عمّان 18 شباط (أكيد)- شرين الصغير– أوجدت أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) شرخًا عميقًا بين قادة الاحتلال الإسرائيلي بسبب الفشل الكبير الذي مُنيت به إسرائيل، جيشًا وأجهزة أمنية واستخبارية، وتبادلًا للاتّهامات بتحمل مسؤولية هذا الفشل المدوّي، ثم تعمّقت الخلافات على المستويين السياسي والعسكري، واتّساع نطاق الانتقادات الموجهة لحكومة بنيامين نتنياهو بشأن سلوكها اتّجاه الحرب وقضية الأسرى[1]، مع تزايد أصوات أهالي الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين لدى حماس للمطالبة بوقف الحرب والدّعوة لإبرام صفقة تؤّمن عودتهم أحياء إلى ذويهم.
تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) الإعلام المحلي وتغطيته للخلافات في الدّاخل الإسرائيلي، برصد عيّنة قصدية خلال الفترة من 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، حتى 8 شباط الجاري، حيث كان الانشغال على أشدّه بدراسة أول مقترح ملموس لوضع إطار عام لهدنة طويلة في غزّة، جرى الاتّفاق حوله ما بين إسرائيل والولايات المتّحدة وقطر في محادثات جرت في باريس.
وفّرت عيّنة الرصد 24 مادّة إخبارية فقط، وهذا يُظهر ضعف التغطية الإعلامية لمسالة الخلافات الإسرائيلية الداخلية. وتوزّعت هذه المواد بواقع 6 موادّ خبرية بنسبة 25 بالمئة نقلت الخلافات بسبب الإخفاق الذي نجم عن عملية طوفان الأقصى ومحاولات التّنصل من المسؤولية، و7 موادّ بنسبة 29.1 بالمئة تحدثت عن احتمالات تفكّك الحكومة بسبب الإدارة الفاشلة للحرب، و5 مواد بنسبة 20.8 بالمئة نقلت الخلافات والموقف الإسرائيلي من صفقة تبادل الأسرى، و5 موادّ أخرى بنسبة 20.8 بالمئة تحدثت عن الخلافات الإسرائيلية مع الإدارة الأمريكية.
وفي أحدث استطلاع للرّأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية، في 11شباط الجاري[2]، كشف هذا الاستطلاع حجم الاختلافات على مستوى الراي العام في عدد من القضايا المفصلية، حيث أيّد 51 بالمئة من الإسرائيليّين الدّعوة لإجراء انتخابات مبكّرة في إسرائيل. فيما أيّد 31 بالمئة من الإسرائيليّين أن يفضّ بيني غانتس الشّراكة مع نتنياهو، وينسحب من حكومة الطّوارئ. في حين أعرب 43 بالمئة عن قناعتهم بأن غانتس هو الأنسب لرئاسة الحكومة، مقابل 27 بالمئة لصالج نتنياهو. كما خلص استطلاع الرّأي إلى أن حزب الليكود الحاكم بزعامة نتنياهو سيفقد نصف قوته الانتخابية إذا ما جرت انتخابات الكنيست الآن.
لاحظ مرصد (أكيد) أنّ الإعلام لم يسلّط الضوء بشكل كافٍ على موضوع الخلافات وأثرها على استمرارية الحرب، كما أنه لم يتعمّق في بحث مدى تأثير الخلافات داخل كابينيت الحرب الإسرائيلي على تبادل الأسرى والهدنة. وفي هذا الإطار، هناك عدد من الملاحظات والمعطيات التي تستحق إبرازها لفهم المشهد الإسرائيلي على نحو أفضل:
أولًا: على مستوى المجلس الوزاري المصغر، أفاد موقع والا الإسرائيلي بوجود خلافات حادة بين رئيس الأركان هرتسي هاليفي وعدد من الوزراء بسبب تشكيل فريق للتحقيق بأحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهذا ما دفع نتنياهو لفض اجتماع كان مقررًا لبحث مرحلة ما بعد الحرب على غزّة[3].
ثانيًأ: عمّقت صفقة تبادل الأسرى بالشروط التي وضعتها حماس، الخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي بين نتنياهو والوزيرين في المجلس غانتس وغادي آيزنكوت، وبين يوآف غالانت وزير الجيش وقيادة الأركان، بينما يماطل نتنياهو بالحسم، ليس بسبب ضغوط الوزيرين الأكثر تطرفًا إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش فقط، وإنما تحسبًا من ضغوط أمريكية متزايدة إثر تفكك كابينيت الحرب. كذلك يتواصل السّجال في إسرائيل حول إدخال المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية والإغاثية بما فيه وقود السولار إلى قطاع غزّة للتّخفيف من تدهور الوضع الإنساني في القطاع أمام أعين الرأي العام العالمي، رغم أن هذا الوضع كارثي للغاية حاليًا، بحسب محلّلين إسرائيليّين.[4]
ثالثًا: على صعيد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، احتضن الرئيس جو بايدن إسرائيل أكثر من أي رئيس أمريكي آخر في الأيام التي أعقبت انطلاق عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ولكن بعد مرور عدة أشهر على الحرب على غزّة، وتجاوز عدد الشهداء المدنيين والجرحى والمفقودين حاجز المئة ألف، هناك توترات غير مسبوقة بشأن الحرب بين البيت الأبيض وتل أبيب، ومن ذلك أن بايدن وصف نتنياهو بالرجل الشرير[5] في محادثات مغلقة، مضيفًا أنه قام بتنفيذ قصف عشوائي[6] في حدث سياسي، فيما ما زالت واشنطن تزوّد إسرائيل بالأسلحة المتطورة، وتتحفظ على أي دعواتٍ بشأن وقف الحرب.
رابعًا: أخذت الانقسامات في الوضع الإسرائيلي طابعًا عموديًا على صعيد مختلف المكونات. وقد أشار الأكاديمي والمحلل المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور في تصريح له لموقع سكاي نيوز عربية، إلى أن الانقسام بين مكونات المجتمع الإسرائيلي وداخل حكومة الحرب لم يقتصر على اليسار واليمين، بل تفاقم داخل اليمين الإسرائيلي نفسه، كما تعدّى إلى العسكريين والسياسيين داخل الحكومة، ويرى العسكريّون أن السّياسيّين يقودون حملة من شأنها تعطيل وتشويه الجيش الإسرائيلي بعد أن أشعلوا النار في الضفة الغربية بتصرفاتهم واستفزازاتهم للفلسطينيّين.[7]
خامسًا: زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد أقدم على خطوة نادرة بالإعلان عن أنه على استعداد لتأمين شبكة أمان لرئيس الحكومة إذا ما أقدم على إبرام صفقة يعارضها حلفاء نتنياهو في الحكومة، لا بل صرّح بأن نتنياهو "يدمر البلاد، لقد سئمنا من كوننا مهذّبين". كما ذهب غانتس في نقده لتشدد نتنياهو بشان صفقة التبادل للأسرى والمحتجزين حدّ القول إنه "لا يمكن تحويل إسرائيل إلى ملكية خاصة لعائلة السلطان".[8]
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني