نفوق سمك الكارب.. بداية متعثِّرة لتغطية الإعلام

نفوق سمك الكارب.. بداية متعثِّرة لتغطية الإعلام

  • 2022-05-23
  • 12

عمّان 23 أيَّار(أكيد)-تقرير: عُلا القارصلي- كاريكاتير: ناصر الجعفري

خالفت وسائل إعلام محلية عدَّة معايير مهنية تحكم عملها اليومي خلال قيامها بتغطية قضية رأي عام تمثلت بإصابة أسماك من نوع الكارب بمرض فطري تسبَّب بنفوقها، وأبرز هذه المخالفات كانت بداية التَّغطية، وتمثَّلت بعدم الدِّقة وعدم التَّوازن، وغياب الحياد، وإصدار أحكام دون دليل موثوق.

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام لهذه القضية المتعلِّقة بالأمن الغذائي، واستمر رصده أربعة أيّام، وشمل 40 وسيلة إعلامية، توزعت بين ست محطات تلفزيونية، وأربع صحف يومية مطبوعة، وخمس محطات إذاعية، و24 موقعًا إلكترونيًا إخباريًا. وتبين أنَّ هذه الوسائل اكتفت بداية تغطيتها بنقل سطحي دون عمق للمشكلة، وتهويل القضية، حيث قامت بعض الوسائل باستخدام عنوان: "نفوق جميع أسماك الكارب في وادي الأردن".

 ولاحظ (أكيد) بعد نشر سبب نفوق الأسماك، أن الوسائل اكتفت بنقل سبب النفوق بالإضافة إلى حجم الخسائر. وتحدثت قناتان تلفزيونيتان عن قلق وصولها إلى موائد الأردنيين، وقدّمت قناة تلفزيونية واحدة نصائح وإرشادات للمزارعين، وأشارت إلى عملية إتلاف الأسماك الميّتة.

وأجرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) اتصالاً هاتفيًا مع المهندس خليل عمرو مدير مديرية الإنتاج الحيواني بوزارة الزِّراعة للإجابة عن الأسئلة التي غابت عن وسائل الإعلام أثناء تغطيتها لموضوع نفوق الأسماك، حيث أشار إلى أنه لا يوجد تقييم رسمي للخسائر، لكنّها لا تشكل أكثر من خمسة إلى عشرة بالمئة.

وأضاف أنَّ المديرية زوّدت المزارعين بتوجيهات وبرنامجًا لعودة الوضع الطبيعي، أهمها زيادة معدل تبديل مياه البرك خصوصًا مياه القاع، وزيادة تدفق المياه، وزيادة التهوية، مثل البدالات الهوائية لزيادة الأكسجين في المياه، والقيام بعمليات التعقيم بمعقمات معروفة مثل رباعي الأمونيا؛ لتخفيف الإصابة. وفي حال استمرت الإصابة، لا بُدَّ من فرض الصَّوم على السمك لمدَّة ثلاثة أيام، وبعدها يجري تنزيل مضادات حيوية مع طعامها، والمضادات الحيوية موجودة ومتداولة لدى المزارعين، لكن لا يوجد أدوية فطرية، ولذا تم اللجوء للتعقيم عِوضًا عن الأدوية.

وأكد عمرو وجود كوادر إرشادية في الميدان تابعت عمليات الحرق، وفي حال تعذر الحرق، تُدفن بمواقع بعيدة عن البرك للتخلص من بؤر الإصابة، لأن وجود النفوقات في البرك وعدم التخلص منها يزيد عددها، ومن مصلحة المزارع التخلص منها.

أما في ما يتعلق بقضية تعويض المزارعين، أشار عمرو إلى وجود صندوق تعويضات للمخاطر الزراعية تابع لإدارة مستقلة عن الوزارة، ويقوم بدراسة كلِّ حالة بشكل منفصل، فإذا كان المسبب مرضًا طبيعيًا ووجود وباء، تتحمل أجهزة الدولة المسؤولية وتعمل على التعويض. لكن في مثل هذه الحالة، فالمرض كان بسبب أخطاء في إدارة المزارع وانخفاض جودة المياه، بالإضافة لظروف مناخية ساعدت في انتشار المرض، ولذلك يمكن دراسة الحالة إذا ما طلب المزارعون التعويض، لإقرار ما إذا كان الصندوق سيقدم تعويضًا أم لا.

ويرى (أكيد) من خلال المعايير التي يطبقها في تقييمه لأداء وسائل الإعلام، أنَّ هذه القضية التي تضمَّنت وقائع تمس بشكل مباشر بالاقتصاد الوطني والأمن الغذائي، لم تلقَ تغطية عميقة لكشف جوانب مهمة، ولأسئلة عديدة تبحث عن إجابة.

 ووجد (أكيد) بعد رصد التغطيات الخاصة بنفوق الأسماك أنَّ أبرز ما غاب عن الإعلام ما يلي:

 * ضَعف تقديم معلومات عن آليات إتلاف الأسماك النَّافقة، والتي يتمُّ اتباعها، وهل أُتلِفت فعلاً لأنَّ هذه المعلومة ستجعل الجمهور يتيقن من أنَّها لن تصل لموائدهم.

* نُدرة تقديم الإرشادات والنصائح للمزارعين من أجل تفادي الوقوع في مثل هذه المشكلة في المرات القادمة، خاصة انَّها تحمل خسائر مالية لهم، وقد لا يحصلون على تعويض، خاصة إن كان الإهمال هو السبب.

* لم تبتعد عدد من وسائل الإعلام عن استخدام عناوين تفتقر للدِّقة مثل: "نفوق جميع الأسماك".

 * عدم توضيح حجم الضَّرر -إن وجد- على الاقتصاد الوطني.

 * الإشارة إلى وجود صندوق تعويضات، لكنَّ على المزارع معرفة شروط التَّعويض، وما إذا كان هناك إهمال في التَّعامل مع الأسماك.

ويرى (أكيد) أنَّ جمهور المتلقين يحتاج إلى تكوين صورة شاملة وواضحة ومنطقية وواقعية بعيدًا عن قضية نفوق الأسماك، وهذه الصورة لن تصلهم إلا عن طريق الإعلام الذي ينقل وجهة الأطراف كافة، وينتقل إلى موقع الحادث وينقل صوتًا وصورة الحادثة، خاصة أنَّ هناك عدَّة جوانب تتعلق بمثل هذه القضية، أبرزها: غذاء السكان، الاقتصاد والاستثمار الوطني، واقتصاد المزارعين وتعويضهم.