أداء إعلامي لا ينتج "المصداقية" حُكماً.. احتجاجات مالكي حافلات النقل العام مثلاً

أداء إعلامي لا ينتج "المصداقية" حُكماً.. احتجاجات مالكي حافلات النقل العام مثلاً

  • 2015-09-14
  • 12

السبت 12 أيلول (سبتمبر) الحالي، توقف مالكو حافلات النقل العام في الكرك عن العمل لثلاث ساعات، احتجاجاً على تعليمات جديدة لهيئة تنظيم النقل البري. وقد غطت صحف وكثير من المواقع الإلكترونية الخبر قادماً من مندوبيها في محافظة الكرك. وقد نشرنا في موقع "أكيد" تقريراً قدم بعض الملاحظات المهنية على هذه التغطيات.

المحتجون قرروا نقل احتجاجهم إلى العاصمة عمان، وذلك بعد التنسيق مع نظرائهم، مالكي الحافلات، الذين تشملهم التعليمات ذاتها، في باقي المحافظات.

هذا يعني أن القضية تذهب باتجاه التصعيد، وهو ما كان متوقعاً أن يرافقه اهتمام إعلامي متزايد بشكل مناسب، بخاصة أن الموضوع قيد الاحتجاج هو موضوع كبير فعلاً، ويطال قطاعا حيويا، سواء لجهة الخدمة التي يقدمها، أو حجم المشتغلين به. وفي حالة مواصلة الاحتجاج، فإن جمهورا كبيرا من المواطنين سيكون بحاجة للمعلومة الواضحة.

الساعة الثانية عشرة، ظهر يوم الاثنين 14 أيلول، نفّذ أكثر من مئة من ممثلي مالكي الحافلات من مختلف المواقع، اعتصاماً أمام مجلس النواب للغاية ذاتها. وقد زار "أكيد" الاعتصام بهدف الرصد الميداني للموقف الإعلامي من قصة كان متوقعاً أن تُتابع، لا سيما وأنها لاقت اهتماماً إعلامياً عندما كانت مقتصرة على محافظة واحدة.

غابت الصحف الورقية تماماً عن الاعتصام، كما غابت وكالة الأنباء "بترا". ورغم وجود مندوبين دائمين للصحف داخل مبنى مجلس النواب، إلا أنهم لا يعدون النشاطات التي تجري خارج مبنى المجلس ضمن مهامهم، فهم قد يشاهدونها، ولكنهم غير مكلفين بتغطيتها إخبارياً.

تواجدَتْ في مكان الاعتصام، محطتان تلفزيونيتان، الأولى حضرت لحظة البداية لدقائق والتقطت بعض المقاطع، ثم غادرت من دون أن تنتظر النتائج، والثانية حضرت مع نهاية الاعتصام، لدقائق أيضا، بينما حضر مصور يحمل كاميرا كبيرة بعد انتهاء الاعتصام، ومرّ على ما تبقى من المشهد لحوالي دقيقة وغادر.

مندوب إحدى المحطات الذي حضر مع مصوره، اشتبك مع المعتصمين، وتبادلوا الشتائم، فقد أرادهم أن يتخذوا في وقفتهم وضعية تتناسب مع رؤيته لتصوير المشهد، وقد ابتعد حرداً إلى أن تبعه بعض الحضور واسترضوه ملتزمين بشروطه.

من الواضح أن هدف الوسائل التي حضرت لا يتجاوز إعداد فيديو سريع، بغض النظر عن المحتوى، بل إن صاحب الكاميرا الثالثة، الذي اتضح أنه يعمل مع أحد المواقع الالكترونية، نشر على موقعه، مع الفيديو، خبراً ذا صلة، ولكن لا علاقة له بالاعتصام الذي صُوّر منه تحديداً.

في هذه الحالة كما في غيرها، عندما يتعلق الأمر بالتغطيات الإعلامية لنشاطات أوساط "شعبية"، تنظر هذه الأوساط إلى الإعلام بصفته "صاحب فضل"، وأنه يستحق الشكر على ذلك، وغالباً ما يستجيب مندوبو وسائل الإعلام لتلك النظرة ويتصرفون وفقها، بل إن المندوب الصحفي المشار إليه، ابتعد عن المعتصمين وطلب من المصور التوقف عن التصوير وهو يصيح: لن أنشر أي خبر!.

إن وسائل الإعلام في هذا المثال، لم تكمل المهمة التي بدأتها، ولم تتابع مهنياً القضية التي من المرجح أن تكبر، وحتى من تابع منها، قام بذلك بما ينتج مادة مشوشة ومضللة. وهذا في العادة ما يقود إلى غياب المعلومة الدقيقة عن المواطنين، ويحوّل وسائل الإعلام من باحثة متقصية عن الخبر، إلى مجرد متلقية لمواد جاهزة أو بيانات صادرة عن طرف معين، فيما تغيب وجهة النظر الأخرى.