أكيد – رشا سلامة
لم يكد فيديو بُثَّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك على وجه التحديد) ينتشر بشكل لافت من بعد منتصف ليل الجمعة 14 حزيران 2019، حتى بات مقروناً بعبارة تهيب بالمواطنين أن يسارعوا لنشره؛ لمساعدة وحدة حماية الأسرة على الوصول للمُعنِّف ومن تعرّض للتعنيف.
يظهر في الفيديو المتداول، طفل يستقلّ مركبة إلى جانب رجل يقوم بتعنيفه جسدياً ونفسياً، فيما لم يفطن المتداولون للأثر الاجتماعي الذي سيخلّفه نشر اللقطات على نفسية الطفل، الذي ستلازمه الحادثة وتبعاتها الاجتماعية لأعوام طوال.
في الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل الدور الذي لعبته منصّات التواصل الاجتماعي، وتحديداً الفيسبوك، في التعرّف على هوية المُعنِّف ومن تعرّض للتعنيف، وتشكيل قوة ضغط عالية للوصول إليهما واتخاذ الإجراءات القانونية.
هنا، برزت النقطة الجدلية في هذه الحادثة، والتي يعبّر عنها السؤال التالي: ما هي الطريقة المهنية المُثلى للتعاطي مع هذه الحالة، وبمنهجية تضمن حماية خصوصية الطفل ودرء الأذى النفسي والاجتماعي عنه، وفي الوقت ذاته استخدام منصات التواصل الاجتماعي لتحقيق الصالح العام ومساعدة الجهات المختصة على القيام بدورها؟
حين تتصارع مصلحتان
يقول المختصّ بالتشريعات الإعلاميّة يحيى شقير "حين تتصارع مصلحتان، يُقدّم القانون واحدة على الأخرى. وفي هذه الحالة: تصارعت مصلحة خصوصية الطفل مع المصلحة العامة التي تقضي بكشف الجريمة. لذا، تُغلّب المصلحة العامة على الخاصة؛ لأجل درء خطر أكبر".
يستدرك شقير "صحيح أن نشر الفيديو وتوثيق حادثة الاعتداء قد يؤثر على نفسية الطفل، لكن لولا نشر الفيديو لما تحرّكت النيابة. وهكذا يتبين أن النشر كان توثيقاً لجريمة ومن أجل مصلحة المجتمع وحقّق الردع الخاص بعدم تكرار العنف ضد الطفل، والردع العام بعدم تعرّض أي طفل لعمل مشابه".
جريمتان
يقول أستاذ التشريعات والأخلاقيّات الصحفيّة في معهد الإعلام الأردني الدكتور صخر الخصاونة إن الأمر انطوى على جريمتين "تعذيب طفل واضطهاده، وتصوير فعل الجريمة"، مردفاً "كما أن التبرير الذي قدّمته عشيرة الطفل ينطوي على مخالفة قانونية كذلك، وهو أن الأم سمحت بهذا".
يقول الخصاونة " ثمة استثناءات في عدم جواز النشر، منها أن يُساعد النشر على كشف الجريمة؛ إذ لو بقي الأمر طيّ الكتمان، فلربما كان الطفل سيواجه مزيداً من الاضطهاد والتعذيب".
تغطيات صحافية معمّقة
كانت الصحافية المختصة بتغطية شؤون الطفل رنا حداد قد تحدّثت لـ "أكيد" في وقت سابق عن عدم وجود متابعات إخبارية وافية لقضايا الطفل. أوضحت في حينها بِقول "ننقل الخبر في العادة، لكننا لا نحاول البحث عن السبب ولا حتى السؤال عن الخلفية العائلية والاجتماعية للطفل".
وارتأت حداد آنذاك أنه لا بد من إرفاق هذه الخلفيات الضرورية للخبر؛ "لمحاولة الوقوف على الأسباب وتحاشي تكرار الحالة لدى أطفال آخرين"، مستدركة أن الصحافي يحاول هذا في مرات كثيرة، لكنه يُصدم بتعنّت بعض المسؤولين والمختصين الذين يتهمونه بـ "محاولة خلق ظاهرة في المجتمع، رغم كونها محض حالات فردية".
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2024 جميع الحقوق محفوظة Akeed