أكيد – رشا سلامة
اكتفَت 32 مادة صحافية، اقتصرت على الأخبار، بتكرار ما تناقلته وسائل إعلام منذ تاريخ 16 يناير 2019 حتى أمس 20 يناير 2019، عن إحالة ملف عضوية نقابة الصحافيين لهيئة مكافحة الفساد، بعد تكشّف حالات "تزوير وثائق" وعدم اكتمال متطلّبات الانتساب، وما إلى ذلك من تفاصيل جرى التعريج عليها على عجالة، بحسب رصد "أكيد".
الأخبار الآنفة كانت المهيمنة، وكان "القص واللصق" سمتها الرئيسة، ما جعلَ جلّ هذه المواد يُكرّر المحتوى ذاته من دون إضافة أي تفصيلة عليه، بل ثمة أخبار حملت العنوان نفسه، من دون وجود محتوى يُسلّط الضوء على قضية الانتساب للنقابة بشكل معمّق وتحليلي أو بمنهجية تربط بين الأحداث السابقة والحالية.
حالة من الفوضى وَسَمَت تغطية الخبر، وكان استقاء التصريحات من مصادر عدة في النقابة من أهمّ تجلّياتها، بل ثمة أخبار ذهبت لاستقاء تصريحات أعضاء علّقوا عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فيما أخبار أخرى تناقلَت آراء زملاء كانوا قد أدلوا بتصريحهم لمصدر لم تتم الإشارة إليه في متن الأخبار المكررة.
ولعلها ليست المرة الأولى التي يجري فيها صياغة بيانات على لسان أعضاء من نقابة الصحافيين، بصفة شخصية، بعيداً عن طابع التصريح الرسمي للنقابة، وهو ما يجري تناقله عبر المواقع الإلكترونية كما لو كان تصريحاً يُمثّل النقابة برمّتها، رغم كونه ممهوراً بأسماء زملاء بعينهم.
وتناقلت المواقع الإلكترونية أيضاً تصريحاً لزميل تحدّث عما اصطلِحَ عليه "نتائج لجنة تدقيق عضوية نقابة الصحافيين"، من دون الإشارة للجهة التي أدلى لها بتصريحاته، وبطابع يوحي كما لو كانت تسريبات، بل ثمة لازمة لغوية أشارت لكون التصريح شخصي بحت، من قبيل قول "عاتبني أحد الزملاء ... اليوم على موقف غير حقيقي".
وجاء في هذا التصريح الجدلي تفاصيل لم يجرِ التعليق عليها رسمياً بعد، من قبيل "47 زميلاً لديهم مشكلات خاصة، بعضها تزوير وثائق وتقديم مصدقات كاذبة - وهنا يوجد حالات تصلح للتندر وفي ذات الوقت تستدعي البكاء على حال النقابة"، ومن ثم إنهاء التصريح برؤى شخصية جرى تعدادها على شكل نقاط، تحت عنوان "موقفي الشخصي".
ويُعلّق عضو مجلس النقابة الزميل عمر المحارمة على ما سبق، قائلاً لـ "أكيد" إنه يُدلي بتصريحات تُعبّر عن موقفه الشخصي، في حال كان موقف المجلس مغايراً.
ويسوق مثالاً عن قضية أخرى: "ارتأى الزملاء فيها أن يتّخذوا موقفاً آخرا، فلجأت وزميلتي لإصدار بيان شخصي ندين فيه التوقيف، في قضايا النشر، قبل المحاكمة".
ويستدرك المحارمة أنه حين أدلى بتصريحات حول نتائج لجنة تدقيق عضوية النقابة لم يُذع سراً، مُقرّاً بوجود "انقسامات في المجلس حول هذا الملف"، مردفاً أنه يسعى لـ "كسر حاجز الصمت والتحفّظ على المعلومة".
ولم يرصد المحارمة أي انقسام في تعامل الإعلام مع القضية، كما يقول، مضيفاً أن المواقع استطلعت الآراء جميعها، وليس رأيه فحسب.
بدوره، يرى نقيب الصحافيين راكان السعايدة أن "الانقسام" لم يكن من قِبل الجهات الإعلامية ذاتها، أو جرّاء تبنّيها وجهة نظر معينة، وإنما "الانقسام كان في الآراء داخل المجلس، ما انعكس بدوره على ما نقلته وسائل الإعلام".
ويُقرّ السعايدة أن هناك ما يُشبه الفوضى والضبابية في التصريحات الصادرة عن جسم نقابة الصحافيين، موضحاً "يتلقّف صحافيون ما يكتبه أعضاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويجعلونه مُعمّماً على موقف النقابة وهذا غير مهني؛ إذ الأصل أن يكون النقيب والناطق باسم النقابة هما المرجعية، وإن كنا لا نصادر حرية أي عضو في الإدلاء برأيه".
وكان مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، خلال اجتماع عقده منتصف الشهر الحالي، برئاسة السعايدة وحضور المستشار القانوني المحامي محمود قطيشات، قد قرّر إعادة ملف العضوية إلى لجنة؛ لمزيد من التدقيق ووضع التوصيات بخصوصه، وفق بيان رسمي صدر عن النقابة، كما قرّر المجلس إحالة الملف بعد عودته من اللجنة، للنظر واتخاذ القرارات المناسبة لتحويله إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
وكان "أكيد" قد أهاب بالصحافيين سابقاً مناقشة القضايا بشكل أكثر عمقاً وبأجناس صحافية متنوعة لا تقتصر على الخبر المقتضب والمتناقَل، بل بأشكال عدة منها التحقيق الصحافي والصورة الإخبارية والحوار والمقال، وهو ما كان غائباً بالمُطلق في تغطية الأزمة التي ما تزال تتفاعل منذ ستة أيام.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني