عمّان 6 كانون الثاني (أكيد)- عُلا القارصلي- استباح الاحتلال الإسرائيلي في حربه المجنونة على غزّة، البشر والحجر، ولم يسلم منها التاريخ، فمارس قصفًا لا حرمة فيه ولا خطوط حمراءَ عَرّض خلاله التراث الثقافي الفلسطيني لتدمير واسع شمل المواقع الأثرية، والمباني التاريخية والدينية، والمتاحف، والمؤسسات الثقافية والأكاديمية عامة.
سياسة استهداف الآثار الفلسطينية ليست جديدة بل بدأت بتأسيس جمعية بحث أرض إسرائيل العام 1914، وقامت الجمعية بتنفيذ أعمال تنقيب وحفريات في فلسطين استهدفت المواقع الأثرية التاريخية التي تنتشر في كل أنحائها، وعمدت إلى تزوير الحقائق، واجتهدت في البحث عن آثار توراتية لإثبات أي صلة تربط اليهود بهذه الأرض.
وبعد قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي العام 1948، بدأت حكوماتها المتعاقبة بتسخير موازنات ضخمة لتنفيذ مخططات تزوّر وجه الأرض، وتعمل على تهويد وسرقة المواقع الأثرية، وإخفاء وتدمير الآثار التي تتناقض مع الروايات الصهيونية، والتي تثبت أن أرض فلسطين هي عربية فلسطينية بلا منازع.[1]
قطاع غزّة يحتوي على 325 موقعًا أثريًا؛ منها 60 بالمئة في مدينة غزّة، 13 بالمئة في خانيونس، 12بالمئة شمال غزّة، 10بالمئة وسط غزّة، و 5 بالمئة في رفح.
بعد مرور شهر على حرب الإبادة الإسرائيلية في غزّة، دُمّر 100 موقع أثري، ما يقارب ثلث المواقع، وفق دراسة أجرتها مجموعة التراث من أجل السلام، أغلبها تقع في منطقة الإخلاء الشمالي، وأهم هذه المواقع: أكبر مسجد في غزّة "المسجد العمري"، وأقدم كنيسة مسيحية في فلسطين وثالث أقدم كنيسة في العالم "كنيسة القديس بورفيريوس"، وموقع دفن روماني واسع "مقبرة أرض المحاربين الرومانية"، وآثار قديمة لدير يعود إلى القرن الرابع عشر "دير القديس هيلاريون"، وقصر الباشا وحمامات السمرة.[2]
تابع الاحتلال الإسرائيلي محاولة طمس الوجود الثقافي والتراثي الفلسطيني ومحاولة دثر الشواهد التاريخية. ومع اقتراب الشهر الثالث للحرب، أكّد المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة تدمير ثلثي المواقع الأثرية، أي ما يزيد على 200 موقع تراثي وأثري، أهم هذه المواقع: "كنيسة جباليا، مسجد الشيخ شعبان، مسجد الظفر دمري، مقام الخضر، ميناء الأنثيدون، مركز المخطوطات والوثائق القديمة، وغيرها".[3]
اهتم الإعلام العربي والمحلي بتغطية ونقل جرائم إسرائيل ضد التراث في غزّة، وسلّطت المواد الصحفية الضوء على جريمة الاحتلال وفقًا للقوانين الدولية، وخاصة القانون الدولي الإنساني، واتّفاقية لاهاي لعام 1954 وهي اتّفاقية لحماية الممتلكات الثقافية في ظل النزاعات المسلحة. وتُعبّر الاتّفاقية عن رغبة المجتمع الدولي في تجنيب التراث الثقافي والعالمي ويلات الحرب، والاعتراف بأن فقدان هذا التراث يمثل خسارة للبلد المستهدف وكذلك للإنسانية.
ولم يلقَ إدراج موقع "دير سانت هيلاريون" على لائحة الحماية المعززة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) اهتمامًا في الإعلام المحلي، رغم أهمية الموقع الذي اكتُشف العام 1993، وفُتح للجمهور منذ بضع سنوات، وأخذ اسمه من راهب ناسك عاش في القرن الرابع الميلادي في غزّة، ويقع الدير فوق تلّة مرتفعة من الرّمال على بعد 15 كيلو مترًا جنوب غربي مدينة غزّة، وعلى بعد ثلاثة كيلو مترات غربي مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزّة. [4] [5]
الإعلام المحلي غاب عنه توثيق تاريخ المناطق الأثرية التي دُمّرت، والتي يعود أصول بعضها إلى العصر الفينيقي، وبعضها يعود إلى العصر الروماني، ومنها ما يعود إلى 800 عام قبل الميلاد، فيما يعود تاريخ بعض المباني إلى 1400 عام. إن سعي الاحتلال إلى تفتيت الهوية الوطنية والتاريخية لغزّة يستدعي من المؤسسات الصحفية والصحفيين تطوير نمط التوثيق بما يساعد في حفظ تاريخ كل موقع أثري من المواقع.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني