الأردن وصفقة القرن: ماكنة تمرر آراء الكُتّاب على شكل "تسريبات"

  • 2019-06-14
  • 12

 

أكيد – (رصد وتحليل) رشا سلامة -

 

تتوالى المواد الصحافيّة، محليّاً وعربيّاً، التي تتحدّث عن تغيير الأردن لحلفائه مؤخراً، لتتناول أخرى ما تصفه بالجفاء بين الأردن وحلفائه التقليديّين، وأن "الأردن يعيش عزلة إقليمية"، وما إلى ذلك من تحليلات وطروحات  ترتبط بأحداث سياسيّة مرتقبة من قبيل ورشة البحرين وصفقة القرن.

 

المُلاحَظ في العديد من المواد الصحافية التي شهدتها الساحة الإعلامية: غياب الفصل بين الآراء والتحليلات من جهة والأخبار من جهة أخرى، وحتى التسريبات (المعروفة في التقاليد المهنية أنها معتمدة على معلومات غير موثوقة وغير رسمية) باتت تُقدَّم كما لو أنها حقائق.

 

وقد جرت العادة أن يلوّح الأردن بخياراته، ويكون هذا التلويح بمثابة "رسالة" أكثر منه "قرار"، وعادة ما يكون التلويح من خلال قنوات غير رسميّة كالصحافيّين والنوّاب، لكن السابق يقتضي طرح سؤال: كيف تتحوّل الآراء، في السياسة الإقليميّة، إلى أخبار؟

 

الفصل بين الآراء والتسريبات والحقائق

 

رَصَدَ "أكيد" مواد صحافية كانت قد نُشِرَت في هذا السياق، في الأشهر الثلاثة الأخيرة (نيسان، أيار، حزيران)، لدى ثلاث جهات إعلامية عربية هي: صحيفة "رأي اليوم"، وموقع "عربي 21"، وصحيفة "الأخبار"؛ لمحاولة الوقوف على طبيعة التسريبات التي تم الاستناد إليها، وقد تمّ رصد 23 مادة صحفية غير واضحة من حيث الشكل الصحفي، كما اعتمدت أسلوب تقديم الآراء على أنها معلومات، وبالتالي أخبار، من أصل 67 مادة حول الشأن الأردني، فكانت بعض هذه الملاحظات:

 

جاءت مادة صحافية تحت عنوان "عبد الله يبحث عن مظلّة إقليمية قبل موعد المنامة"، وهي المادة المنشورة في صحيفة عربية، وكان فيها تغوّل أكبر للرأي، وإصدار للأحكام المستندة للآراء، من قبيل أن المملكة تمرّ في "عزلة"، وأنها "المملكة الأضعف"، وأنها "وحيدة ومُغيّبة"، لكن سرعان ما لجأت كاتبة المادة، لإسناد هذه الآراء لـ "مصادر مطّلعة".

 

بالعودة للوراء قليلاً، يتّضح أنها ليست المرة الأولى التي تذهب فيها هذه الكاتبة لتصدير رأيها وتحليلاتها حول الأردن، كما لو كانت حقائق ومعلومات. بالاطّلاع على بضع مقالات كانت قد كتبتها سابقاً، وحملت عناوين مثل "كوشنر في عمّان: استقبال بارد وقصير" و"تغييرات الحاشية والمخابرات: عبدالله يخشى بطانته!" و"عمّان على هامش الاهتمامات الأميركية" و"بين الأردن وإسرائيل... تهريب أسلحة أم مناكفات؟" و"همّ الوصاية يؤرّق الأردن... فوق همّ اللاجئين"، لا يبدو في كتابات ريم رضا تواضُع مَن يحاول إسباغ صفة "خبير" على ذاته، فهي من تُصدّر رؤاها دونما نسبة لمصدر أو معلومات أو شيء واضح، فتقول في مستهلّ مادة "على رغم أن خطواته لا تزال محصورة إلى الآن في إطار الكياسة الدبلوماسية، إلا أن العرش الأردني يعيش قلقاً حقيقياً من إمكانية انتزاع الوصاية الممنوحة له على الأماكن المقدسة، التي يستند إليها في التنظير لشرعيته".

 

في المقالة ذاتها، يبرز نوع من الاطّلاع على تفاصيل الشأن الأردني، لكنه ليس اطّلاعاً مقروناً بمهنية في الطرح، بقدر ما يعتمد في المقام الرئيس على التحليلات والرؤى الشخصية، التي لا تستند حتى لمقطع في مقابلة تلفزيونية أو مادة صحافية لمسؤول ما أو لمختص أو خبير يعزّز هذه المعرفة ويؤكدها أو ينفيها، كما في قولها "ما بين طموح فلسطينيين محسوبين على مراكز قوى فلسطينية موجودة في دول خليجية، وما بين هاجس الشرق أردنيين من خروجهم من المولد بلا حمص، لن تجد مؤسسة العرش قاعدة شعبية ستنبري لحماية وجودها، وهي غريبة عن هذه الأرض ولا صفة شرعية لحكمها".

 

الفرضية الآنفة التي يذهب إليها "أكيد"، وهي الاطّلاع المستفيض من كاتبة المادة على تفاصيل بالغة الدقة في الشأن الأردني، وفي ظلّ عدم توفر معلومات عن كاتبة المادة، حتى لدى زملاء تم سؤالهم في جريدة "الأخبار"، إلى جانب غياب أي معلومات عن الكاتبة عبر محرّك البحث، فإن التصوّر المبدئي هو أن هذه الشخصية المدعوّة ريم رضا ليست سوى كاتب من عمّان أو لبنان، ويوظّف هذه الرؤى نحو مصلحة سياسية ما، ولعل الخطأ المهني  يكمن في تداول مثل هذه المقالات دونما الإشارة لكونها مقالات رأي فحسب، بل التعامل معها كمصدر موثوق ومسلّم به للمعلومات، رغم كونها تفتقر حتى للأرضية المعلوماتية الصلبة التي بالوسع الوقوف عليها واعتمادها بثقة.

 

الجزئية هذه تحيلنا لسؤال أكبر عن التسريبات، التي يستغلّها صحافيون وكُتّاب للبناء عليها بما لا يتوافق مع المهنية دوماً، سواءً عند الكتابة والنشر أو التداول لاحقاً على لسان وسائل إعلامية، تنسى في مرات كثيرة الإشارة لمصدر المادة، فتظهر كما لو كانت خبراً ويجري تداولها على محمل الحقائق وليس التحليلات.

 

وحول ورشة البحرين المزمعة، جاءت مادة بعنوان "مصدر أردني يوضح الموقف من ورشة البحرين"، وقد استندت المادة (غير الواضحة من حيث الجنس الصحفي) برمّتها لتصريح من اصطلحت عليه "مصدر أردني رسمي رفيع المستوى"، وفي موضع آخر "المصدر الحكومي الذي طلب عدم الكشف عن هويته"، ومن ثم تمّ البناء على هذا التصريح، الذي تحدّث عن عدم إبلاغ الأردن موقفها من حضور ورشة البحرين، بعكس ما تناقلته وكالة "رويترز" عن البيت الأبيض.

 

وفي هذا السياق، لا يظهر هناك أي تبرير لإخفاء هوية المصدر؛ إذ إن تصريحه يصبّ في خانة المطالب الشعبية بعدم المشاركة، كما أن استقاء التصريح من مصدر حكومي يعني أن من أدلى به شخص مخوّل على مستوى أو آخر التصريح بهذا، وعليه فإن المصادر المُجهّلة تبدو كما لو كانت حُمّى مستشرية حالياً؛ في سبيل منح المواد الصحافية مزيداً من عنصر الإثارة.

 

وقد استند الموقع ذاته لتسريبات ورَدَت عن الأردن في صحيفة كويتية، بعنوان "صحيفة كويتية تتحدث عن مخطط خطير ضد الأردن.. تفاصيل"، ليتضّح أن الصحيفة الكويتية استندت هي الأخرى لتسريبات غير واضحة المصدر "نقلت الصحيفة عن مصادر أمنية وسياسية قالت إنها موثوقة لكنها لم تسمّها"، ما يُكرّس من النتيجة الآنفة، وهي أن هذه التسريبات باتت دجاجة تبيض مواداً صحافية كل حين، من دون جهد صحفي يُذكَر في التحقّق منها أو حتى محاولة استطلاع آراء رسمية حولها.

