أكيد – حسام العسال
حذرت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات مؤخراً من تداول لعبة الحوت الازرق (Blue Whale) الإلكترونية، قائلةً إنها "لعبة إنتحارية تعتمد على غسل دماغ المراهقين"، ويأتي التحذير بعد سلسلة حوادث إنتحار في عدة دول قيل بشكل غير موثق أن سببها لعبة الحوت الأزرق.
وأضافت الهيئة أن "اللعبة تطلب من مستخدميها تنفيذ مهام غريبة كمشاهدة أفلام رعب والاستماع إلى موسيقى صاخبة والاستيقاظ في أوقات متأخرة من الليل وإيذاء النفس، وصولاً إلى الإنتحار".
وسائل الإعلام الأردنية تداولت خبر تحذير الهيئة، إضافة إلى نشرها للعديد من أخبار ضحايا الإنتحار المنسوب سببه إلى تنفيذ أوامر اللعبة، إذ تم تداول أخبار عن ضحايا للعبة في الجزائر والسعودية، ما اعتبره البعض سقوطا في باب الترويج لمثل هذه الالعاب المحظور تداولها.
وبدأت لعبة الحوت الأزرق في روسيا عام 2013، وتطلب اللعبة من مستخدميها تنفيذ العديد من المهام والتي تصل إلى 50 مهمة تنتهي بالطلب من المستخدم الإقدام على الانتحار، ويسبق ذلك مهام خطرة ومنها ما يحمل أذى جسديا ونفسيا للمستخدم.
وسائل الإعلام العالمية ضجت بأخبار اللعبة وتأثيراتها وضحاياها، ما دعاها لنشر العديد من المواد الصحافية عن اللعبة.
ووقعت العديد من وسائل الإعلام في العالم في فخ التهويل والمبالغة بتأثيرات اللعبة وعدد ضحاياها، فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة (Novaya Gazeta) الروسية المعروفة محلياً بتغطياتها الاستقصائية تقريراً عن انتحار 130 طفلاً في روسياً في الفترة بين تشرين الأول 2015 ونيسان 2016 متأثرين باشتراكهم بـ "مجموعات الموت" في منصة التواصل الاجتماعي الروسية فكونتاكتي (vk.com) والتي شكلت مجموعاتها منطلقاً للعبة الحوت الأزرق.
في المقابل نشر موقع (Snopes) الأمريكي والمتخصص بالتقصي عن صحة الأخبار المنشورة على وسائل الإعلام تقريراً عن صحة التقرير الروسي توصل إلى أن المعلومات المذكورة هي غير دقيقة وغير مثبتة وأن العديد من حالات الانتحار الواقعة في تلك الفترة متصلة بأسباب أخرى.
المدير التنفيذي لشركة ميس الورد للألعاب الإلكترونية قال لـ (أكيد) "ليس باستطاعة أي جهة أن تُقنع شخصاً بالانتحار إلا إذا نصب له فخ".
وأضاف أن "اللعبة غير موجودة على متاجر التطبيقات الرسمية، ولا حتى في المنصات الموثقة للألعاب الإلكترونية، وإنما هي موجودة في ما يُسمى بالجانب المظلم من شبكة الانترنت، وبالتالي فإن المستخدم هو من يبحث عن تلك اللعبة، وهو من يبحث عن خوض تحديات اللعبة التي تتضمن إيذاء النفس".
ويرى خريس أن هذه النوعية من الألعاب "تثير وتُحفز الشخص وتجعل مستخدمها مدمناً على اللعبة".
ولا يعتقد الأخصائي التربوي والنفسي الدكتور يزن عبده في حديثه لمرصد (أكيد) أن هناك مبالغة في الحديث عن اللعبة ومخاطرها في وسائل الإعلام المحلية، وإنما هناك هو أمر واقعي، لكن الخطورة تكمن في انتشار الحديث عن اللعبة في وسائل الإعلام وبالتالي لفت الانتباه للعبة ثم تحفيز الرغبة بالتجربة والاستكشاف، وهنا من الممكن أن تقع وسائل الإعلام في فخ التسويق للعبة.
ويعتقد الدكتور يزن أن على وسائل الإعلام إظهار المشكلة وخطورتها عند اللزوم فقط، دون الحديث المسهب والمتكرر عنها، وهنا يرتكر الدكتور يزن على قاعدة "ثلاثة أرباع العقل التجاهل"، أي أنه عند تجاهل الحديث المسهب عن المشكلة فإنه من الممكن النجاة بعدد كبير من اليافعين المعرضين للوقوع في فخ اللعبة.
وحول اللعبة وانجذاب اليافعين لها يرى الدكتور يزن أن "المستخدم للعبة ينجذب إليها لأنها تحاكي رغبة اليافعين بالتحدي والمغامرة وخوض ما هو غريب، ورغبة اليافع في إثبات الذات وإثبات الرجولة لليافعين، وإظهار القوة لليافعات، بالإضافة للرغبة بمعرفة القادم والغيب عن طريق التسلسل بالخطوات والمهام".
ويضيف "أما السبب الأخطر هو استقالة الأهل من التربية، إذ أنه يوجد عامل مشترك وشائع في حالات الانتحار لليافعين هو غياب الأهل والأب والأم تحديداً عن التواصل الإيجابي مع أطفالهم، وهنا يحاول اليافعين الهروب من الواقع السلبي داخل البيت وخوض التحدي وإثبات الذات من خلال ممارسة تلك الألعاب".
أما عن كيفية تأثير اللعبة على المستخدم لها وإقناعه بتنفيذ المهام قال الدكتور يزن إن "الغموض أسلوب أساسي، والأمر الآخر هو إيذاء الذات إذ يوجد لدينا درجة ممتعة من إيذاء الذات"، مضيفاً إن "الفكرة الذكية والخطيرة للعبة أن المراحل تحتوي على ألم متدرج بشكل تصاعدي من مرحلة لمرحلة أعلى، وبالتالي هناك أشخاص قادرين على تحمل الألم والاستمتاع به، وهو الأمر الذي يستمر بالتصاعد مع تدرج المراحل".
أما بالنسبة لكيفية الإقناع بالانتحار يعتقد الدكتور يزن أنه "يتم بإقناعهم بالرغبة باستكشاف الحياة الجديدة واستكشاف ما يُمكن أن يكون ممتعاً بها".
ويرى مرصد (أكيد) أن وسائل الإعلام الأردنية تتعامل بشكل إيجابي حتى الآن مع قضية اللعبة، إذ أنها تنشر بعض القصص السلبية لها إضافة إلى تداول تحذير هيئة تنظيم قطاع الاتصالات من اللعبة، لكن على وسائل الإعلام عدم الانسياق وراء المبالغة التي تتم في دول أخرى وإنما إبقاء القضية في إطارها الطبيعي ودون تضخيم.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني