نشر صور الشهداء والمتوفين أعتداء على خصوصيتهم وخرق لاخلاقيات المهنة

نشر صور الشهداء والمتوفين أعتداء على خصوصيتهم وخرق لاخلاقيات المهنة

  • 2017-05-27
  • 12

أكيد – أنور الزيادات

تابعت الصحف والمواقع الإخبارية خبر وصول جثمان الشهيد محمد الكسجي إلى مستشفى البشير في عمان يوم الأحد 21 ودفنه يوم الاثنين 22 أيار 2017،عقب إفراج سلطات الاحتلال عن جثمانه  بعد استشهاده برصاص جنود الاحتلال في القدس المحتلة.

وأرفقت عدد من وسائل الأعلام صورة مقربة لوجه الكسجي مع المواد الصحفية التي أعدتها، فيما نشرت مواقع صور الجثمان دون ظهور تفاصيل الوجه بوضوح, في حين لجأت وسائل أخرى إلى نشر صور ة ارشيفية له.

ونشرت صحيفة السبيل الأردنية، ووكالة "قدس برس" للأنباء، وهي  شركة محدودة، مقرها الرئيس في بريطانيا، وتعتبر فلسطين ساحة رئيسية ومحورية في تغطياتها، صورة وجه الكسجي ممهورة بشعارها على جثمانه المسجى، فيما نشرت مواقع أخرى صور الشهيد ولكن دون أي شعار للمؤسسة الإعلامية على الصور.

وظهر في الصور المنشورة وجه الشهيد بشكل واضح، حيث اعتبر مختصون نشر صور الشهداء والوفيات التي تبين ملامحهم تجاوز على  المعايير الاخلاقية في ممارسة العمل الاعلامي، مشددين على أن هناك خصوصية للمتوفى لا يجوز اختراقها.

وقال الصحفي المختص بقضايا حقوق الانسان خالد القضاة لمرصد مصداقية الاعلام الأردني (أكيد) انه في حالة نشر مثل هذه الصور تؤخذ كل حالة على حده، موضحا أن القاعدة العامة تقول "لا يجوز نشر صورة الشخص المتوفى كونها تحمل امتهانا واعتداء على شخصه،  والأفضل نشر الصورة وهو في حالة عزة وكرامة اي قبل الوفاة وقبل ان يكون على سرير المرض".

وأضاف صورة الشخص قبل الوفاه خاصة تكون أقوى وأكثر تأثيرا، مشيرا إلى أن المادة 26 من قانون حق المؤلف تنص على "لا يحق لمن قام بعمل اي صورة ان يعرض اصل الصورة او ينشره او يوزعه او يعرضه دون اذن ممن تمثله"، مشترطا في جميع الاحوال عدم عرض اي صورة او نشرها او توزيعها او تداولها اذا ترتب على ذلك مساس بشرف من تمثله او تعريض بكرامته او سمعته او وقاره أو مركزه الاجتماعي.

وقال ان نشر صور الشهداء يجب ان يكون بحدود، من خلال محاولة اخفاء معالم الوجه موضحا انه في حال تنازع القانون والاخلاقيات في مثل هذه القضايا يجب تقديم الاخلاقيات على القانون، ففي الاخلاقيات يتم تبادل الادوار ويضع الشخص نفسه في مكان الشخص الاخر، وعندما نضع انفسنا في مواقع الاخرين نتراجع عن بعض هذه التصرفات والقرارات.

بدوره قال المصور الصحفي صلاح ملكاوي من وكالة (getty) الامريكية لـ(أكيد)، " حتى بدون وجود قانون من المعروف لجميع الناس والمصورين ان هناك خصوصية للمتوفى لا يجوز اختراقها، فهناك حرمة للميت والقيم الإنسانية تمنع مشاهدة المتوفى الا ضمن حدود وضوابط معينة، اذا كان شهيدا أو قضى نتيجة اي حادث أخر".

وأضاف على المصور في حالات تغطية أخبار فيها وفيات، نقل الجو العام للصورة وليس تفاصيل الوجه فهي لا تعطي أي ميزة للمصور، مشيرا إلى أن المصور خلال تغطيته اي حدث يستمر بالتقاط الصور، في محاولة لالتقاط الصورة الأجمل، وبعد ذلك يصبح هو الصمام الأول  لنشرها، فهو يقوم باختيار عدد من الصور ضمن الضوابط الفنية والاخلاقية ليرسلها الى وسيلة الإعلام التي تقوم بدور الصمام الثاني للاختيار.

وقال هناك اختلاف بين الوكالات الدولية والإعلام المحلي بالالتزام بأخلاقيات المهنة عند نشر الصور رغم ان القائمين على الاعلام المحلي من الصحافيين ذوي السمعة العالية، مشيرا الى ان البعض يسعى الى الشهرة من خلال هذه الصور كصور الشهداء ووجوه المتوفين التي تزيد قليلا في عدد القراء.

الدكتور صخر الخصاونة، المحاضر في تشريعات وأخلاقيات مهنة الصحافة في معهد الإعلام الاردني، اعتبر في تصريحات سابقة لـ(أكيد) أن كرامة الميت واحترامه واحترام مشاعر ذويه تقضي بعدم تعريض صوره للنشر، لما لذلك من تأثير على مشاعر أهله وذويه، موضحا أن " الفقه القانوني وأخلاقيات العمل المهني الصحفي اعتبرا أن نشر صور الجنازات والأشخاص المشاركين فيها والمتوفى أثناء التشييع، هي جزء من الحياة الخاصة ولا يجوز النشر".

وقال رئيس شبكة الصحافة الاخلاقية ايدن وايت في محاضرة قدمها في معهد الإعلام الأردني تشرين أول 2015، أن عالم الصحافة والإعلام فقد البوصلة ويواجه أزمة اخلاقية ومهنية موضحا ان حرية الصحافة لا تعني حرية التعبير بل ان حرية الصحافة تحكمها قيم أهمها الدقة والاستقلالية والحيادية والإنسانية والمساءلة أو الشفافية، محذرا من الإعلام الذي يسعى الى الإثارة.

وتنص المادة (11) من ميثاق الشرف الصحفي الاردني “يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الاسر والعائلات والافراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين ، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة”.