميع أخطأ، الأهل الذين سارعوا للتواصل مع المواقع الإخبارية، والجامعة باصدارها البيان حول الوضع الدراسي للطالبة، ووسائل الإعلام  التي نشرت خبر تغيب الفتاة وفقدانها"، مشيرة الى "ضرورة أخذ وسائل الاعلام هذا الموضوع كحالة خاصة مرتبطة بفتاة، والجميع يعلم كيف ينظر المجتمع الى المرأة في مثل هذه القضايا".

وتضيف "على الإعلام التحلي بالمسؤولية، ففقدان الأهل لابنتهم يجعلهم يتصرفون بتسرع وبشكل انفعالي دون تفكير عميق بالقضية، لكن هنا على الإعلام أن  ينظر بترو ومن زاوية اخلاقية وليس فقط إلى السبق الصحفي، ويجب أن يراعي ما سيحدث في حال نشر الخبر".

بدوره يقول المدرب في مجال الاعلام من مؤسسة "صحفيون من أجل حقوق الأنسان" محمد شما، إن "نشر صورة الفتاة لا يعتبر انتهاكا لمعايير المهنة فقط، بل إنتهاك لحقوق الانسان وحقه بالخصوصية"، متساءلا "كيف تعرض هذه الصورة الخاصة على العامة؟".

ويضيف في تصريح ل"أكيد"، "أن مثل هذا التصرف يعطي المساحة لأشخاص أخرين القيام بنفس السلوك، وأخذ صور خاصة ونشرها للعامة"، مشيرا الى أن هذه الفتاة "ستعاني مستقبلا بسبب نشر هذا الموضوع، كذلك الطفل الذي يظهر بالصورة الى  جانبها والعائلة جميعها".

وقال "يجب أن تكون لدى المؤسسات الصحافية سياسة تحريرية واضحة فليس كل خبر ينشر، وهنا يجب عدم التسرع والتوثيق من المعلومات، هل كل ما وصل إلى وسيلة الاعلام صحيح، هل المعلومات دقيقة وهل الصور فعلا تعبر عن الموضوع، وهل هناك ضرورة لنشرها؟".

وأضاف "ان الثقافة الاعلامية بتغطية الوقائع ذات المساس بحقوق الانسان وبالأسرة تحديدا وبخصوصيات الأفراد، هي ذات طابع خاص تحتاج إلى استدعاء الأدبيات المهنية والأخلاقية لدى الوسيلة الإعلامية خلال التغطية ولدى المؤسسات الأخرى على حد سواء".

من جهتها قالت المحامية هالة عاهد  "ان ما حصل في هذه التغطية انتهاك للخصوصية، فالصورة والمعلومات لا يجوز نشرها فهي تعود لفتاة عاقلة  تجاوزت الثامنة عشر من عمرها، ولا يجوز للأهل نشرها فهي خاصة بها".

وأشارت الى أن التغطية تخالف أحكام المادة 7 من الدستور الأردني التي نصت على "حرمة الحياة الخاصة للاردنيين، وان أي اعتداء عليها يعد جريمة يعاقب عليها القانون، والمادة 7 من قانون المطبوعات والنشر التي تشير الى عدم المس بحرمة الحياة الخاصة". 

وتضيف "عرض القضية بهذه الطريقة يعرض حياة هذه الفتاة الى الخطر، وربما التوقيف الاداري، وهذا يعني أن الأمر تجاوز الخبر الصحفي بالتعرض للحياة الخاصة للفتاة دون سند قانوني، كما لا يجوز أيضا نشر صورة الفتاة وبجانبها الطفل الذي ظهر بالصورة".

وحول بيان الجامعة قالت "نشر البيان مخالف، فهذه المعلومات حول وضع الطالبة الدراسي معلومات خاصة، والطالبة ليست شخصية عامة لتنشر معلومات خاصة بها على العامة، كما لا يجوز للجامعة تقديم هذه المعلومات للاعلام دون وجود طلب من جهة لها الحق بذلك قانونيا".

 

  أخطاء مهنية

اعتمدت وسائل الإعلام على معلومات  قدمها ذوو الطالبة حول موعد تخرجها، لكن تبين أن المعلومات غير دقيقة، ولم يتم التواصل مع الجامعة من قبل وسائل الإعلام، وهو مؤشر على غياب التوازن في التغطية الاخبارية.

 كما حمل الخبر الأول عن إختفاء الطالبة معلومات غير دقيقة مثل اسم الفتاة "رزان" وهي "روازن"، وهذا مؤشر حول تفشي ظاهرة النسخ واللصق التي تمارسها المواقع الاخبارية المحلية، وتبين أن الأخبار يعاد تحريرها داخل المكاتب من دون جهد حقيقي للوصول الى الحقيقة.

ونشرت صحيفة الرأي خبرا حول العثور على الفتاة وبعد ساعات قامت بحذفه، والى هذه اللحظة لم يعلن عن العثور على الفتاة كما قام موقع الوكيل الإخباري بحذف الخبر الاول الذي نشره عن اختفاء الفتاة، وحذف الخبر من وسائل اعلام لها جماهيرية يكشف عن تسرع هذه المؤسسات بنشر الأخبار، في محاولة للبحث عن السبق على حساب التقاليد المهنية.

كما كان البحث عن الإثارة والجذب أحد أبرز أهداف بعض المواقع وهذا نموذج على ذلك هام للأردنيين .. على كل من شاهد هذه الفتاة الإبلاغ عنها للضرورة.

ويتضح أن هناك أخبارا نشرت بلا مصادر أو أي مؤشر على مصداقيتها ولم تراع أي من التقاليد المهنية مثل "العثور على طالبة الجامعة الهاشمية المفقودة وجاء فيه "العثور على الطالبة التي اختفت أمس قبيل تخرجها من الجامعة الهاشمية، وحسب معلومات تبين أن الفتاة لم تكن من الطلبة الخريجين وذلك لرسوبها ببعض مواد، وخشية من أهلها قامت بالاختباء عند احدى صديقاتها، إلا أن أهل صديقتها اقنعوها بالعودة ، واعادوها لمنزل والدها".

 

خلاصة

ان تفاعل قضية إختفاء الطالبة عبر المواقع الإلكترونية والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، جعل منها قضية رأي عام واسعة النطاق، الأمر الذي يؤكد حقيقة مفادها عدم وجود ثقافة إعلامية حساسة لحقوق الانسان بشكل عام وللقضايا التي لا تزال في طور التحقيق بشكل خاص.

ومن خلال تتبع (أكيد) لما نشر من تعليقات وردود على مواقع التواصل تبين أن نسبة غير قليلة من التعليقات حملت  تعابير غير لائقة  في طياتها التحقير والاهانة، وتوزيع اتهامات باطلة ومسيئة.   

ووفق المعايير الدولية، والإنسانية والقانونية، والمبادئ التي يعتمدها مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" في التعامل مع القضايا التحقيقية خصوصا التي تتعلق بسمعة الافراد، يرى المرصد أن التغطية شابها الكثير من التناقضات والتجاوزات الأخلاقية والمهنية، وكشفت في كثير من جوانبها ضعف الثقافة القانونية في التعامل مع هكذا مواضيع.

وينص ميثاق الشرف الصحفي الأردني على أنه "يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الأسر والعائلات والأفراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة".

 ويلتزم الصحفيون طبقا للمادة 14 من الميثاق "بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الأساسية المتمثلة بالرعاية والحماية، ويراعون عدم مقابلة الاطفال أو التقاط صور لهم دون موافقة أولياء أمورهم أو المسؤولين عنهم، كما لا يجوز نشر ما يسيء اليهم أو لعائلاتهم، خصوصا في حالات الاساءة الجنسية سواء كانوا ضحايا أو شهودا".