وسائل إعلام تنتهك الحياة الخاصة لـ "الوزير المستقيل"

وسائل إعلام تنتهك الحياة الخاصة لـ "الوزير المستقيل"

  • 2016-10-07
  • 12

انتهكت مواقع الكترونية أردنية الحياة الخاصة لوزير النقل السابق مالك حداد، بنشر وقائع قضية جنائية كان قد حوكم فيها قبل أكثر من ثلاثين عاماً، وحصل على عفو خاص بعد الحكم بالقضية بخمس سنوات.

ونشرت المواقع الإلكترونية أخباراً حول استقالة  "حداد"، وتجاوز –بعضها- المعايير الاخلاقية والإعلامية في ممارسة العمل الاعلامي، فتلك السابقة الجرمية للوزير المستقيل كانت –قانونياً- قد دخلت في طيّ النسيان، علاوةً على حصول "حداد" على عفو خاص، وصدور عفو عام لثلاث مرات بعد اقفال ملف القضية، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مجريات القضية بتفاصيل قد تؤذي الأشخاص الذين تمسهم القضية بصفاتهم الشخصة بحكم صلة القرابة أو النسب.

ويؤكد مرصــد مصداقية الإعلام الاردنـــــــي” أكيــــــــد” أن هذا النشر في تفاصيل القضــية (وقد  رصد "أكيد" نحو خمس وعشرون حالة انتهاك)، تعد تعديـــــاً صارخا على حق الخصوصية وأن ما تم السكوت عنــــــــه بالتقادم يدخـــــــل تلقائيــــــــاً في طـــــــيّ النســيــــــان، علما بأن هذه القضية متصلة بالحياة الخاصة للوزير وكانت قبل استلامه للمنصب العام، وهذا يعــكــس ضعـــــــف تعــامــل تــلك الوسائـــل مـع المعـــايـيـــــر الاخـــلاقــــيــة والقـــانونيــــة في الـــنشـــر والتي تحظر هذا الفعل. حصل ذلك بينما لم تحاول وسائل الإعلام تقديم معلومات واضحة إن كان تعيين الوزير أصلاً ينسجم مع الدستور والقوانين، وهل هناك ما يوجب على الوزير أن يذكر الواقعة قبل قبول المنصب.

ووفقاً لمدير مركز العدل للحوكمة والنزاهة المحامي مروان المعايطة "فإن تعيين الوزير المستقيل مالك حداد وزيراً للنقل يخالف روح الدستور ولا يخالفه نصاً، وكان بإمكان الحكومة الأخذ بالرأي القانوني المستفيض الذي قد يؤيد أو يخالف تعيين حداد، لكن تدخل بعض وسائل الإعلام بالحياة الخاصة للوزير ونشرهم لأخبار حول حكم قضائي –تم نفاذه قانونياً- خلق حرجاً لدى الحكومة من تشكل رأي عام ضد الوزير أو الحكومة ككل، مما جعل الوزير يقدم استقالته على عجالة من باب الأدب السياسي".

وأضاف المعايطة "أن  إخفاء الوزير لتفاصيل سابقته الجرمية لا يعد خرقاً قانونياً" مشيراً إلى "أنه ليس هناك أي نص قانوني يوجب على الوزير المستقيل الإفصاح عن سابقته الجرمية".

الدكتور صخر الخصاونة، المحاضر في تشريعات وأخلاقيات مهنة الصحافة في معهد الإعلام الاردني قال في اتصال مع "أكيد" إنه "لا يجوز نشر وقائع القضية أو تفاصيلها واستخدامها في الأخبار الصحفية، مضيفا أن”ما دخل في طيّ النسيان يشكل جزءاً من الحياة الخاصة  ولا يجوز نشر أي شيء يتعلق بهذه الحياة دون أخذ موافقة صاحب العلاقة، مثلما أنه لا يجوز إعادة النشر مرة اخرى الا بموافقة جديدة”.

واشار الخصاونة الذي أجاب على اسئلة ” اكيد”، الى أن “من يدعي ممارسة النقد باعتبار أن الوزير شخصية عامة، فإن النقد يجب أن ينطوي على ممارسة الأعمال ومباشرتها وما يتصل بعملها باعتبارها شخصية عامة، وفي حالة الوزير حداد فلا يوجد ارتباط بين عمل الوزير والسابقة الجرمية فقد كانت سابقة لممارسته للعمل العام”.

أما فيما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي واستخدام الصور والتعليقات المسيئة لشخص الوزير وعائلته، أوضح الخصاونة أن ذلك ” يعتبر جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات الاردني وتدخل ضمن إطار جرائم الذم والقدح أو انتهاك الحق في الخصوصية."

وعبر نقيب الصحفيين طارق المومني عن استيائه لنشر تفاصيل قضية حداد، وقال” أن على الصحف الاكتفاء بمصطلح (حُكم قضائي مثلاً) عوضاً عن سرد تفاصيل القضية أو الإشارة إلى مقتضاها، وذلك يفي بالغرض الصحفي ويفي أيضاً بمتطلبات  الشفافية والافصاح عن المعلومات في العمل الصحفي."

وأضاف المومني في تصريحات لـ “أكيد”: “الأصل أن لا يتم نشر تلك القضية ويجب أن يكون هناك موافقة بنشرها من الوزير خصوصاً وأن القضية تتضمن جوانب عائلية ولا علاقة لها بالشأن العام”.

وذكَر المومني بأن “لكل شخص حق احترام حياته الشخصية وعدم نشر أو افشاء اسراره الخاصة ومن ضمنها الأحكام الصادرة بحقه والتي تم استيفاء الجزاء القانوني فيها لأن ذلك يعتبر تعديا مسلكيا يوجب عدم النشر”.

وتنص المادة (4) من قانون المطبوعات والنشر على “تمـــارس الصـــحافة مهمتهـــا بحريـــة فـــي تقـــديم الأخباروالمعلومات والتعليقات وتسهم في نشـر الفكـر والثقافـة والعلـوم في حـدود القـانون وفـي إطـار الحفـاظ علـى الحريـات والحقـوق والواجبـــات العامـــة واحتـــرام حريـــة الحيـــاة الخاصـــة للأخرين وحرمتها”.

فيما تنص المادة 7 منه على ان “آداب مهنة الصحافة ومصداقيتها ملزمة للصحفي وتشمل احتــرام الحريــات العامــة للاخـرين وحفــظ حقــوقهم وعــدم المس بحرمة حياتهم الخاصة”.

وتنص المادة (11) من ميثاق الشرف الصحفي “يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الاسر والعائلات والافراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة”.

ووفقاً للمعايير التي يطبقها مرصد “أكيد” فإن حق المجتمع في المعرفة باعتباره حق من حقوق الإنسان هو ما يشكل المهمة الأساسية لوسائل الإعلام وهو الأساس المتين لعمل الصحافة ووسائل الإعلام بنقل الاخبار ذات القيمة الخبرية التي من شأنها تكريس حق المجتمع في المعرفة الحقيقة البعيدة عن نقل ونشر الأخبار التي تؤذي الآخرين، وتخترق حرمة حياتهم الشخصية وتذكرهم بما دخل في طيّ النسيان. مع مراعاة المعايير المهنية ومن بينها الانصاف والنزاهة والتي تعني عدم توظيف انتهاك خصوصيات الافراد في الصراعات والتنافس السياسي.