نشر صور وأسماء المشتبه بهم في وسائل الاعلام.. تشهير أم ردع؟

نشر صور وأسماء المشتبه بهم في وسائل الاعلام.. تشهير أم ردع؟

  • 2018-02-05
  • 12

أكيد - أنور الزيادات

 نشرت العديد من المواقع الإخبارية خبرا حول "القبض على المتورطين بقضايا سلب صيدلية ومحلين تجاريين وضمنته صور المشتبه بهم وأسماءهم الثلاثية.

وقالت ادارة العلاقات العامة والإعلام في مديرية الأمن العام في بيان نشرته وسائل الاعلام ، "أن العاملين في شعبة بحث جنائي العاصمة تلقوا ثلاثة بلاغات بتعرض صيدلية ومحلين تجاريين (سوبر ماركت ) في مناطق مختلفة من العاصمة للسلب، وجرى من خلال كمائن خاصة القاء القبض على المتورطين في تلك القضايا، وبالتحقيق الاولي معهم اعترفوا بارتكاب قضايا السلب الثلاث اضافة الى قضيتين سابقتين على محال تجارية".

وتجنبت مواقع أخرى نشر صور المشتبه بهم، كما لم تنشر الأسماء الصريحة لهم وأكتفت بنشر الحروف الأولى من اسمائهم، فيما تجنبت الصحف الورقية نشر الصور على صفحاتها خلافا لما قامت به بعض المواقع الإلكترونية التابعة للصحف.

وتبع اعلان مديرية الأمن العام القاء القبض على المشتبه بهم والمتضمن أسماءهم الصريحة وصورهم الشخصية، إعلان على لسان مصدر أمني مسؤول بعنوان" الأمن يحدد القضايا التي سينشر صور المتورطين فيها للإعلام" جاء فيه "أن مديرية الأمن العام  ستشرع في نشر صور المجرمين الذين يتورطون في القضايا الكبيرة العامة؛ كعمليات السطو المسلح على البنوك والمؤسسات والممتلكات الخاصة والعامة وتعريض أرواح المواطنين والمجتمع للخطر، وأن كل من يرتكب جريمة تهدد حياة المواطنين والسلم في المجتمع واستخدام السلاح وترويع الآمنين بغرض السرقة والسلب والنهب والابتزاز، سيتم نشر صوره لكي يعرفه الجميع ويحذر الناس منه".

وتحت عنوان "لماذا ينشر الامن العام صور المجرمين ؟!" نقلت مواقع عن مصدر أمني قوله أن "مديرية الامن العام ستنشر صور المتهمين في قضايا تشكل خطورة على حياة المواطنين  حتى يكونوا عبرة لغيرهم"، كما جاء تحت عنوان "الأمن يوضح أسباب نشر أسماء و صور المجرمين بعد تنفيذ جرائمهم "   أن "النشر سيكون عقابا لكل من تسول له نفسه اقتراف أعمال اجرامية قد تؤذي الأخرين وتهدد حياتهم وممتلكاتهم، ومن خلال هذه الطريقة سيسهل على المواطن ان يتعرف على المجرمين أصحاب الأسبقيات بكل سهولة لتجنب أن يقع ضحيه للسلب أو ما شابه ذلك".

ويقول الصحفي والمختص بالتشريعات الإعلامية يحيى شقير لمرصد مصداقية الاعلام الاردني (أكيد) أن "الدستور الأردني وفي المادة 101 الفقرة الرابعة ينص على أن" المتهم بريء حتى تثبت ادانته بحكم قطعي"، أي حكم غير قابل للاستئناف وهذه العبارة اصلا موجودة بقانون العقوبات الاردني، موضحا انه عندما ينص الدستور على حق في صلبه، مع انه موجود  في قوانين أخرى هذا يعني انه يرفعه إلى مستوى القاعدة الدستورية التي لا يجوز لأي احد مخالفتها، ومن جميع السلطات.

ويضيف "أن نشر صور وأسماء المتهمين أو المشتبه بهم سواء كان من الأمن أو وسائل الاعلام وقبل المحاكمة تشهير، فكلا عمليتي النشر مخالفة للدستور، ولا يجوز لمن اجتهد  في الامن العام مع (حسن النية ) النشر، فهذا مخالف للقانون وللدستور الاردني، ويستطيع  هؤلاء مقاضاة من نشر الصور".

وقال "أضف الى ذلك أن النشر بهذه الطريقة  قد يؤثر في القضاة والمدعين العامين، فالقاضي قد يتأثر بما ينشره الاعلام ،وعلى الصحافة ووسائل الاعلام عدم التأثير على سير العدالة".

وحول التأثير الإجتماعي  أشار الى أن نشر أسماء المتهمين بعد صدور قرار قطعي ونهائي من المحكمة ليس فيه مخالفة للقانون، أما نشر الأسماء على فرض أن المحكمة ستجرمهم فهو أمر مخالف، فهم يتمتعون بقرينة البراءة وقد  يصدر قرار ببراءة أحدهم أو عدم المسؤولية.

وأشار شقير الى أن نشر الأسماء خاصة "اسم العائلة في مجتمع كالمجتمع الاردني قبل الحكم عليهم فيه عقوبة قد تؤثر على زوجاتهم وأبنائهم وهي مسؤولية اجتماعية"، مضيفا أن "الأنسان لا يؤخذ بجريرة غيره، ونشر أسماء العائلة له آثر سلبي على اقارب المتهم، وقد ذكرت الآية "وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"  ثلاث مرات في القرآن الكريم، وذكرت الآية "أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" مرة، والمجتمع  يخرج بأحكام عامة احيانا وليس على الشخص نفسه".

وحول الاعتراف يقول "أن الاعتراف لم يعد سيد الأدلة، وليس له قيمة قانونية اذا لم يكن أمام القاضي, وفي كثير من الحالات اعتبرت المحاكم بعض الاعترافات أنها أخذت بالقوة ولا يعتد بها".

بدوره يقول المحامي خالد خليفات، الخبير بالقضايا الإعلامية لمرصد (أكيد) "يجوز نشر الصور اذا تم نشرها من قبل السلطات العامة، وفقا للمادة (26) قانون حماية حق المؤلف".

وتنص المادة 26 على انه "لا يحق لمن قام بعمل اي صورة ان يعرض اصل الصورة او ينشره او يوزعه او يعرض او ينشر او يوزع نسخا منها دون اذن ممن تمثله، ولا يسري هذا الحكم اذا كان نشر الصورة قد تم بمناسبة حوادث وقعت علنا او كانت الصورة تتعلق برجال رسميين او اشخاص يتمتعون بشهرة عامة او سمحت السلطات العامة بنشرها خدمة للصالح العام و يشترط في جميع الاحوال عدم عرض اي صورة او نشرها او توزيعها او تداولها اذا ترتب على ذلك مساس بشر فمن تمثله او تعريض بكرامته او سمعته او وقاره او مركزه الاجتماعي ، على ان للشخص الذي تمثله الصورة ان يأذن بنشرها في الصحف والمجلات وغيرها من وسائل الاعلام حتى ولو لم يسمح بذلك الشخص الذي قام بعمل الصورة الا اذا كان هناك اتفاق يقضي بغير ذلك،  وتسري هذه الاحكام على الصور أيا كانت الطريقة التي عملت بها سواء بالرسم او الحفر او النحت او بأي وسيلة اخرى، اما اذا نشرتها الصحف ووسائل الاعلام دون اذن فيستطيع المتضررين ملاحقتهم قضايا".

وأضاف خليفات أن وسائل الإعلام "تكون قد ارتكبت مخالفة في حال نشر الصور بقرار ذاتي دون  نشرها من قبل السلطات العامة، وهنا تكون وسائل الاعلام قد ارتكبت مخالفة قانونية".

بدورها قالت المحامية هالة عاهد لمرصد (أكيد) انه "لا يوجد نص يمنع نشر صور المشتبه بهم، ولكن هناك جانب يتعلق بأخلاقيات المهنة، فالإعلام المستقل هو من يقرر نشر المادة وفق  المنظومة الاخلاقية التي تحكم ممارستها المهنة".

واضافت "اذا كان نشر الصور من أجل القبض على متهمين فارين من وجه العدالة ويشكلون خطراً على أمن المجتمع ولأخذ الحيطة، ونشر الصور يهدف للتعرف عليهم ومساعدة الموطنين بالقبض عليهم قد يكون مبررا، لكن اذا كان المطلوبين بقبضة الامن فلا يوجد مبرر اخلاقي أو قانوني لنشرها".

وتوضح "من الممكن ان يكون المشتبه به قد أجبر على ارتكاب الجريمة، ونشر الصور خاصة في مجتمع كالمجتمع الاردني له أثار اجتماعية سلبية، على عائلة المتهم واقاربه".

ونشر (أكيد) تقارير سابقة حول نشر صور المتهمين، وتناول أخبار الجرائم في الإعلام ومنها  "هل يُشكل نشر أسماء وصور فارضي الإتاوات مخالفة قانونية؟،و نشر صور المشتبه به تعدٍ صريح على أخلاقيات المهنة

ويرى (أكيد) قصر نشر أخبار وتغطيات الجرائم على الإخبار الصامتة (البسيطة غير المفصلة) دون الإشارة إلى أسماء المتهمين المطلوبين على إثر هذه الحادثة، إذ أن قانون المطبوعات والنشر حظر على المطبوعة الصحافية "نشر محاضر التحقيق المتعلقة بأي قضية قبل إحالتها إلى المحكمة المختصة، إلا إذا أجازت النيابة العامة ذلك"، وعليه يُعتبر نشر صورة المتهم ذي الصلة محظوراً كذلك.