مواقع ومنصات تحول تمثيلية تعليمية بـ"الأردنية" إلى مؤتمر تطبيعي مع اسرائيل

مواقع ومنصات تحول تمثيلية تعليمية بـ"الأردنية" إلى مؤتمر تطبيعي مع اسرائيل

  • 2017-05-02
  • 12

أكيد – وصفي الخشمان

مرة أخرى، تضلل منصات التواصل الاجتماعي مواقع إخبارية، ليقودا معاً الرأي العام في اتجاه خاطئ، ويتحول مشهد تمثيل تعليمي أبطاله كلهم طلبة أردنيون إلى قضية جدلية وصلت إلى حد اتهامهم بالتطبيع مع اسرائيل.

القصة بدأت في 20  نيسان (أبريل) الماضي بنشاط تحت عنوان (نموذج الأمم المتحدة)، وتقوم فكرته على محاكاة جلسة لمنظمة دولية، ومناقشة قضية معينة، حيث يمثل كل طالب دور مندوب إحدى الدول، ويجري بحثاً عميقاً عن وجهة نظر تلك الدولة تجاه القضية مدار البحث، ويعرضها أمام زملائه خلال الجلسة.

نموذج الأمم المتحدة أو (Model United Nations) اختصاراً يعرف بـ (MUN) ليس غريباً على الأردن، فقد  دأبت جامعات ومدارس في الأردن وغيرها على استضافته أو تنظيم فعالياته في المملكة.

انتهت فعاليات النشاط الطلابي في 22  نيسان (أبريل) دون تغطية إعلامية، وعاد الطلبة إلى مقاعدهم الجامعية والمدرسية وخلعوا عنهم لباس الساسة.

بعد أيام قليلة، تداول مرتادو منصات التواصل الاجتماعي صوراً عامة يظهر فيها شباب وفتيات أعمارهم بين 16 و22 عاماً، يجلسون وأمامهم أعلام دول، بينها علم إسرائيل، وسلط الضوء على صورة مقربة لشابة تصافح شاباً وأمامهما علما إسرائيل وسويسرا، لتنتشر تعليقات تتحدث عن استضافة الجامعة الأردنية لبرنامج شبابي بمشاركة وفد إسرائيلي، وتبدأ الاتهامات بالتطبيع الثقافي والتعليمي تنهال على الجامعة ووزارة التعليم العالي.

وعلى الرغم من تريث وسائل الإعلام قبل تداول الخبر، إلا أن بعضها لم يتوان عن نشر الصور وتبني ما يدور في منصات التواصل من اتهامات.

ولجأت مواقع إلى استمزاج الدكتور فاخر دعاس منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة (ذبحتونا) الذي أكد أن الفعالية لا تعدو كونها "محاكاة" لجلسات الأمم المتحدة، إلا أنه حذر من "انسياق الجامعات الأردنية لمثل هذه الفعاليات والشروط لتسويق الاحتلال الصهيوني داخل الجامعات بطريقة غير مباشرة".

في اليوم التالي، جاء رد الجامعة الأردنية على شكل بيان صحافي، وضحت فيه طبيعة الفعالية الطلابية وعدد المشاركين فيها، مطالبة وسائل الإعلام تحري الدقة، ومؤكدة في الوقت ذاته "مناصرة الشعب الفلسطيني الشقيق في مقاومته للاحتلال الصهيوني".

وعمدت مواقع إلى نشر البيان التوضيحي كما جاءها، فيما تعاملت معه مواقع أخرى على أنه نفي لإقامة نشاط بمشاركة طلبة إسرائيليين، وفضلت ثالثة التوسع في تقريرها ليضم جدل منصات التواصل وتصريحات دعاس وتوضيح الجامعة في مادة متكاملة.

وتواصل الجدل حول "التطبيع المزعوم"، إذ نشرت مواقع إخبارية خبراً عن "انتقادات لاذعة" وجهها النائب يحيى السعود رئيس لجنة فلسطين في مجلس النواب إلى وزير التعليم العالي الدكتور عادل الطويسي، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق "لمعرفة من (يقف) خلف هذه الفعالية وتنظيمها في ظل الوقت الراهن الذي يعيشونه (يعيشه) أسرانا الأردنيين والفلسطينيين في سجون الاحتلال".

وازدحمت مواقع محلية وعربية بتصريحات السعود، بعناوين تركز على انتقاداته لـ "رفع العلم الإسرائيلي في الجامعة الأردنية".

وسائل الإعلام تلك اكتفت بنشر "انتقادات" السعود دون العودة إلى الجامعة الأردنية أو وزارة التعليم العالي، لكن موقعاً نشر تعليقاً على لسان الدكتورة هيا الحوراني مسؤولة الإعلام في الجامعة وعنونه بـ "الأردنية: إسرائيل دولة شئنا أم أبينا"، وهو ما رفع منسوب الجدل على منصات التواصل الاجتماعي.

وتواصل مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) مع الدكتورة الحوراني التي وصفت العنوان الأخير بأنه "اقتطاع لجزء من حديثها من سياقه العام"، موضحة أنها قالت إن محاكاة جلسات الأمم المتحدة يعني تمثيل أدوار جميع مندوبي الدول المنضوية تحت لواء هذه المنظمة الأممية، ومن بينها إسرائيل.

واعتبرت مسؤولة الإعلام أن ما تداولته منصات تواصل ومواقع إخبارية لا يعدو عن كونه "مزايدات"، مؤكدة موقف الجامعة الأردنية الرافض للتطبيع والمساند لحقوق الشعب الفلسطيني.

وأبدت الحوراني استياءها من نشر مواقع اتهامات للجامعة دون إتاحة الفرصة للجامعة بالرد وتوضيح موقفها، معتبرة ذلك "سقطة مهنية"، خصوصاً أن ذات المواقع والمنصات التي نشرت الاتهامات، تجاهلت البيان التوضيحي الصادر عن الجامعة، أو اعتبرته مجرد "عملية تجميل".

وأعادت الحوراني التذكير بأن هذه الفعالية سبق عقدها في المملكة باستضافة جامعات رسمية وخاصة، وهدفها تنمية مهارات البحث العلمي والحوار والنقاش لدى الطلبة.

وبينت أن موضوع الجلسة الأخيرة كان عن قضية حقوق الإنسان، بهدف "تعرية الكيان الصهيوني"، وكشف ممارساته "العنصرية" بحق الفلسطينيين.

وزادت: "تمثيل دور مندوب إسرائيل لا يجعل من الممثل إسرائيلياً، مثلما أن تمثيل دور شيطان فاوست لا يجعل من الممثل شيطاناً".

وبينت الحوراني أن الطالبة التي ظهرت في الصور المتداولة باتت تخشى ردود فعل ضدها، بعد انتشار صورها وهي تصافح شاباً وأمامهما علم إسرائيل، مستهجنة كيف غاب عن ذهن "المحرضين" الآثار النفسية والاجتماعية لما روجوا له من اتهامات بحق الطلبة المشاركين في الفعالية.

 بيد أن الحوراني أقرت بوجود "تقصير نوعا ما" من قبل الجامعة في الترويج للنشاط الطلابي قبل وأثناء انعقاده، مبررة ذلك بأن عمادة شؤون الطلبة لم تبلغ شعبة الإعلام بتنظيم هذه الفعالية.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) ينظر بإيجابية لعزوف صحف ومواقع عن الخوض بجدل "التطبيع"، فإنه لاحظ اختلالات لدى مواقع اشتركت في هذا الجدل، تمثل في عدم الدقة عبر نشر محتوى غير صحيح، والاعتماد على مصادر غير موثوقة مثل منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عدم التوازن بتغييب رد الجامعة الأردنية ووزارة التعليم العالي، فضلاً عن استخدام أسلوب الإثارة في العناوين.

كما افتقدت بعض التغطيات للوضوح في ذكر الوقائع والأحداث، وغاب الحياد وسادت الانتقائية في كثير من تلك التغطيات.