أكيد - آية الخوالدة
تستمر مواقع إخبارية محلية بتجاهل المعايير الصحفية والأخلاقيات المهنية في تغطيتها لكل ما يخص الطفولة، وما يتعرض له الأطفال من عنف وسوء معاملة، تمثلت أخرها في فيديو يظهر فيه صوت شخص يهدد بقتل مجموعة من الأطفال.
وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" كيف تعاملت الوسائل الإعلامية المحلية، مع مقطع فيديو انطلق من مواقع التواصل الاجتماعي، يتضمن صوتا لإحد الأشخاص يهدد بقتل مجموعة من الأطفال، عددهم أربعة، وتظهر ملامحهم كاملة، قبل أن يفتح اسطوانة الغاز باتجاههم، وهم في حالة رعب وخوف.
وأعادت مواقع الكترونية نشر الفيديو، مشيرة إلى سبب قيامه بذلك، بدلا من الاكتفاء بتبليغ الجهات الأمنية عنه، والحفاظ على خصوصية الأطفال الموجودين في الفيديو، وعدم نشر صورهم في حالة من الهلع والرعب بسبب تصرف غير مسؤول.
وجاءت العناوين كالتالي:
فيديو مؤلم ... أردني يفتح أسطوانة الغاز على أطفاله بسبب الفقر!
بالفيديو مواطن يهدد بقتل أبنائه ويفتح الغاز عليهم .. فما السبب؟
شاهد فيديو مؤلم...أردني يفتح أسطوانة الغاز على اطفاله بسبب الفقر!
وتبين بعد إلقاء القبض على صاحب الصوت في الفيديو أنه "شقيق الأطفال الذين هددهم، وبوشرت التحقيقات معه لاتخاذ الاجراءات القانونية والادارية بحقه وضمان عدم عودته الى مثل هذا التصرف مجددا".
وفي خبر بثته قناة تلفزيونية ضمن نشرتها الإخبارية الرئيسية يوم 29 كانون الثاني 2018، أعادت نشر مقطع الفيديو بشكل يظهر وجوه الأطفال تحت عنوان "الأمن يلقي القبض على شاب فتح اسطوانة غاز على إخوته الصغار احتجاجاً على رفع الأسعار"، في الوقت الذي امتنع موقع القناة الإخباري عن نشر الفيديو ضمن أخباره التي نشرها عن القضية تباعا، ما يؤشر الى عدم توحيد المعايير المهنية والأخلاقية في ذات المؤسسة الإعلامية.
وفي رصد أجراه "أكيد" لعدد حالات الاعتداء على الأطفال منذ بداية العام الحالي، توخت الوسائل الإعلامية الدقة والحيادية في بعضها، وفي بعضها الأخر خرجت عن المعايير المهنية والموضوعية، ففي حادثة الاعتداء على طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات على يد ذويها وجرى إيداعها في مراكز التنمية الاجتماعية، حاول عدد من المواقع الإخبارية خلق نوع من الاثارة في العناوين والتهويل في المصطلحات المستخدمة في الأخبار والتقارير، فيما نشرت مواقع أخرى صورا تعبيرية لفتاة فلسطينية تعرضت للتعذيب عام 2015.
وقدمت فضائية محلية من خلال أحدى برامجها تقريرا عن طفلة معنفة تبلغ من العمر 6 سنوات، وأجرت حوارا معها وكشفت عن أثار التعذيب على جسمها، وقدمتها في لحظات ضعف وحالة نفسية سيئة، وبذلك لم تلتزم بالمادة 14 من ميثاق الشرف الصحفي، الذي ينص على "يلتزم الصحفيون بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الاساسية المتمثلة بالرعاية والحماية، ويراعون عدم مقابلة الاطفال أو التقاط صور لهم دون موافقة أولياء أمورهم أو المسؤولين عنهم، كما لا يجوز نشر ما يسيء اليهم أو لعائلاتهم، خصوصا في حالات الاساءة الجنسية سواء كانوا ضحايا أو شهودا، ويلتزمون برعاية حقوق الفئات الاقل حظا وذوي الاحتياجات الخاصة".
كما شغل وفاة الطفلة ملاك وهو اسم مستعار، الرأي العام المحلي، بعدما تبين أنها فارقت الحياة نتيجة عنف أسري، وغطت وسائل الإعلام هذه القضية بتقارير موسعة تشمل جوانب عديدة، فيما اكتفت الكثير من المواقع بالنقل عن وسائل الإعلام الاخرى. وقدمت مواقع إلكترونية محتوى مرتبطا بآراء وموقف كاتب التقرير مثل "الطفلة المعنفة ملاك ضحية لسلسة من الجرائم، عمان : ام تقتل طفلتها ركلاً و حرقاً بالماء الساخن "تفاصيل جديدة"، والدة ملاك تثير الغضب بعد كشفها عن سبب تعذيب ابنتها التي توفيت اثر ذلك، وجميعها حملت في طياتها آراء وعواطف يمكن أن تكون مبررة في مقال رأي وليس في تقرير صحفي، كما يوجد في بعضها أحكام وتهم تحتاج إلى اثبات، وليس نقلها على لسان طرف واحد، الأمر الذي سبب غياب التوازن.
ومن الممارسات الإيجابية في تغطية شؤون الطفل وتعرضه للعنف، الأخبار والتقارير التي نشرتها الوسائل الإعلامية مؤخرا عن قيام أب بقتل ابنه خنقا ورميه داخل بركة في البادية، حيث قدمت جميعها معلومات كافية عن الواقعة وإلقاء القبض على الجاني، ونشرت صورا للطفل المتوفى بعدما غطت الجزء الأكبر من جسمه وملامح وجهه.
بدورها أوضحت الصحفية المختصة بتغطية قضايا شؤون الطفل نادين النمري، أن هناك عددا من الصحفيين الذين يستغلون مثل هذه المواضيع لما فيها من إثارة، تسلط الضوء على تقاريرهم وتحقق أعلى نسب للقراءات، ولا يراعون الحالة الانسانية في الواقعة والاثر الذي ستتركه على حياة الطفل وحياة ذويه، والأجدر بالصحفي المهني أن يغلب تحقيق المصلحة الانسانية على حب الشهرة وتحقيق السبق الصحفي.
وسبق لمرصد "أكيد" أن نشر العديد من التقارير حول المخالفات التي ارتكبتها الوسائل الإعلامية في هذا الشأن، فمن الأجدر حماية الطفل وخصوصيته وعدم تعريضه لكل ما يسئ له حاضرا ومستقبلا أو ما يسيء لعائلته.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني