عمّان 29 كانون الأول (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- تصدّر الحديث عن الأحزاب السياسية مُجددًا عقب انعقاد الملتقى الإعلامي الشهري لمعهد الإعلام الأردني، والذي جاء بعنوان "تحديث المنظومة: بانوراما سياسية لعام 2024"، حيث استحوذت تصريحات رئيس اللجنة الملكية للتحديث السياسي سمير الرفاعي على اهتمام واسع من وسائل الإعلام المحليّة والخارجيّة، في ظل أول تجربة انتخابية تُخصص 30 بالمئة من مقاعد مجلس النواب للأحزاب ضمن نظام القائمة النسبية المغلقة في دائرة عامة واحدة على مستوى المملكة.[1]
انتقد الرفاعي بعض البرامج الحزبية بسبب غياب الحلول العملية للتحديات الوطنية الكبرى، معتبرًا أن الشعارات وحدها لا تكفي لاستعادة الثقة الشعبية. كما تناول ضُعف البنية الداخلية للأحزاب، مشيرًا إلى تأثيرها السلبي على الحوكمة، وعلى تراجع الثقة بين القيادات والقواعد الحزبية. وأكد أيضًا على ضعف ثقة الشارع بالأحزاب، حيث أظهرت الأرقام أن نحو 260 ألف ناخب اختاروا عدم التصويت لها.
وفيما يتعلق بالنتائج البرلمانية، أوضح الرفاعي أنها لا تعكس بالضرورة قوة الأحزاب، مشددًا على أن هذه التجربة تمثل خطوة يمكن البناء عليها لتطوير الأداء الحزبي مستقبلًا.
دور الإعلام السياسي
أبرزت التصريحات النقدية التي طالت التجربة الانتخابية الحزبية الجديدة في الأردن دور الإعلام السياسي كأداة محورية في تشكيل الرأي العام، والذي لا يقتصر على نقل التصريحات فحسب، بل يتطلب معالجة متوازنة تتسم بالعمق والموضوعية .
انطلاقًا من ذلك، تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التغطيات المصاحبة لتصريحات الرفاعي، وقام بتحليل ما يقارب 40 مادة صحفية بهدف معرفة حجم واتجاهات التغطية الإعلامية.
وجاء في نتيجة الرصد تنوع في أساليب التغطية الإعلامية، حيث اشتمل قسم منها على تقارير اتّسمت بالنقل الخبري السريع للأحداث، وقسم آخر تميّز بالتحليل العميق. فالتقارير الإخبارية استحوذت على النصيب الأكبر من المواد المرصودة، بما نسبته 67.6 بالمئة، وأخذت بمنهح نقل التصريحات بأسلوب مباشر، مع التركيز على الجوانب الإيجابية مثل ضرورة تحديث البرامج الحزبية، وإعادة بناء الثقة بين الأحزاب والشارع، مع ملاحظة أن التقارير الأخبارية غالبًا ما تقتصر على سرد الأحداث دون التعمق في التحليل. [2]
أما التقارير المعمقة، فقد شكّلت 13.5 بالمئة من التغطية، وتميّزت بتناولها التصريحات من زاوية نقدية ومعمقة، مركزةً على التحديات الجوهرية التي تواجه الأحزاب، كما استعانت بعض التقارير بمصادر إضافية، وقارنت التجربة الأردنية بتجارب دولية، ما أضاف للطرح شمولًا وتوازنًا.[3]
وسلّط كتّاب ومحلّلون سياسيون الضوء على الحدث من خلال مقالات تعبر عن أراء كتابها، تناولت أبعاد التحديات وسبل الإصلاح. ويُعدّ هذا النوع من المعالجة وسيلة فعالة لإثراء الحوار السياسي عبر تقديم وجهات نظر متعددة وتحليلات معمقة، وقد حصلت مقالات الرأي على نسبة 13.5 بالمئة من التغطية الإعلامية المصاحبة لتصريحات الرفاعي.[4]
لم تقتصر التغطيات على الإعلام المحلي، بل امتدت إلى وسائل إعلام خارجية، وشكّلت ما نسبته 5.4 بالمئة من التغطية لهذا الملف، حيث عدّت التجربة الانتخابية الحزبية خطوة مهمة في تطور الحياة السياسية في المنطقة. كما أبرزت التغطيات الخارجية أبعاد التجربة الأردنية كنموذج يُحتذى به.[5] [6]
دلالات الحراك الإعلامي الناتج عن الملتقى:
تشير حجم التغطية الإعلامية إلى أهمية القضية المطروحة وتأثيرها على المشهد السياسي الأردني، وقد أبرز ذلك عددًا من الجوانب منها:
أولًا: أصبحت قضية الأحزاب في صُلب الاهتمام السياسي، مع دعوات متزايدة لإصلاح شامل.
ثانيًا: زيادة وعي الجمهور لأهمية تطوير الأداء الحزبي ليتحمّل مسؤولياته السياسية.
ثالثًا: النظر إلى الإصلاح السياسي في الأردن كنموذج ملهم لدول أخرى.
رابعًا: ارتقاء دور معهد الإعلام الأردني في تعزيز الحوار السياسي من خلال أنشطة ملتقاه الشهري في مناقشة القضايا الوطنية بعمق وموضوعية.
ختامًا، يشير (أكيد) إلى أن التغطية الإعلامية المصاحبة لتصريحات الرفاعي متنوعة في الأساليب والمضامين، وقد أظهرت توازنًا نسبيًا بين النقل السريع للأخبار والتحليل المعمّق، حيث قدّمت التقارير الإخبارية إطارًا عامًا للأحداث، بينما أضافت التقارير المعمقة ومقالات الرأي بُعدًا تحليليًا يعمّق فهم الجمهور لأبعاد القضايا المطروحة، الأمر الذي يعكس أهمية مواصلة الإعلام السياسي لدوره الفاعل في مناقشة القضايا الوطنية، والإسهام في دعم مسيرة الإصلاح في البلاد.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني