وسائل إعلام تنتج صورة نمطية مرتبطة بالجرائم  لعاملات المنازل

وسائل إعلام تنتج صورة نمطية مرتبطة بالجرائم لعاملات المنازل

  • 2017-07-26
  • 12

أكيد – حسام العسال

تضاربت وسائل اعلام في نقلها لخبر جريمة قتل خادمة لطفل في محافظة اربد السبت الماضي، وارتكبت وسائل اعلام أخرى تجاوزات مهنية في تغطيتها للجريمة التي أثارت الرأي العام وتسببت في اطلاق رواد منصات التواصل الاجتماعي الأحكام على أفراد الأسرة. 

وركزت وسائل الإعلام في أخبار الجريمة على ذكر جنسية العاملة على نطاق واسع، مع وجود تناقض في ذكر الجنسية، إذ تمت الإشارة إلى أن جنسيتها بنغالية قبل أن يتبين عدم صحة ذلك، حتى أن أحد المواقع الإلكترونية أشار في عنوان لأحد أخباره أن العاملة من جنسية معينة في حين كان متن الخبر يتحدث عن جنسية أخرى.

 ولم تُعدل العديد من وسائل الإعلام هذا الخطأ أو تعتذر عنه، في حين أشار موقع الكتروني يصدر في لندن إلى أن جنسية العاملة هي البنغالية وربطت الحادثة مع حوادث أخرى قامت بها عاملات من بنغلاديش بشكل سابق، رغم أن جنسية العاملة ليست بنغالية وانما أثيوبية.

واعتبر موقع الكتروني أن الخادمات قنبلة تنفجر في وجه الأردنيين وأصرت المادة ذاتها على أن العاملة من بنغلاديش، رابطاً هذه الجريمة بجرائم أخرى لعاملات من بنغلاديش.

وأبرزت أربع صحف يومية الجنسية في العنوان فيما وضعتها يومية أخرى في متن الخبر، وسارت مواقع إلكترونية على ذات المنوال وذكرت جنسية المتهمة، ورغم ذكر الجنسية لم تُشر وسائل الإعلام إلى أن الأردن لا يستقدم عاملات منازل من أثيوبيا وطبيعة قانونية عملهن في المملكة، كما أغفلت  سبب وجود هذه العاملة تحديدا في الأردن.

عاملة المنزل المتهمة بجريمة قتل الطفل والتي أتت مع العائلة التي تعمل لديها من دولة الإمارات العربية المتحدة لقضاء الإجازة السنوية في الأردن، وُجهت لها جريمة القتل العمد من قبل مدعي عام الجنايات الكبرى، وقرر المدعي العام إيقافها لمدة 14 يوما على ذمة التحقيق.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تواصل مع نقيب أصحاب مكاتب استقدام واستخدام العاملين في المنازل خالد حسينات الذي أكد أن جنسية العاملة هي الأثيوبية وأنها أتت مع عائلة الطفل من دولة الإمارات العربية المتحدة.

 وأشار إلى أن الأردن لا يستقدم عاملات منازل من دولة أثيوبيا، إذ أن أثيوبيا أوقفت إرسال عاملاتها إلى الأردن وعدة دول عربية أخرى نتيجة "تكرار الجرائم التي قامت بها بعض عاملاتها"، وأضاف الحسينات أن أثيوبيا تقوم بتدريب وتأهيل العاملات لإعادة إرسالهن للعمل من جديد.

واستدرك الحسينات بقوله "أن بعض العاملات الأثيوبيات يعملن في الأردن كعاملات منازل نتيجة حصولهن على تأشيرة دخول خاصة دون استقدامهن من مكاتب الاستقدام، الأمر الذي يمنع عمل الفحوصات الطبية اللازمة واستخراج شهادة خلو من القيود الجرمية".

وأشار الحسينات الى أن الدول المسموح استقدام العاملات منها مربوطة الكترونياً مع مكاتب الاستقدام بغرض التدقيق على الفحوصات التي تُثبت خلوهن من الأمراض، وكذلك عدم وجود قيود جرمية تخص العاملات.

ونشرت يومية الغد تقريراً بعنوان "جريمة إربد تقرع الجرس: مطالبات بفحص صحة نفسية لعاملات المنازل" طُرح فيه المطالبة بإخضاع العاملات لفحص الصحة النفسية وجعله شرطاً من شروط الاستقدام، ولم يُشر التقرير إلى جنسية العاملة، ورفض الربط بين "جنسيات ومهن معينة بالجريمة"، وهو ما يُعد سلوكاً مهنياً بحيث تناول التقرير أبعاداً لم يتناولها الإعلام دون الإشارة أو الربط بالجنسية.

ونشر موقع الكتروني لعاملات المنازل خبرا عُنون بـ "مطالب شعبية باغلاق مكاتب استقدام الخادمات ورمي كل الخادمات لبلادهم" والذي حمل هجوماً وتحاملاً كبيرين على العاملات الأثيوبيات وزعم أن لدى بعضهن عقيدة تدفعهن لارتكاب مثل تلك الجرائم.

ويرى مرصد (أكيد) أن نشر جنسية المتهمة يُعد مخالفة مهنية بالأصل، إذ أن ذكر جنسية المتهمين بحوادث جرمية سيمهد لخلق صورة نمطية حول سلوك حملة تلك الجنسية وربطهم بالجرائم وبالتالي الإضرار بهم وبسمعتهم، لكن التطرق إلى جنسية العاملة هنا قد يكون مبرراً في حال تناول الخلفية القانونية لعمل عاملات المنازل من الجنسية الأثيوبية في الأردن، وهو ما لم تتطرق له وسائل الإعلام.

كما نشرت صحيفة يومية صورة للطفل المقتول إضافةً لمواقع أخرى نشرت الصورة إضافة لذكر اسم الطفل الثلاثي في أحد المواقع، وهو ما يستحضر نقاشات سابقة حول أخلاقية نشر صور الأطفال، إذ ينص ميثاق الشرف الصحافي في المادة 14 على أنه "يلتزم الصحفيون بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الاساسية المتمثلة بالرعاية والحماية. ويراعون عدم مقابلة الاطفال أو التقاط صور لهم دون موافقة أولياء أمورهم أو المسؤولين عنهم"، ويبرز هنا تأكيد على ضرورة أخذ إذن ذوي الطفل قبل التصوير وبالتالي النشر.

ونشرت محطات تلفزة ومواقع الكترونية فيديوهات لوالد الطفل يتحدث فيها عن بشاعة الجريمة دون تهويل وعلاقة الأسرة بالخادمة خلال عام من العمل عندهم، لافتا الى أن  سلوك الخادمة خلال هذه الفترة كان جيدا ولم يظهر عليها أي صفات اجرامية موجها نصائحه للأسر بفرض مزيد من الرقابة على الخادمات ومتابعة أطفالهم.

مرصد "أكيد" تواصل مع كيلي ماكبرايد الخبيرة بالأخلاقيات الإعلامية ونائب رئيس معهد "بوينتر" في الولايات المتحدة الأمريكية وسألها حول أخلاقية نشر صور (بحالة جيدة) لأطفال ضحايا لجرائم قتل، وعرض عليها صور الطفل المنشورة بوسائل الإعلام المحلية، فأجابت بأنه "لا ضرر من نشر صور الطفل واسمه الكامل في مثل هذه الحالة"، وبالتالي فإن نشر هذه الصور لا يُشكل إساءة للطفل أو ذويه في حالة موافقتهم المسبقة.