اليوم العالمي للطفل... مخالفات لوسائل إعلام في تغطية الجرائم بحق الأطفال

اليوم العالمي للطفل... مخالفات لوسائل إعلام في تغطية الجرائم بحق الأطفال

  • 2017-11-19
  • 12

 

أكيد - آية الخوالدة

بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يصادف العشرين من تشرين الثاني من كل عام، وهو تاريخ إعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل عام 1959 ولاتفاقية حقوق الطفل في عام 1989، رصد "أكيد" تعامل وسائل الإعلام وتغطياتها للجرائم التي وقعت بحق الأطفال العام الحالي 2017.

وبلغ مجموع الأطفال الذين وقعوا ضحايا 8 جرائم قتل أرتكبت العام الحالي، 10 أطفال، فبحسب تقرير أصدرته جمعية معهد تضامن النساء الأردني، بلغ عدد ضحايا جرائم القتل الأسرية 23 منهم 7 أطفال في 10 أشهر من 2017، بالإضافة إلى مقتل ثلاثة أطفال في جرائم إرتكبها جناة من خارج نطاق الأسرة.

وخالفت وسائل إعلام معايير مهنية وأخلاقية في تغطياتها لجرائم وقعت بحق الأطفال منذ بداية العام الحالي، وتركزت المخالفات في تغطية الجرائم التي كان أحد أطرافها (الضحية أو الجاني) غير أردني أو كان الجاني من خارج الأسرة.

وتوزعت تلك المخالفات بين نشر معلومات غير دقيقة وصور الضحايا من الأطفال وصور وأسماء الجناة، إضافة الى نشر معلومات متناقضة حول ذات الجريمة دون الرجوع الى المصادر.

 والتزمت وسائل إعلام في تغطيتها للجرائم التي أرتكبت داخل نطاق العائلة (الجناة كانوا أحد الأقارب)، فلم تقدم معلومات ليست ذو قيمة إخبارية وتؤثر على مجرى سير العدالة، كما لم تنشر صورا للضحايا أو الجناة.

جرائم داخل الأسرة

* التزمت وسائل الإعلام بنشر خبر صامت (وقوع الجريمة) حول وفاة سيدة وطفليها "3 سنوات و9 سنوات" متأثرين بحروق تعرضوا لها من الدرجة الأولى في حريق منزل بمنطقة القويسمة في العاصمة عمّان، بعد إضرام النار بمنزلهم عمدا من قبل زوجة شقيق زوج المغدورة وبالاشتراك مع ابنتيها العشرينيات.

* مواطن يقتل ابنته "6 أعوام" رميا بالرصاص وينتحر في منطقة النزهة، وبهذا الشأن نشرت الوسائل الإعلامية خبرا صامتا، شمل المعلومات الأساسية حول هذه الجريمة وبدء التحقيقات.

* الأمر ذاته فيما يتعلق بجريمة قام فيها شخص من ذوي الأسبقيات بقتل شقيقته الستينية وحفيدها "عامين" طعنا وأصاب زوجة ابنها بجراح خطرة بمنطقة الموقر جنوبي عمان، حيث نشرت الوسائل الإعلامية رواية الأمن العام، بينما نشر أحد المواقع صورا للجاني حين ألقي القبض عليه، مع تغطية وجهه.

* أبدت الوسائل الإعلامية اهتماما كبيرا بمقتل أم وطفليها على يد زوجها في الرمثا، حيث أقدم الأخير على قتلهم طعنا بواسطة سكين، قبل أن يسلم نفسه إلى الأجهزة الأمنية، وفي هذا الشأن لم ترتكب الوسائل الإعلامية مخالفات في تغطيتها، انما تناقضت حول خبر وفاة الطفلة الثالثة التي وصلت المستشفى في حالة حرجة وما لبثت أن تحسنت صحتها.

* الجريمة الخامسة ذهب ضحيتها الطفل قصي والبالغ 14 عاما، حيث قتله والده صعقا بالكهرباء، حينما حاول تأديبه ومعاقبته على أمر ما، وتابعت الوسائل الإعلامية حيثيات القضية، حيث نشرت الخبر الصامت واتبعته بعض التفاصيل وخاصة تبرير القاتل لهذا الفعل، ونشرت العديد منها صورا للطفل قبل وفاته.

الجناة من خارج الأسرة

وحول بالجرائم التي حصل فيها اعتداء جنسي على الأطفال ثم قتلهم، فقد حصلت مرتين هذا العام وكان الجاني من خارج إطار العائلة، حيث وقعت الجريمة الأولى بحق طفل سوري في جبل النزهة يبلغ من العمر سبع سنوات على يد جار العائلة.

 وفي هذه القضية ارتكبت الوسائل الإعلامية جملة من المخالفات، تمثلت بنشر صورة لطفل لبناني توفي عام 2014 على أنها تخص الطفل السوري الذي توفي في الأردن، ووسائل إعلامية أخرى تداولت صورا غير صحيحة للقاتل، ونشروا اسما له من مقطعين، كما أجرى بعضهم مقابلات مع أهل الضحية الذين قدموا معلومات مهمة تدخل في صلب التحقيقات، وغيرها العديد من المخالفات التي رصدها "أكيد" في تقرير سابق.

وركزت المواقع في عناوينها ومتن أخبارها على جنسية الطفل (سوري)، الأمر الذي يمكن أن يوجه المتابع الى إمكانية ربط دوافع الجريمة بجنسية الطفل، ليتبين أن الجريمة جنائية وليس لها أي بعد آخر.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورا على أنها للقاتل والطفل المغدور، وكان واضحا أنها منسوخة من أحد الحسابات الشخصية على الفيسبوك، والتزمت الوسائل الإعلامية بعدم نشرها باستثناء موقع اخباري نشر الصورتين معا، خصوصا بعد صدور بيان الأمن العام الذي ينفي صحة صورة القاتل المتداولة، ويتوعد بملاحقة من ينشروها من خلال وحدة الجرائم الإلكترونية في البحث الجنائي واتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم.

وفيما يخص جريمة الاعتداء الجنسي على طفل في الثامنة من عمره في سحاب، حيث وجد مخنوقا داخل بركة مائية في منشار للحجر في شرق العاصمة من قبل أحد عمال المصانع القريبة، وقعت الوسائل الإعلامية في خطأ التركيز على جنسية المشتبه به سواء تصريحا أو تلميحا، وهي ممارسة لا تعكس أي قيمة إخبارية، وتُساهم في نبذ العمال وتكوين صورة نمطية سلبية عنهم، وقدم مرصد "أكيد" تقريرا سابقا حول ذلك.

الأمر نفسه يتعلق في جريمة قتل خادمة لطفل في إربد، حيث ركزت الوسائل الإعلامية على ذكر جنسية العاملة وتناقضت في هذا الأمر، كما أطلقت أحكاما على أفراد الأسرة وبالغت في تهويل الجريمة بعناوين مثيرة للجدل وللرأي العام، وسبق لـ "أكيد" أن قدم تقريرا بهذه المخالفات.

 وتقول الصحفية نادين النمري وهي متخصصة في قضايا الطفولة، "أن هناك تمييزا واضحا في تعامل وسائل الاعلام مع جنسية الاطفال الضحايا، حيث حمًلت الوسائل الإعلامية أهل الطفل السوري المسؤولية، بينما لم تقم بذلك في حالة الطفل الأردني الذي قتل في سحاب، علما بأنه يعيش خارج منزله ضمن ظروف عائلة مفككة".

وتضيف النمري في حديثها مع "أكيد"، "انتهكت العديد من الوسائل الإعلامية خصوصية أهل الطفل السوري بنقلها لأحداث الجنازة صوت وصورة ولحظة ضعف العائلة في توديعها الأخير لطفلها، فيما لو كان الطفل أردني لن تتمكن من القيام بمثل هذه المجازفة، خوفا من ردة فعل الأهل ومساءلتهم القانونية".

وتابعت "أما فيما يخص أن الجناة غير أردنيين (وافدون)، تعمدت بعض الوسائل الإعلامية في تغطيتها، أن تظهر أن مثل هذه الجرائم غريبة على مجتمعنا ولا يرتكبها مواطن أردني، بالرغم من أن قاتل الطفل السوري أردني، وأن الست جرائم التي حدثت هذا العام ضد الأطفال ارتكبها أردنيون" .

وطمعا في تحقيق أعلى القراءات، تسعى الوسائل الإعلامية وبالأخص المواقع الالكترونية الى إيراد عناوين مثيرة - بحسب النمري - مثل "تفاصيل تكشف لأول مرة"، بالإضافة الى تسابقهم لنشر الصور والفيديوهات وإجراء مقابلات مع أهل الضحايا.

وتلتفت النمري الانتباه إلى ضرورة أن تولي الوسائل الإعلامية اهتماما أكبر بجوهر هذه القضايا، ومنها أن تلقي الضوء على ضحايا التفكك الأسري، ومدى اهتمام الجهات المسؤولة بالتحقق من قدرة عاملات المنازل على التعامل مع الأطفال وكبار السن، بالإضافة إلى الدور التوعوي في حماية الأطفال من التحرش الجنسي أو بالأصح من الاشخاص المصابين بمرض "عشق الأطفال".

وأشارت النمري في حديثها الى أمرين هامين، الأول أن يلتفت الصحفيون إلى حساسية تغطية هذه الجرائم التي تقع على فئة ضعيفة وتنعكس بصورة صعبة على الأهالي. والأمر الثاني أن لا تعتمد كل ما يقوله الجاني أمام المدعي العام من تبرير لفعلته، لما يعود ذلك من أثر سلبي على سر مجريات التحقيق والتأثير على الرأي العام. حيث على الصحفي أن ينقل الحدث، من دون التفاصيل الصغيرة التي لا تقدم أية قيمة إخبارية.

وعلى سبيل المثال، قضية الطفل الذي قتل في سحاب، حيث كان الأولى أن تكتفي المواقع الإخبارية بكلمة "حاول الاعتداء عليه جنسيا" بدلا من "الاغتصاب"، فتلك مصطلحات يهتم بها القضاء ولا حاجة لها في الإعلام.

ويذّكر مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) بالمادة 14 من ميثاق الشرف الصحافي في نصه على أنه "يلتزم الصحفيون بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الاساسية المتمثلة بالرعاية والحماية. ويراعون عدم مقابلة الاطفال أو التقاط صور لهم دون موافقة أولياء أمورهم أو المسؤولين عنهم"، ويبرز هنا تأكيد على ضرورة أخذ إذن ذوي الطفل قبل التصوير وبالتالي النشر.