 

وقد استندت مقالات في صحيفة عربية لتصريحات غير منسوبة لمصدر، وتمّ بناء الموقف عليها، رغم كونها محض تسريبات ولم يصدر بشأنها تصريح أردني رسمي بعد، كمثل ما جاء في مادة  عن كون اليسار الأردني بصدد التظاهر ضد صفقة القرن، مستندة لما أسمته "مصادر في وزارة الداخلية الأردنية"، وما كرّس من عدم المهنية هو سوق تصريحات على لسان "قوى التحالف بين اليسار والقوميين في الأردن" و"نشطاء من التيارات الشبابية اليسارية" و"مديرية الأمن العام" من دون ذِكر مصدر هذه التصريحات ومكان نشرها وتاريخه، ما يجعل المادة برمّتها تجافي المهنية ولا يمكن الاستناد لأي معلومة واردة فيها كمعلومة موثوقة، رغم كون إجراءات وزارة الداخلية، كما تزعم المادة، معمّمة على الحُكّام الإداريين، وبالتالي كان يمكن الوصول لنصّ أو كتاب يُعزّز من هذه التسريبات أو ينفيها.

 

ولا تبدو الصحف العالمية بمنأى في مرات عن مثل هذه المخالفات؛ إذ جاءت مادة صحافية تحت عنوان "صحيفة: الأردن يتخلّى عن الرياض وواشنطن ويتطلّع نحو الدوحة وأنقرة"، وهي المادة التي أعاد نقلها موقع محلي، مستنداً لمادة منشورة في صحيفة "تايمز" البريطانية، والتي بدورها تناقلت ما وردَ فيها من معلومات على لسان من اصطلحت عليهم "مسؤولون أردنيون".

 

وقد اعتمدت الـ "تايمز" مصدراً مجهولاً في مزيد من التصريحات المتعلقة بالشأن الأردني، والواردة في المادة، من قبيل "علاقاتنا تتوقف على مصالحنا، وليس لدى الأردن أي خلاف مع تركيا أو قطر أو حتى إيران، والمسافة بيننا تتوقف على المكاسب التي نحققها"، كما حاولَ كاتب التقرير البرهنة على ما ذَهَبَ إليه من خلال استذكار اللقاء الذي جمعَ بين الملك عبدالله الثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إبّان "حرب التصريحات" المتبادلة بين كل من أنقرة والرياض على خلفية مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، وتلك الرسالة المتعلقة باستعراض العلاقات الثنائية بين الأردن وقطر.

 

وبالنظر للمادة الآنفة، يتضّح حجم التحليل والنقل عن مصدر مجهول، في الوصول لنتيجة مفصلية سياسياً وهي تغيير الحلفاء، ولربما كانت ستبقى في إطار الرؤى الشخصية، وهذا متاح في مقالة الرأي، لولا أنه قد تمّ التعامل مع ما فيها كما لو كان خبراً، وبعناوين حملت معها صيغة الجزم .

 

التسريبات أداة مهنية

 

استطلع "أكيد" آراء إعلاميّين حول الرسائل التي يمرّرها الساسة عبر الإعلام، وحول التعامل المهنيّ الأمثل مع هذه الرسائل التي قد تؤخَذ على محمل "الخبر" وليس الرأي والتسريبات، ما يحيد بالإعلام عن جادة الصواب، فكان التالي:

 

يرى طاهر العدوان، وزير الدولة لشؤون الإعلام سابقاً، ورئيس تحرير صحيفة "المقر" الإلكترونية، أنّ الرسائل والتسريبات التي تصل الإعلام الأردني "تستهدف الداخل وليس الخارج"، متسائلاً "نرسل رسائل لمن؟ الموقف السياسيّ هو الذي يتحدّث وليس التسريبات التي لا تتجاوز حدودها كتابة مقالة".

 

ولا يرى العدوان أنّ في تلويح الأردن بخياراته أو قراراته عبر الصحافة طائلاً ما؛ مُعللاً هذا بالقول "لا قنوات إعلاميّة مفتوحة مع الصحافيّين الحقيقيّين والكُتّاب الجيّدين، بل تُغلَق الأبواب في وجوههم. ولا نقاش علنيّ لدينا بين الحكومة والمعارضة؛ ليستمدّ منه الإعلام مادّة دسمة مستندة لمعلومات وأرقام وتواريخ. وبالتالي، لا يتجاوز دور هذه التسريبات أكثر من كونها بالون اختبار".  

 

يقول العدوان إنّ "الرسالة الأهم والتي ستصل حتماً هي اتخاذ موقف رافض قطعاً وصراحة لما يُحاك للأردن وفلسطين تحت مسمّى صفقة القرن. ويكون هذا من خلال التصريح بالرفض القطعي للصفقة، وأن يُقال الرفض علانية لمبدأ الصفقة وفحواها ككلّ، وجميع ما يتعلّق بها من تفاصيل، وليس لبنود منها فحسب، وهو الرفض الذي لا بد أن يكون رسميّاً وشعبيّاً في آن".

 

 

ويُعلّق الكاتب الصحافي مالك العثامنة على ما سبق بقوله "أعتقد أنّ التسريبات هي إحدى أدوات قياس الرأي المعتمدة في الدول التي تعاني من ضعف حزبيّ ومؤسّسي ".

 

ويستشهد العثامنة بموقف شخصي حدثَ معه حين دُعِيَ في فبراير الماضي للقاء مع جلالة الملك، وطُلِب من الصحافيين آنذاك أن يبقى كل شيء "أوف ذا ريكورد" أي "ليس للنشر". يقول "حديث الملك وقتها كان جديداً و خطيراً ويستحق النشر بمعايير الصحافة، لكن تم استخدام اللقاء كأداة مع الحضور وأغلبهم كُتّاب رأي؛ لنشر الأفكار وطرحها على طاولة النقاش".

 

ويستذكر العثامنة موقفاً مشابهاً في عالم السياسة والإعلام، بقوله "حين أرادت السعودية طرح مبادرة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز للسلام، حدث هذا عبر تسريبات كان أهمّها ما نشره الصحافي الأميركي الشهير توماس فريدمان، الذي سرّب المبادرة كمقترح في مقالة، ثم بعد قياس الرأي حيالها، تم إطلاق المبادرة بصيغتها الرسميّة".

 

يقول العثامنة إنّ الخطأ يكمن في إيصال التسريبات على لسان من هم ليسوا ثقة، ناعتاً هذا بـ "القياس الخاطئ للرأي"، مضيفاً "التقاط التسريبات بات عامل تغذية رئيس للدكاكين الإخباريّة، التي تلتقطها وتصنع منها خبراً مثيراً يستقطب القراءات لغايات ربحيّة لا علاقة لها بالرأي العام ومعايير الإعلام".

 

يقول الصحافي والمدرّب الإعلامي سعد حتر إنّ "الإعلامي قد يقع في فخّ الساسة إن هو التقطَ التسريب أو الخبر مجهول المصدر، واكتفى بدور الناقل دونما تدقيق في مدى الصحّة"، مذكّراً بأنه "لا بدّ من وجود مصدرين على الأقل في الخبر؛ لاعتماده مبدئيّاً، ويكون هذين المصدرين متقابلين، وإن لم يقتنع الصحافي فله أن يلجأ لمصدر ثالث من أهل الاختصاص".

 

وينوّه حتر لدور "ماكينة السوشال ميديا"، بقوله "ما عادت القنوات الإعلاميّة الرسميّة هي المصدر الوحيد لاستقاء المعلومة، بل السوشال ميديا، ما يعني أنّ التسريب الإعلاميّ الذي لا يصل السوشال ميديا سيموت في أرضه ولن يتحقّق الهدف المرجو منه".

 

يوصي حتر في هذا السياق بـ "ضرورة مساومة السياسي عند تسريب معلومة ما، من خلال إقناعه بضرورة الإفصاح عن هويّته وتدعيم قوله بما يثبته من دلائل"، مضيفاً "كما لا بدّ من التدقيق في مدى صحّة التسريب، من خلال التحقّق واستطلاع آراء المصادر المختصّة وعدم الاكتفاء بدور الناقل فحسب؛ إذ ليس هذا هو الدور المنوط بالإعلام".

 

تاريخ التسريبات ومعاييرها المهنية

 

ارتبط ظهور التسريبات بتاريخ الصحافة المهنية وبمقاومة الصحافة للسريّة الرسمية في العالم وبرغبة الحكومات أحيانا تقديم معلومات بشكل غير رسمي، منذ تسريبات الصحافة البريطانية في منتصف القرن الثامن عشر، مروراً بتسريبات أوراق البنتاغون في العام 1971، وقضية "ووترغيت" في العام 1972، وصولاً إلى تسريبات ملفات المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، التي بثتها قناة الجزيرة في مطلع العام 2011، لتتضح أثمان السريّة والكتمان التي تدفعها المجتمعات، وليبرز المعيار المهني الأهم في هذه التسريبات وهو: الاستناد لمعلومات وليس آراء.

 

ومن الأمثلة التاريخية لأهم التسريبات في تاريخ الصحافة القائمة على المعلومات قضية "أوراق البنتاغون" التي كشفت التاريخ السري لحرب فيتنام، والتي تُعدّ من بين الأشهر في تاريخ تسريبات الصحافة، ففي العام 1967 أمر وزير الدفاع روبرت مكنمارا إجراء تقييم كامل عن كيفية تورّط الولايات المتحدة في الحرب الفيتنامية، وقد قام فريق من الباحثين من 36 شخصاً بتجميع تقرير استغرق أكثر من عام، ووصل 47 جزءاً يحتوي على 4000 صفحة من الأدلة الموثقة و3000 صفحة تحتوي على تحليلات. وقد قام دانيال البيسرغ، أحد الخبراء الاقتصاديين السابقين في وزارة الدفاع ممّن عانوا خيبة أمل من الحرب، بتسريب جزء كبير من الدراسة إلى الصحافة، وفي الثالث عشر من حزيران 1971  بدأت نيويورك تايمز بنشر الأوراق. وأقامت وزارة العدل قضية وكسبت أمر وقف قضائي مؤقت ضد الصحيفة، وعندها قامت الـ "واشنطن جلوب" باستلام زمام النشر، لتثبت مناقشة المحكمة والنقاشات العامة التي أثارتها القضية أن وصول أوراق البنتاغون إلى الصحافة من أجل إعلام العامة بما سُمّي "ازدواجية الحكومة الأميركية" فيما يتعلق بالحرب الفيتنامية، لم يتجاوز جانباً من إثبات حقّ الشعب بالاطّلاع على ما تفعله الحكومة، وأن الصحافة قامت بوظيفتها كنائب عن الرأي العام.

 

ورغم أن وسائل الإعلام العالمية تستخدم المصادر المجهولة ضمن ضوابط محددة، إلا أنها تحرص على عدم التوسّع في ذلك حفاظا على مصداقيتها، وتلجأ عادة إلى مصادر أخرى لتأكيد المعلومة.

 

وتفضّل العديد من المؤسسات الدولية والصحف الاستعانة بالمصادر المعلومة غير المجهولة؛ وذلك لكون المصادر التي تُفصح عن اسمها تسبغ مصداقية على الموضوع؛ فهي أشبه بالشهود، كما أنها  على الأرجح ستقول الحقيقة ولا يُرجّح أن تغيّر أقوالها، ويُنظَر حينها إلى الصحفي على أنه مهنيّ، أي ينقل ما يحدث وما يراه الآخرون ويقولونه, وللقراء حينها مُطلق الحرية في تصديق ما يقوله المصدر، استناداً إلى سمعة ذاك الشخص أو منصبه. في ما يلي رابط لمقابلة صحفية للمحرر التنفيذي في النيويورك تايمز بهذا الخصوص.