وسائل الإعلام جسر لعبور معلومات مغلوطة للجمهور في تغطية احتجاج على نتائج الانتخابات

وسائل الإعلام جسر لعبور معلومات مغلوطة للجمهور في تغطية احتجاج على نتائج الانتخابات

  • 2017-08-28
  • 12

أكيد - أنور الزيادات

نشرت عدة مواقع اخبارية محلية خبراً يعتمد على مقطع فيديو لوقفة احتجاجية نفذتها إحدى المرشحات لرئاسة بلدية الزرقاء بعد أيام من ظهور النتائج الرسمية، وتضمن المقطع تصريحات ومعلومات غير دقيقة وغير موثقة حول سرقة 90 صندوق اقتراع  يتضمن 20 ألف صوت خلال الانتخابات الأخيرة.

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) ما تداولته المواقع حول هذه الوقفة من أخبار ومعلومات كانت معززة بفيديو تظهر به المرشحة رشا رجب وزوجها وهو مدير حملتها اللذان أشارا فيه لحصول رجب على أكثر من 20 ألف صوت.

ويقول مدير الحملة في الفيديو إن هناك إخفاءً متعمداً للصناديق التي تحوي أصوات المناصرين لرشا، وحسب قوله تم رمي صناديق الاقتراع الخاصة برشا من قبل ضاغطات بلدية الزرقاء، وفق ما علم به من قبل بعض سكان الزرقاء.

ونقلت مواقعً الفيديو كما هو، واقتبست منه نص الخبر على لسان المرشحة، كمعلومات تظهر أن ما قالته المرشحة ومدير أعمالها الحقيقة دون رتوش، واكتفت هذه المواقع بأن تكون وسيلة وأداة في إيصال صوت هذه المرشحة للجمهور دون ممارسة واجبها المهني.

فيما قامت ثلاثة مواقع أخرى بنشر الخبر والفيديو بإضافة بعض الكلمات والمفردات التي من الممكن أن تزرع الشك لدى المتلقي، لكن لم تحمل الجهد المهني لبيان الحقيقة، ومن مثل هذه الأمثلة  نقل تصريحات مدير الحملة كما يلي: أوضح مدير حملتها أنه تم رمي صناديق الاقتراع الخاصة برشا من قبل ضاغطات بلدية الزرقاء، دون أن يثبت ما يقول بأية صور أو فيديوهات، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه حسب كشوفات الفرز في الزرقاء فقد حصلت المرشحة رشا آل رجب على 129 صوتاً.

ويقول الباحث وأستاذ الإعلام الدكتور عثمان الطاهات لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) لا بد من الالتزام دائماً بالمهنية وأخلاقيات المهنة من أجل نقل خبر صحيح ودقيق للجمهور، وبشكل عام المصادر الموثوقة مؤشر مهم على مصداقية المحتوى الإعلامي.

ويوضح أنه عند الحديث عن سرقة 90 صندوقاً، و20 ألف صوت لا بد من قيام الصحفي والإعلامي من التحقق من مصادره، والتواصل مع الجهات المعنية مثل الهيئة المستقلة للانتخاب، وزارة الداخلية، والجهات الرقابية من مؤسسات المجتمع المدني.

ويضيف أن بعض ما تنشره المواقع أحياناً يحمل الإثارة والتهويل، فاختفاء 90 صندوقاً في الوضع الطبيعي يثير الرأي العام وردود فعل كبيرة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية أن يقوم الصحافي بدوره من خلال التحقق دون الاعتماد على المصادر التي تسعى لخدمة أهدافها، أو المواطن الصحافي الذي لا يتثبت من المعلومات وينشرها على مواقع التواصل أو يرسلها إلى المواقع الاخبارية، دون البحث عن الحقيقة كاملة.

ويؤكد على أن المصداقية والدقة ترتبط بالمصادر الموثوقة والأدلة، التي يمكن الاعتماد عليها مثل  الصور ومقاطع الفيديو التي يثبت أنها أصلية ولم يقع فيها أي تلاعب، وكذلك  البيانات والوثائق الرسمية، مشيراً إلى أن الجمهور أصبح أكثر وعياً ولدية القدرة على التحليل، ولديه العديد من المصادر للتأكد من المصداقية.

ويضيف أن الاستسهال يجعل بعض المواقع تبحث عن الإثارة، خاصةً وان الكثير من المواقع عدد العاملين فيها محدود، فتكتفي بنشر معلومات سريعة وبدون جهد، فبعض المعلومات تحتاج إلى تقرير وتحقيق وليس مجرد نشر معلومة تغيب عنها الدقة والمصداقية، مشيراً إلى أن المنطق السياسي  يتعارض مع ما تقوله المرشحة، فالحكومة  ليس من المنطق  أن تقوم بدعم مرشح الحركة الإسلامية ضد أي مرشح اخر، فلا مصلحة للدولة في هذا الأمر.

ويقول إنه على الصحافي أن يعمل بقناعة كاملة بواجباته ورسالته المهنية فهو مثل الطبيب والمهندس الذي في حال تقصيره بعملة قد يتسبب  بأضرار تنعكس على المجتمع، ومثال على ذلك هناك من يدعي وصوله الى اكتشاف علاج للسرطان أو السكري، ولكن أخلاقيات المهنة  تمنع الصحافي من نشر معلومات غير دقيقة من أجل الشهرة لا تعتمد على الأدلة والبراهين ومنها براءة الاختراع، والوثائق التي تشير إلى أبحاث علمية محكمة ومعتمدة، ففي حال نشر الصحافي هذه المعلومة فسيتداولها الجمهور على أنها حقيقة، ومن الممكن ان يفقد البعض حياته بسبب معلومات غير صحيحة وهنا يجب التأكيد على اهمية أخلاقيات المهنة ومنها المصداقية والدقة في الحفاظ على حياة الانسان وسلامة المجتمع.

ويرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أن الواقعية تعد من أهم القيم عند التعامل مع الاخبار لأن الخبر يعني تطابق المنقول مع الواقع، ولا مجال للخيال الأدبي والتخمين والافتراض في العمل الإعلامي، ويقال عن الصحافي إنه مهني إذا التزم بصحة الأخبار ودقتها، وعلى الصحافي التحقق عندما يروي عن المصدر سواء كان حاضراً ام غائباً، حتى لا يكون جسراً لعبور الأخطاء والإشاعات والتضليل إلى المجتمع.

والسؤال الذي يطرح نفسه دائماً، ما دوافع المصدر لإعطاء المعلومات، وما العلاقة بين الصحافي والمصدر (منفعة مادية او مالية، مصالح شخصية ثم تأتي قيم الاعتماد على المصدر– هل المصدر تم الاعتماد عليه والاخذ منه سابقا؟– ما هي درجة مصداقيته؟ موثوق أوغير موثوق.

كما لا بد من إعمال العقل والشك من خلال تحري المصادر والمعلومات ثم تمحيصها بين القبول والرفض وهذا يرتكز على معطيات ثقافية وتعليمية ومعرفية وقانونية لدى الصحافي، لأنه في عرف العمل الاعلامي فإن الصحافي (شكاك)، والتحقق يعني التأني وليس الركض نحو السبق الصحفي ومعنى التأني النظر دون عجلة وفحص المصادر.

وفي عصر الإنترنت لم تعد المواقع المحلية تغطي قطاعاً جغرافياً معيناً، فهي وسيلة تنقل أخبارها إلى كل بقاع العالم، ومن يقرأ المعلومة سيتناولها مجردة، وفي الغالب من يطالعون هذه الأخبار خارجياً ليس لديهم الاطلاع والمعرفة الكافية حول مثل هذه القضية، وعلى الصحافي أن لا يفترض أن القارىء قادر دائماً على تفهم الموضوع، كما يفكر داخل نفسه، فالجمهور يحتاج الى معلومة كاملة وواضحة.