أكيد- وصفي الخشمان

تناقلت مواقع إخبارية الكترونية يوم السبت 25 آذار مادة مصورة تتحدث عن وجود مُسن مقيد بحبال وملقى على الرصيف في الزرقاء.

القصة بدأت من صور بثها "ناشطون" على مواقع التواصل الاجتماعي، لِمُسن بملابس متسخة يجلس على الرصيف كاشفاً عن ساقيه اللذين يلتف حولهما شريط بلون أحمر.

ولاحظ مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أن صيغة المادة جاءت موحدة في جميع المواقع، وغير منسوبة لمصادر تارة، أو منسوبة لمصدر مجهول تارة أخرى، وفي ذلك مخالفة واضحة لمعيار الدقة.

كما أخلت جميع الأخبار المتداولة بمعيار التوازن، إذ لم تلق بالاً لإدراج رأي وزارة التنمية الاجتماعية أو ذوي المسن، واستخدمت لغة ذات طابع حكمي.

بعد يومين، نشر موقع الكتروني توضيحاً من وزارة التنمية الاجتماعية على لسان الأمين العام بالوكالة عبدالله سميرات قال فيه إن ما تداوله ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص المسن "عار عن الصحة"، وأن موظفين من الوزارة زاروا المسن، وتحققوا من حالته، وتأكدوا أن "لا خلافات بينه وبين أبنائه".

وسارعت مواقع إلى نشر تصريحات سميرات دون نسبتها إليه، ودون ذكر الموقع الذي خصه المسؤول بالتصريح.

كما نشر موقع آخر تصريحات سميرات، مضيفاً إليها توضيحات من حفيد المسن دون الكشف عن اسمه نفى فيها الإساءة إلى جده، معدداً ما يمتلكه المسن من منزل كبير وراتب تقاعدي قدره 320 ديناراً.

واكتفى الموقع بما ساقه الحفيد عن أسباب وضع المسن لـ"حبال نحاسية" حول قدميه من أنه يعاني من "شحنات كهربائية في جسده"، وهذه "الحبال" تعمل على "تفريغ" تلك الشحنات، دون المبادرة إلى الاتصال بطبيب متخصص بالأعصاب والدماغ للاستفسار منه عن مدى صحة هذه المعلومات.

من الواضح أن تفاعل قصة هذا المسن بهذه الطريقة مرده إلى الاكتفاء بنقل ما تداوله مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مرحلة لاحقة التوقف عند إبراز تصريحات المسؤولين في الجهات الحكومية المعنية، في حين تتطلب الإحاطة الكاملة بالقصة متابعة معمقة، خصوصاً إذا ما أخذ بعين الاعتبار ما كشفته الصور من ملابس المسن ونظافته الشخصية وما يقوله المحيطون به، وصولاً إلى إجراء تحقيق استقصائي عن حال المسنين والفئات المعوزة وواقع الخدمات التي تقدمها الجهات المسؤولة لهذه الفئات.