أكيد – دلال سلامة
وصل مرصد (أكيد) طلب تحقق من خبر، نشره موقع "تصوير نيوز"، نقله عن موقع "عمون"، ويتعلق بطفل في الحادية عشر من عمره، كان قد أُبلغ عن اختفائه قبل أسبوع تقريبا من مكان سكنه في حي المحطة في عمان، ثم عُثر عليه بعد خمسة أيام، في مركز لرعاية المتسولين في مادبا، تابع لوزارة التنمية الاجتماعية. ووفق وزارة التنمية، فإن فرقة مكافحة تسول تابعة لها، ألقت القبض على الطفل، عندما كان يتسوّل قرب إشارة طبربور في عمان.
من الصعب الحسم بصحة الكثير من التفاصيل التي وردت في تغطيات المواقع الإلكترونية والصحف اليومية للحدث خلال الأسبوع الماضي، فقد تضاربت الروايات في هذه التغطيات، وقُدّمت المعلومات في العديد من التغطيات، إما ناقصة، أو مناقضة لغيرها. ورغم أن بعض التغطيات أضاءت جوانب مهمة من الحدث، مثل تغطيتي "الغد" و"السبيل" اللتين غطّتا جانب ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية، وزادت "الغد" بأن غطّت الجانب الحقوقي في احتجاز الطفل، إلا أن أيّا من تغطيات الصحف والمواقع، لم يقدم إجابة حاسمة، في ما يتعلق بالتصريحات المتضاربة المنقولة عن أطراف القصة، وهم عائلة الطفل، ووزارة التنمية الاجتماعية، والأجهزة الأمنية.
وفق الأخبار الأولى التي نشرتها مواقع إلكترونية في 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويومية في 1 تشرين الثاني (نوفمبر)، فإن الطفل اختفى مساء الخميس 30 تشرين الأول، عندما خرج من منزله ليصلي المغرب في المسجد القريب، ثم لم يعد.
وقد نشرت مواقع إلكترونية، وصحف في الأيام التالية أخبار مواصلة جهود البحث عنه، من دون أي نتيجة، وهي أخبار ظلّت شبه موحّدة المعلومات، في المواقع والصحف، إلى أن أٌعلن مساء الاثنين 3 تشرين الثاني، خبر العثور عليه في مركز لرعاية المتسولين في مادبا، وهو خبر أثار سؤالا مهما: كيف يحتجز طفل خمسة أيام لدى جهة حكومية، في حين أن جهة حكومية ثانية، تبحث عنه طيلة هذه المدة؟ ولم يُقدّم التصريح المقتضب المنسوب للمصدر الأمني إجابة شافية لهذا السؤال، عندما قال إن الطفل "ربما أعطى الجهات المختصة اسما غير صحيح، مما سبب نوعا من الإرباك".
بعد خبر العثور على الطفل، بدأت التغطيات في المواقع والصحف تصدّر روايات متضاربة، ففي "عمون"، أكّد مصدر أمني أن وزارة التنمية الاجتماعية لم تبلغ الأجهزة الأمنية بوجود الطفل لديها. أما كيف اكتُشف مكان الطفل، فإن خبر "عمون" ينسب إلى المستشار الإعلامي في وزارة التنمية، أن موظفة في المركز، الذي أٌودع فيه الطفل، اطلعت على خبر اختفائه، واتصلت بعائلته على الرقم الذي كان منشورا في ذلك الخبر، وأبلغتهم بمكانه.
لكن تغطية "الغد"، في اليوم التالي، قدّمت رواية مختلفة، فقد نسبت إلى المكتب الإعلامي في وزارة التنمية أن الوزارة "أبلغت مديرية شرطة وسط العاصمة، بوجود يوسف لديها، صباح أول من أمس الأحد". كما أن التغطية نفسها، قالت إن من قرأ خبر اختفاء الطفل، واتصل مع العائلة كان مدير المركز. وما سبق، هو تضارب في المعلومات يتعلق بأحد مفاصل الحدث، لأنه يحدد الجهة التي ستتحمل القسم الأكبر من المسؤولية، فهل أبلغت "التنمية"، وإن متأخرة، الأجهزة الأمنية، ولكن الأمر احتاج أكثر من 24 ساعة، من صباح الأحد إلى مساء الاثنين، حتى اكتشف شخص في المركز الأمر بالصدفة؟ أم أن "التنمية" احتجزت طفلا خمسة أيام، من دون حتى أن تبلغ الأجهزة المختصة بذلك؟
التضارب الآخر في الروايات، كان يتعلق برواية أهل الطفل أنفسهم، ففي الأخبار الأولى، نُسب إلى والد الطفل ، الذي ذكر موقع الرأي نيوز أنه التقاه شخصيا، أن ابنه خرج من المنزل ليصلي المغرب، كما نُسبت هذه الرواية إلى عم الطفل، "ماهر العنبتاوي"[1]، لكن بعد العثور على الطفل، ظهرت رواية أخرى، منسوبة أيضا للعم نفسه، تقول إن الطفل خرج من المنزل ليوصل خالته التي كانت في زيارتهم، وأنها أعطته 40 قرشا، وأن "مكافحة التسول" ألقوا القبض عليه أثناء عودته. وفي تغطية "خبرني" ينسب إلى الطفل قوله إن "مكافحة التسول" قبضت عليه "وهو يأخذ نصف دينار من خالته"، كما نسبت التغطية ذاتها إلى خال الطفل قوله إنه "لمجرد أنهم رأوا طفلا حافي القدمين اعتبروه متسولا بعد صلاة المغرب". ويُلاحظ مما سبق أن التشتت في الروايات لا يتيح تكوين صورة واضحة عما حدث.
[1] "السبيل" أشارت إليه بوصفه عم الطفل، و"الغد" و"عمون" بوصفه خاله
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني