مواقع الكترونية تستمر في تعديها على حرمة وخصوصية الشهداء والموتى

مواقع الكترونية تستمر في تعديها على حرمة وخصوصية الشهداء والموتى

  • 2017-08-06
  • 12

أكيد - آية الخوالدة

ما تزال وسائل إعلامية محلية تخالف المعايير الأخلاقية في تعاملها مع القضايا الطارئة، سعيا منها لتحقيق السبق الصحفي على حساب الأخلاقيات المهنية في العمل الإعلامي، وأخرها نشر صور ضحايا حادث الاعتداء على رجال الشرطة في معان.

 تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" توارد المعلومات والصور المنشورة في المواقع الإخبارية المحلية حول حادث وقع في معان صباح السبت الخامس من أب الجاري، حيث استشهد رجل أمن وأصيب أخر برصاص أطلقه صاحب أسبقيات وسط السوق التجاري في مدينة معان.

وطمعا في تحقيق السبق الصحافي وجمع أكبر عدد من القراءات، نشرت العديد من المواقع الإلكترونية نقلا عن مواقع التواصل الاجتماعي صورا للشهيد جعفر الربابعة وهو مسجى داخل سيارة نقل نوع "بكب اب"، كما نشرت أخرى صورة وجهه داخل الكفن، وسرعان ما حذفتها بعد صدور بيان مديرية الأمن العام، الذي نشرته وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، وحذرت فيه من تداول هذه الصور وغيرها، لما فيه من اعتداء على كرامة الأشخاص والموتى والشهداء، حيث سيتعرض للمساءلة كل من ينشرها.  

وأوضح البيان أن نشر مثل هذه الصور يخالف القانون ولا يراعي مشاعر أهل المصاب أو الشهيد الذي ضحى بروحه وهو يقوم بواجبه بل يزيد من ألمهم، وأن على الجميع عدم تناقل هذه الصور حرصا على مشاعر الأهل والتزاما بالأخلاق والقانون، وخصوصا أن رجال الأمن معرضون لمثل هذه الحوادث فهم على تماس مباشر مع المطلوبين والمخالفين يوميا.

ويوضح الصحفي المختص في قضايا حقوق الانسان خالد القضاة لـ "أكيد" أن الهم الأكبر للمواقع الإلكترونية زيادة عدد الدخول للموقع وتحقيق عدد أكبر من القراءات والمشاهدات، للوصول الى المستوى الذي يطلبه المعلنون.

ويضيف القضاة "تفشل بعض المواقع الإخبارية في تقديم منتج خاص فيها، لذلك تلجأ الى الصور والفيديوهات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي دون التحقق من مصداقيتها وتاريخ نشرها، والهدف تحقيق الربح المادي بعيدا عن إحداث الأثر الايجابي وتقديم المنتج الإعلامي الحقيقي".

وقال القضاة "نشر الصور الخادشة للحياء العام والتي تنتهك خصوصية الأفراد وتتطاول على كرامة الضحايا من نساء وأطفال وتستغل صورهم دون رضاهم من أجل تحقيق النصاب المطلوب للحصول على رضى المعلن وتحقيق الربح المادي هو نوع من الإتجار بالبشر الى جانب الإطاحة بالمصداقية والنزاهة والدور الحقيقي لوسائل الإعلام".

وسبب استمرار وقوع الوسائل الإعلامية في هذا الخطأ - بحسب القضاة - عدم صدور أي ملاحقة قانونية بحق هؤلاء الأشخاص، إذ أنهم ينشرون صور الضحايا وذووهم مشغولون بمصابهم، ولا يملكون الوقت لملاحقة المواقع والأشخاص، لذلك يجب على المدعي العام تحريك دعوى من تلقاء نفسه وتطبيق المحاسبة القانونية وعدم الاكتفاء بحظر النشر.

وتعمل لجنة المهنة في نقابة الصحفيين الأردنيين على دراسة الإطار القانوني والأخلاقي لتنظيم عمل المواقع الإلكترونية في البناء والتوجيه، وستراقب اللجنة، وفقا للقضاة، عددا من المعايير وأهمها الصور المسيئة والعناوين غير اللائقة وإبعاد من ليست لهم علاقة بمهنة الصحافة ومن استغل الثغرات القانونية لتحقيق الربح المادي.

بدوره اعتبر المحامي عبد الرحمن الشراري المختص في قضايا المطبوعات والنشر، أن نشر مثل هذه الصور، "أخطاء قاتلة كونها تخالف بنود ميثاق الشرف الصحفي، ونٌشرت لحظة وقوع الجريمة ومن خلالها تكشف عن موقع حدوث الجريمة، وما يحتويه من أدلة جرمية له دور مهم في التحريات والتحقيق".

ولفت الشراري النظر إلى "جهل العديد من الصحفيين بالتعامل مع تغطية أخبار الجرائم بأسلوب مهني لا يعيق مجريات سير العدالة".

وقانونيا يوضح الشراري "نصت المادة 7 من قانون المطبوعات والنشر أن أداب مهنة الصحافة واخلاقياتها ملزمة للصحفي، ومنها الالتزام بأحكام ومبادئ ميثاق الشرف الصحفي الصادر عن النقابة، وبالتالي تصبح المادة 11 من ميثاق الشرف الصحفي ملزمة ومخالفتها تعديات مسلكية يحرمها القانون، في حال تعدى الصحافي على الحياة الخاصة للأفراد وسريتها ونشر صورهم دون موافقة منهم".

كما يحق لذوي الضحايا - بحسب الشراري- تحريك دعوى الحق العام عند الادعاء، أو أن تقوم بذلك المؤسسة العسكرية، بما أن الشهيد الربابعة توفي أثناء أدائه واجبه الرسمي. ويقع على عاتق نقابة الصحفيين الملاحقة التأديبية لكل من خالف القوانين ممن يتبعون لعضويتها.

ويشير الشراري الى دور الإعلام في نشر الوعي الثقافي القانوني عند الصحفيين وغيرهم من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والالتفات إلى كرامة الانسان واحترام حياته الخاصة بعيدا عن التسرع في نشر الصور والمعلومات التي تضر بهم.

وسبق لمرصد "أكيد" أن قدم العديد من التقارير المتعلقة بنشر صور الشهداء والمتوفين، والتي تعتبر اعتداء على خصوصيتهم وخرق لأخلاقيات المهنة.