هل تُسهم وسائل الإعلام في انتشار ظاهرة الانتحار؟

هل تُسهم وسائل الإعلام في انتشار ظاهرة الانتحار؟

  • 2017-02-01
  • 12

ترجمة: آية الخوالدة- خاص بـ"أكيد"

تتعدد الطرق التي يتبعها الصحافيون في تقديم تغطيات لقضايا حساسة مثل حوادث الانتحار؛ ومنهم من يقع في الممارسة الخطأ، ويقدم معلومات غير مهمة للشأن العام، وقد تضر بأسرة المنتحر وذويه، أو تنعكس سلبا على المجتمع، وذلك حين تقدم التغطية طرقا ووسائل قد تؤدي إلى دفع أشخاص آخرين أو تشجيعهم على الانتحار.

يقول الصحافي البريطاني جوناثان غرون: "إن تغطية حوادث الانتحار وما يتبعها من تحقيقات، أمر صعب للغاية بالنسبة إلى المؤسسات الصحفية والإعلامية، حيث يتوجب على مراسليها الحذر فيما يقدموه من معلومات، بحيث تُبقي المجتمع على اطلاع من دون الإضرار بالحياة الخاصة للآخرين".

وفي ضوء ازدياد الأخطاء التي ارتكبتها بعض وسائل الإعلام في تغطيتها لمثل هذه الحوادث، نشرت مؤسسة I Media Ethics تقريرا أعدته منظمة Samaritans، تضمن عدداً من النصائح الموجهة للصحافيين في تغطيتهم لحوادث الانتحار.  والاخيرة منظمة بريطانية أنشأت عام 1953 تتعاون مع المؤسسات الصحافية لمساعدتها في تقديم التقارير الصحافية دون ارتكاب الأخطاء القانونية او الأخلاقية. وتاليا جملة من هذه الممارسات الجيدة والنصائح:

* فكر في تأثير تغطيتك على الجمهور المتلقي

يمكن لتغطيتك أن تؤثر على الأشخاص الذين يعانون من ظروف صعبة أو مشاكل نفسية، بالإضافة الى أنها من الممكن أن تؤذي عائلة وأقارب وأصدقاء الشخص المتوفي.

ومن هذا الباب، يمكن للصحافي أن يوفر معلومات عن كيفية الاتصال بمصادر محلية أو وطنية متخصصة في تقديم الدعم المادي والمعنوي لمن يعانون من المشاكل النفسية أو العاطفية ولديهم ميول للانتحار، من أجل أن يطلبوا المساعدة، وبذلك يكون قد ساهم في إنقاذ حياة الكثير منهم.

* توخي الحذر عند الحديث عن طرق ووسائل الانتحار

- حيث تبين أن تقديم المعلومات حول كيفية الإقدام على الانتحار، دفعت بالعديد من الأشخاص إلى تقليد السلوك نفسه. ومن هنا يجب على الصحافي عدم تقديم أي معلومات عن الطريقة التي اتبعها الشخص في الانتحار، فعلى سبيل المثال من المسموح أن يقول "شنق نفسه أو تناول جرعة زائدة"، لكن من غير المسموح أن يتحدث عن نوع الحبل الذي استخدمه أو نوعية الحبوب وجرعتها وعددها. 

كما يجب أن يتجنب ذكر ذلك في العناوين، حيث يعزز ومن دون قصد الطرق الشائعة للانتحار.

- الحذر عند الابلاغ عن حالات استخدمت وسائل غير عادية أو غير معروفة من قبل، حيث أثبتت الدراسات أن حالات الاشخاص الذين يستخدمون مثل تلك الوسائل الجديدة، تنال اهتمام وسائل الإعلام وتحظى بتغطية واسعة مما يدفع الاشخاص ممن يملكون الميول نحو الانتحار إلى البحث عن مزيد من المعلومات حول هذه الأساليب على شبكة الإنترنت.

- تذكر أن هنالك ما يسمى "خطر السلوك التقليدي" نظراً لتحديد أسباب الانتحار، فبعض الاشخاص يجدون السمات المشتركة بينهم والمنتحر، من خلال تقديم الصحافي لأسباب الانتحار. فعلى سبيل المثال، في حال ذكر الصحافي أن السبب "ظروف الحياة" سواء الديون أو فقدان الوظيفة، سيدفع بعض من تواجهه ضغوط مالية إلى الانتحار.

كما لا يجب على الصحافي إطلاقا أن يصف عملية الانتحار بالسهلة أو البسيطة أو السريعة غير المؤلمة والتي من الممكن أن تؤدي الى الوفاة سريعا، حيث سيعتبرها كثيرون سهلة وفورية ويسعون إلى تقليدها، طالما أنها متاحة وقابلة للتطبيق.

* تجنب الإفراط في التبسيط

ما يقرب من 90% من الاشخاص الذين يموتون انتحاراً، يعانون من مشاكل في الصحة العقلية، سواء تم تشخيصها قبل أو بعد الوفاة، وبالتالي فإن الإفراط في تبسيط أسباب الوفاة قد يجعلها مضللة ولا تعبر بدقة عن تعقيد وصعوبة الانتحار، وتدفع بالكثير إلى ارتكابها.

على سبيل المثال، لا يجب على الصحافي أن يقدم الإيحاءات بأن سبب الانتحار أمر بسيط مثل فقدان الوظيفة أو انهيار العلاقة العاطفية. ومن المهم جدا أن لا يتغاضى الصحافي عن الحقائق المعقدة للانتحار وآثارها المدمرة على عائلة من توفى.

* تجنب التصوير الميلودرامي للانتحار وتداعياته

يجب أن يكون الصحافي حريصا على التعبير عن حزن المجتمع جراء مثل هذه الحوادث، من خلال التركيز على مشاعر الحداد، بدلا من "تكريم" السلوك الانتحاري.

إن تغطية حوادث الانتحار على أنها مأساة بشرية وخسارة كبيرة، يمكن لها أن تمنع حدوث المزيد منها، حيث يجب على الصحفي التركيز على الانهيار العاطفي الذي تمر به عائلة المنتحر والأثر الذي تركه في نفوس أصدقائه وأقاربه، من أجل أن يدفع ذلك من يفكرون بالانتحار إلى طلب المساعدة أو إعادة النظر في الأمر.

* قدم تغطية حساسة وغير مثيرة  

لا تقدم موقعا شهد حادثة انتحار على أنه من "المناطق الساخنة"، أو تشير إلى ارتفاع نسبة الانتحار في مكان معين أو وسط مجموعة من الأفراد وتصفه بأنه "وباء". 

فعلى سبيل المثال، إذا انتحر شخصان أو أكثر في المنطقة الجغرافية نفسها وكانوا يواجهون المشاكل والضغوطات المتشابهة، لا يعني ذلك أنها "ظاهرة"، فهذا يمكن أن يكون مجرد صدفة، ولا وجود لأي رابط بينهم.

يجب عدم الترويج لفكرة أن الانتحار يحقق نتيجة، على سبيل المثال، نتيجة لانتحار أحدهم تم الكشف عن أحد رجال العصابة او أحد المجرمين وإلقاء القبض عليه.

عند كتابة العناوين، يجب التفكير بعناية في المحتوى وتأثيره المحتمل، وأن يكون العنوان مجسدا للقصة من دون دراما أو استخدام المصطلحات المثيرة أو إدراج تفاصيل وطريقة الانتحار.

الابتعاد عن اللغة غير المناسبة، مثل الاشارة الى موت أحدهم بأنه "أقدم على الانتحار" واستبدالها بـ "مات منتحرا"، وعدم الكشف عن مضمون "رسالة الانتحار" في حال وجدت.

* الحذر في التعامل مع الصور في تغطية حوادث الانتحار

بعض وسائل الإعلام تتعامل مع حوادث الانتحار بأسلوب بحثي مكثف يجذب الإثارة، من خلال إبرازها كقصة مهمة ونشرها على الصفحة الأولى، بطريقة تؤثر على من يفكر بالانتحار.

يجب على الصحافي الحذر فيما يتعلق بالصور المرفقة بتغطية الانتحار، ليس من الضرورة نشر صورة قريبة من المتوفي، أو عرض صور عديدة له مأخوذة من صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يجب تجنب نشر صور لأشخاص لقوا حتفهم في وقت سابق من مبدأ التوسع في التغطية، لما لها من أثر سلبي على عائلاتهم وتذكيرهم بأشخاص خسروهم.

وعلى الصحافي أن يتجنب نشر الصور الدرامية والعاطفية مثل شخص يقف على حافة جسر أو هاوية، مما قد يعد إشارة منه الى أن هذا المكان هو المخصص للأشخاص الذين يرغبون بالتخلص من حياتهم.

* التثقيف والإعلام

يجب على الصحافي -كلما كان ممكنا- الإشارة إلى القضايا الأوسع التي تصاحب حوادث الانتحار مثل الإدمان على الكحول والمشاكل الصحية العقلية والحرمان.

التركيز على التأثير الطويل للانتحار والذي يتركه على أهالي الضحايا، من أجل أن يشجع على فهم أفضل للمخاطرة التي يقوم بها هذا الشخص والعذاب الذي يمنحه للأشخاص المقربين منه.

ويفضل أن تنتهي معظم التقارير حول هذه الحوادث بمصادر للدعم والمساعدة، مع إمكانية الإشارة إلى حوادث انتحار تم تجنبها من خلال التوعية والتثقيف.

نشر التقرير على موقع منظمة:

Samaritans organisation

بعنوان:

BEST PRACTICE SUICIDE REPORTING TIPS