(الباقورة) في الإعلام بعد 24 عاما على إتفاقية السلام

(الباقورة) في الإعلام بعد 24 عاما على إتفاقية السلام

  • 2018-03-27
  • 12

أكيد - آية الخوالدة

تعود قضية تأجير أراض أردنية بمنطقة الباقورة في الأغوار الشمالية ومنطقة الغمر في وادي عربة لإسرائيل لمدة 25 عاما بموجب اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في تشرين أول 1994، الى واجهة الإعلام من جديد.

إبراز وسائل إعلام للقضية جاء مع قرب الموعد القانوني المحدد قبل عام من تاريخ إنتهاء مدة الإيجار (تشرين أول 2018) لإبلاغ رغبة أي طرف بعدم تجديد الإيجار لمدة مماثلة وهي 25 عاما تنتهي بتاريخ تشرين أول 2019.

 

وأسهم ما طرحه رئيس الوزراء الأسبق عبدالسلام المجالي خلال مقابلة تلفزيونية، من أن أراض في الباقورة هي أملاك اسرائيلية بموجب (طابو اربد)، في إثارة النقاش حول صحة هذه المعلومات خاصة وأنها صدرت عن المجالي الذي رأس الوفد الأردني لمحادثات السلام الأردنية الإسرائيلية أنذاك.

ونقلت تصريحات المجالي العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية، علما أنه صرح عام 2014 وخلال ندوة بجامعة العلوم التطبيقية، أن معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية منحت الإسرائيليين حقوق ملكية واستعمال في منطقتي الباقورة والغمر لمدة 25 سنة، وستعودان بعد انتهاء المدة للسيادة الأردنية الكاملة.

<iframe src='https://cdn.knightlab.com/libs/timeline3/latest/embed/index.html?source=1lHkHyqjJ_MfIz65RVJ451kMO2-9qwM8tbqG2l4lDH6E&font=Default&lang=en&initial_zoom=2&height=650' width='100%' height='650' webkitallowfullscreen mozallowfullscreen allowfullscreen frameborder='0'></iframe>

وتعليقا على تصريحات المجالي، نشر وزير الإعلام السابق طاهر العدوان مقالا بعنوان "أراضي الباقورة والغمر: كلنا كنّا نيام"، تطرق فيها الى تفاصيل الاتفاقية ونصوصها الخاصة بهذه الأراضي وحيثيات توقيعها أنذاك من قبل مجلس الوزراء، واحتكارها من قبل الحكومة والإعلام الرسمي، وتطرق الى أبار المياه المستغلة من قبل الجانب الإسرائيلي، كما قدم العدوان عددا من الأسباب التي تجعل ملكية الإسرائيليين للأرض الأردنية باطلة، وفقا لما جاء في مقاله.

 

"الحكومة أول من قصر في عدم توضيح قضية الباقورة "نبيل غيشان

 

ونشر موقع إخباري واحد خبرا بعنوان "حدادين يُدلي بدلوه بشأن الباقورة والغمر "يا عيب"، نفي فيه وزير المياه الأسبق المهندس منذر حدادين والعضو المفاوض في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، ما ورد في مقالة طاهر العدوان حول جزئية الأبار، وطبيعة السيادة الأردنية على أراضي الباقورة والغمر، لكن الموقع الإخباري لم يوضح مصدر التصريحات، حيث لم يشر الى أنهم أجروا لقاء مع حدادين أو أنهم حصلوا على هذه المعلومات من صفحته على إحدى مواقع التواصل الإجتماعي.

وردا على سؤال عدد من النواب حول تصريحات المجالي، أكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي أنه "توجد لاتفاقية السلام الأردنية- الإسرائيلية ملحقات"، وأن "منطقة الباقورة أرض أردنية لكن فيها ملكيات تعود لإسرائيليين منذ العام 1926".

وتزامنا مع المذكرة النيابية التي تبناها عدد من النواب لاستعادة الحكومة أراضي الباقورة والغمر، أطلق ناشطون حملة تحت عنوان "أراضينا: الحملة الوطنية لاستعادة الباقورة والغمر" على مواقع التواصل الإجتماعي تدعو الحكومة إلى إبلاغ الاحتلال نية المملكة استعادة المنطقتين قبل التاريخ المذكور.

 

"خبر ملكية إسرائيل أراض في الباقورة صدمة للرأي العام"- عريب الرنتاوي

 

 وكان من اللافت في الأخبار والتقارير التي قدمها الإعلام المحلي والعربي، أنها لم تكن شاملة بحيث تقدم المعلومات الوافية حول الجدل الحاصل للقارئ، وتلجأ الى أصحاب الاختصاص لاستيضاح الموضوع، وتبيان جوانبه المتعددة.

 

قضية اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية لا تغيب عن الإعلام المحلي بشكل عام، ففي كانون الأول من العام 2017، طالبت مذكرة نيابية بإصدار مشروع قانون لإلغاء اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية "معاهدة وادي عربة"، وذلك بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية القدس عاصمة لإسرائيل.

ونشر موقع إخباري أن رئيس الوزراء هاني الملقي وخلال جلسة النواب المنعقدة في الثامن والعشرين من تشرين الثاني 2017، أكد أن عملية تأجير أراضي الباقورة والغمر جاءت في متن معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، ورفض التعليق على سؤال النواب حول استعادة الأراضي، فيما قالت محطة تلفزيونية محلية أن الملقي تعهد باستعادة أراضي الباقورة والغمر بعد انتهاء مدة التأجير.

ومن خلال ما ينشر في وسائل إعلام فان هناك خلطا بالحديث عن مساحة الباقورة والجزء الذي احتل منها والجزء الذي تم استعادته ومساحة الأرض المؤجرة للجانب الإسرائيلي بموجب الاتفاقية، حيث لجأت أخبار ومقالات الى التعميم بان جميع مساحة أراضي الباقورة مؤجرة، وهو أمر غير صحيح. 

 فقد أوضحت دراسة موثقة نشرها موقع الكتروني محلي في 25 تشرين أول 2017 تحت عنوان "هل يستعيد الأردن الباقورة والغمر من «إسرائيل» العام القادم؟"، بمناسبة مرور 23 عاما على توقيع اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، تاريخ منطقتي الباقورة في والأغوار الشمالية والغمر في وادي عربة، وما نصت عليه الإتفاقية بخصوص هاتين المنطقتين.

وأشارت الدراسة الى أن مساحة الباقورة تبلغ 6 ألاف دونم، احتلت اسرائيل منها عام 1950، حوالي 1390 دونما، وفي مفاوضات السلام عام 1994 زعمت إسرائيل أن 830 دونما من هذه المساحة المزروعة على مدى سنوات الإحتلال هي أملاك اسرائيلية خاصة بيعت لهم بشكل غير شرعي عبر الوكالة اليهودية من قبل بنحاس روتنبرغ في العام 1926 صاحب امتياز شركة فلسطين لتوليد الكهرباء، علما أن البيع يخالف قرار المجلس التنفيذي لشرق الأردن (الحكومة) الذي اشترط على بنحاس عند بيعه 6 ألاف دونم من اراضي الباقورة لشركة الكهرباء عدم التصرف بها.

وفي تشرين أول عام 1994، تم توقيع اتفاقية السلام بين الأردن واسرائيل حيث استرد الأردن بموجبها 560 دونما من أصل 1390 دونما احتلتها اسرائيل 1950، فيما اتفق الطرفان على إخضاع 830 دونما لنظام خاص، يتم بموجبه تأجيرها لإسرائيل لمدة 25 عاما، ويجدد تلقائيا لفترات مماثلة ما لم يُخطِر أحد الطرفين الطرف الأخر بنيته إنهاء العمل بهذا الملحق قبل سنة من انتهائه.

ويتفق ما ورد في الدراسة مع مطالعة نشرها عضو مجلس النواب الأردني خالد رمضان أشار فيها الى أنه "وفي عام 1994، عبر معاهدة "السلام" استعاد الأردن 560 دونمًا من أصل الـ 1390 دونم التي تم احتلالها. ووافق المفاوض على وضع 830 دونمًا تحت نظام خاص يسمح لإسرائيل باستخدامها لمدة 25 سنة تحت بند (حقوق ملكية خاصة)،  وهذه الـ830 دونمًا هي محور القضية في هذه اللحظة".

أما الغمر فتمتد لمسافة 5 كيلو متر بشكل طولي داخل الحدود الاردنية، ما شكل نقطة خلاف بين الأردن وإسرائيل بخصوص الأراضي الأردنية التي احتلتها إسرائيل بعد حرب عام 1967 في وادي عربة، وحصل الأردن على مساحات مقابلها بموجب اعادة ترسيم الحدود.

على أن الغمر التي قطنها مزارعون إسرائيليون على مدى احتلالها، تمسكت بها اسرائيل تحت إدعاء أنها تشكل «امتدادًا طبيعيًا» لمستوطنة تسوفار الحدودية، الى جانب وجود الف دونم مزروع، ما أدى الى اخضاعها لذات النظام الخاص الذي تم تأجير أراض من الباقورة بموجبه وفق ما نصت عليه اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية.

وأكد النائب نبيل غيشان في تصريح ل"أكيد"، أن "التقصير الأول في عدم توضيح قضية الباقورة تتحمله الحكومة، حيث غطيت كصحفي انسحاب جيش الإحتلال الإسرائيلي من الباقورة ورفع العلم الأردني، ولم نسمع وقتها كلمة واحدة عن الباقورة، واليوم بعد 24 عاما يتضح أن 830 دونما مملوكة للإسرائيليين".

في ذلك الوقت، يقول غيشان "وصلت معلومات من الخارج أن الأردن أجر الباقورة للإسرائيليين، بينما نفت حكومة عبد السلام المجالي ذلك، محتكرة للمعلومة عن المواطنين وقادة الرأي العام ومنهم الصحفيين".  

وأضاف "قبل ثلاثة أشهر شاركت في برنامج حواري على محطة فضائية محلية، حول قرار نقل السفارة الأمريكية الى القدس، وسئلت عن كيفية الرد على ذلك، وكانت اجابتي "طالما أن الأردن غير قادر على مواجهة مع الجانب الأمريكي، يجب التحرك بقوة لعدم تمديد الحكومة ملحق 1 "أ و ب" من اتفاقية السلام الموقعة عام 1994، ويجدر الإنتباه الى أن أراضي "الغمر"  أشد خطورة من "الباقورة"، كونها تمتد الى داخل الأراضي الأردنية 5 كيلو متر، فيما تقع الباقورة 830 دونما على نقطة التقاء اليرموك ونهر الأردن، ولذلك لا بد من إعادة فرض السيادة عليها وأي عمل وقرار مناف لذلك سيزيد من حجم الإشاعات".

القضية وفقا لـ غيشان، "أثيرت الأن نتيجة التعمق الإسرائيلي والإنحياز الأمريكي ضد المصالح الأردنية الفلسطينية، لذلك سنطالب بعدم تجديد الملحقين، إذ أن 16-10-2018 الموعد الأخير للحكومة لعدم التجديد، وفي حال قررت التجديد، ينوي مجلس النواب طرح الثقة بالحكومة".

وأشار الى أن الإعلام المحلي لغاية اللحظة لم يقدم سوى اجتهادات وبالأخص الصحف اليومية التي لم تبذل جهودا في توضيح الأمر، على عكس بعض المحطات الفضائية والمواقع المحلية.

بدوره أشار مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي في تصريح ل"أكيد"، الى أن "الإعلام المحلي يفتقر الى المعلومة، حيث لم يستطع أن يلبي رغبة الناس بمعرفة حيثيات القصة، متى أصبحت هذه الأراضي مملوكة للإسرائيليين وما نسبتها وعددها".

واكتفت وسائل إعلامية محلية - بحسب الرنتاوي - بنقل المواقف تجاه هذا الأمر، ومنها من قللت من أهميته ومنها من اكتفى بإعادة نشر الرواية الحكومية، ولم تسع أي منها الى بذل جهد استقصائي للبحث عن المعلومة ونبش الوثائق والتقاء الشخصيات التي فاوضت ووقعت على الإتفاقية.

وأضاف "الخبر كان مفاجئا للجميع وكانت بمثابة صدمة للرأي العام، وأظن أن النواب انفسهم لا يملكون أدنى معلومة عن ذلك، وعلى الإعلام اليوم مسؤولية توجيه الرأي العام وإثارة هذه القضية نحو عدم التجديد".