مخالفات مهنية وأخلاقية في نشر فيديو ضرب طفل في الاغوار الشمالية

مخالفات مهنية وأخلاقية في نشر فيديو ضرب طفل في الاغوار الشمالية

  • 2017-10-29
  • 12

 

أكيد - أنور الزيادات

 خالفت مواقع إخبارية اخلاقيات المهنة بنشرها يوم الخميس الماضي 26 تشرين أول مقطع فيديو يتضمن مشهداً لطفل وهو يتعرض للصفع على الوجه ويتلقى الشتائم في مشهد مصور عن قرب، لم يراع طفولته وكرامته.

وقام موقع يوتيوب يوم الأحد 29 تشرين أول بحذف الفيديو من على منصته، فيما بقي الفيديو متداولاً على منصات التواصل الاجتماعي، وكانت بعض المقاطع تحاول إخفاء وجه الطفل، في حين نشر على بعض المواقع دون تدخل ليظهر وجه الطفل واضحاً دون تمويه.

أغلب وسائل الاعلام تناولت هذه القضية، بخبر مقتضب، والبعض منها نشر الخبر الأمني "الذي كان عنوانه "القبض على شخصين اعتديا بالضرب على طفل بالأغوار الشمالية، ضبط شخصين اعتديا بالضرب على طفل في مقطع فيديو بالأغوار، وأخرى اشارت إلى فيديو ...ضرب مبرح لطفل من قبل شابين في الشونة الشمالية والأمن يتدخل، حمل في طياته تصريحات على لسان اقارب للطفل، وذكرت اسمه بشكل صريح.

وجاء في الخبر قال مصدر أمني "انه على إثر مقطع الفيديو الذي تم تداوله، والذي يظهر شخصين يقوم أحدهما بضرب طفل والثاني بتصويره، إضافة إلى تقدم ذوي الطفل بشكوى بذلك، تمكنت الاجهزة المختصة أول أمس من القبض على الشخصين بعد تحديد هويتهما".

وحول الممارسات المهنية الفضلى بتغطية مثل هذه المواضيع تواصل مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) مع الصحفية نادين النمري الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل التي قالت إن "نشر أي خبر وصور دون موافقة أهل الطفل هو مخالف للمعايير واخلاقيات المهنة، وعند النشر يجب الحصول على موافقة الاهل، موضحة حتى مواقفة الأهل لا تكون كافية في حال تسبب المادة الصحافية للطفل بأي وصمة خاصة الاساءة الجنسية أو التعرض للخصوصية، أو في حال اختراقه للقانون".

وأضافت "الأفضل عدم نشر الصور أو الفيديوهات، إلا أذا كانت الوسيلة الوحيدة لإنقاذ الطفل من العنف"، مشيرةً الى أن العنف للأسف يقع أحياناً على الاطفال في مجتمعنا من قبل الأهل والأقران وربما المعلمين، وأخرين أكبر منهم سنا ولا يكون هناك تدخلاً لمنع مثل هذه الاعتداءات.

وقالت "إذا كان النشر ينتج ردة فعل إيجابية ويخلق الوعي حول  القضية ويحل الإشكالية يمكن نشر الصور والفيديوهات لكن دون أن تكون الصورة واضحة وأن لا تتسبب بملاحقة الوصمة للطفل ،مشيرة إلى أن على وسائل الاعلام جميعها الالتزام بتظليل الصور ووجه الطفل، للحفاظ على السرية، والشرح  في كثير من الأحيان يكون قوياً وكافياًٍ لإحداث الأثر الإيجابي".

وأوضحت النمري "نستطيع أن نستدل من خلال قيام إدارة يوتيوب بحذف الفيديو أنه ينطوي على انتهاكات  للقيم الانسانية ومخالف للمعايير الأخلاقية، مشيرةً الى أن النشر على مواقع التواصل الاجتماعي ساهم بنشر مواد وصور وفيديوهات، بدون الالتزام بالمعايير المهنية وهو أمر مختلف عن تشدد المؤسسات الإعلامية بتطبيق هذه المعايير".

وأشارت إلى أن تقييم دور وسائل الإعلام في القضايا المجتمعية مرتبط بتقييم الهدف من النشر؟، وهل نشر القصة كان للتغير الإيجابي وخلق الوعي أم لجذب المتابعين والقراء، وهذا يتبين من خلال المادة الإعلامية، فهل تم الاكتفاء بخبر سطحي دون مضمون حقيقي، أم أن المادة المنشورة هي نتاج جهد بذله الصحفي من أجل التوعية وإحداث التغيير ومواجهة ما يواجه الاطفال من صعوبات وعنف أحياناً.

بدوره قال استشاري الطب الشرعي والخبير لدى الأمم المتحدة في مواجهة العنف ضد الأطفال د. هاني جهشان لمرصد (أكيد) "أثبتت الأدبيات العلمية وجود دليل قاطع قائم على البحث العلمي على أن مشاهدة مقاطع العنف بما فيها العنف الموجه ضد الأطفال والمصور شخصياً وتسرب أو سُرب لمنصات التواصل الاجتماعي، أو إلى وسائل الإعلام المختلفة يزيد من سلوكيات العنف والعدائية للأطفال واليافعين ضد أنفسهم وضد الآخرين وضد المجتمع، إن كان على المستوى الزمني القريب أو البعيد".

وأوضح جهشان أن العواقب القريبة المدى على الأطفال واليافعين تشمل التقليد المباشر للمشاهد العنيفة بسبب تولد الأفكار والعواطف العدوانية لديهم والتي تنعكس خارجياً بأشكال مختلفة من العنف اللفظي والجسدي وإيذاء الذات وإيذاء الآخرين وعلى المدى البعيد هناك مؤشرات تشير إلى أن التعرض للمشاهد العنيفة من خلال منصات التواصل الاجتماعي والإعلام هي عامل خطورة لارتكاب العنف مستقبلاً كونها تُشكل محتوى آليات تعَلُم عديدة، ولدى تعاضدها مع عوامل خطورة في البيئة الاجتماعية فقد تؤدي مستقبلاً لاضطرابات نفسية وتعود على الكحول والمؤثرات العقلية وارتكاب سلوكيات جرمية خطيرة.

وأشار إلى أن شدة تأثر الطفل بالمشاهد العنيفة تعتمد مباشرة على ماهية محتوى المادة الرقمية وقدرتها على جذب الطفل وعلى الفترة الزمنية لمشاهدة وسائل الإعلام المختلفة، وتعتمد أيضاً وإن كان بصورة أقل على البيئة الأسرية للطفل وعلى مدى قدرات الطفل الفردية في التماهي مع الشخصيات العدوانية في المشاهد الإعلامية.

وذكر أن طرق الوقاية ومسؤولية الوالدين لحماية الأطفال من مخاطر الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي وفق ورقة علمية نشرها سابقاً تؤكد على ضرورة الالتزام بأن العمر المناسب لمشاركة الأطفال في منصات التواصل الاجتماعي هو 17 سنة وليس 13 سنة كما يُروج له من بعض هذه المواقع.

وأكد على ضرورة عدم السماح للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة بمشاهدة الأخبار لعدم نضوج مفاهيم المكان والزمان لديهم وبالتالي سهولة التماهي مع الأحداث الإخبارية بالإضافة لضرورة مناقشة محتوى المشاهد الرقمية مع الأطفال واليافعين بشكل مستمر لضمان الفائدة المعرفية والابتعاد عن التماهي مع الأمور غير الواقعية والتي قد تُلحق الأذى بالأطفال.

كما طالب جهشان الأهل بالمبادرة بانتقاد محتوى الوسائل الإعلامية لكشف السلبي منها والاستفادة مما هو إيجابي وتعليم الأطفال واليافعين القيام بذلك، وتشجيع الأطفال واليافعين وبشكل متكرر على التمتع بنشاطات رياضية وفنية والاندماج بالحياة الاجتماعية مع الأصدقاء لاستثمار الوقت بعيداً عن الوسائل الإعلامية التي تتضمن العنف.

وينص ميثاق الشرف الصحافي الأردني على أنه "يلتزم الصحافيون باحترام سمعة الأسر والعائلات والأفراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وذلك طبقا للمبادئ الدولية. وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة". فيما يلتزم الصحفيون طبقاً للمادة 14 من الميثاق "بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الأساسية المتمثلة بالرعاية والحماية، ويراعون عدم مقابلة الأطفال أو التقاط صور لهم دون موافقة أولياء أمورهم أو المسؤولين عنهم، كما لا يجوز نشر ما يسيء إليهم أو لعائلاتهم، خصوصاً في حالات الإساءة الجنسية سواء كانوا ضحايا أو شهودا"

وتعتبر المبادئ الأخلاقية المتَّبعة في إعداد التقارير الإعلامية حول الأطفال التي تنصح بها اليونسيف مرشداً في إعداد التقارير الإعلامية حول الأطفال واليافعين والشباب ومن أبرزها: احترام كرامة جميع الأطفال في جميع الظروف و إيلاء اهتمام خاص بحق جميع الأطفال في الخصوصية الشخصية والسرِّية، وفي الاستماع إلى آرائهم، والامتناع عن نشر أي قصة إخبارية (أو خبر إعلامي) أو صورة يمكن أن تُعرّض الطفل أو أشقاءه أو أقرانه للخطر حتى عندما يتم تغيير هوية الطفل أو طمسها أو عدم استخدامها.