أكيد – دلال سلامة
ما هي العلاقة بين خبر "تغيب نواب الكرك عن جلسة لتقييم أدائهم"، وخبري "أقرباء مطلق النار على فتاة يتغيبون عن دوامهم خشية أعمال ثأرية"، و"جلسة لتقييم حكام مباريات الدرع". وما هي العلاقة بين خبر عن قرار دفن الرضيع "قيس"، الذي بقي جثمانه في المستشفى أسبوعين، نتيجة خلافات بين أبويه، عقّدت إجراءات دفنه، بأخبار عن قرار إعادة تصدير اسطوانات الغاز الهندية، و دعوة الشاعر سميح القاسم إصدار قرار لدعم أهل القدس، و قرار مشاركة لاعبات المنتخب النسوي لكرة القدم بتدريبات المنتخب؟
أو ما هي العلاقة بين خبر عن دعوة فعاليات شعبية إيقاف استيراد الأردن الغاز الإسرائيلي المسال، بخبر عن "ماك أرابيا حلوم"، نوع السندويشات الجديد، الذي طرحه "ماكدونالدز الأردن"، أو علاقة خبر دعوة السياسي ممدوح العبادى الالتفاف حول الوطن لمواجهة التطرف، بـ"دعوة الشيخ يوسف القرضاوي الليبيين إلى مواجهة العسكري المنشق خليفة حفتر"؟
العلاقة الوحيدة بين هذه الأخبار، هي "صدفة" أن عناوينها تضمنت كلمات مشتركة، هي "قرار"، و"مواجهة"، و"الالتفاف"، و"دعوة"، و"الأردن"، وكانت هذه الصدفة، سببا في إدراجها ضمن قائمة الأخبار "ذات الصلة"، في الموقع الإلكتروني لصحيفة "الغد".
الأخبار "ذات الصلة"، الخدمة التي تنفرد بها "الغد" بين الصحف المطبوعة، هي خدمة تقدمها الكثير من الصحف لقرائها، فتدرج في صفحة الخبر قائمة بالأخبار المتعلقة به، التي سبق للصحيفة نشرها، فتتيح للقارئ المهتم بحدث ما، أن يتتبع تطوره في الأخبار، أو معرفة الأحداث المرتبطة به، أو المشابهة له، بما يساعده على الإلمام بمختلف جوانبه، وفهمه في إطاره الشامل.
لكن المعيار الذي تستخدمه "الغد" لاختيار الأخبار ذات الصلة، يفرّغ هذه الخدمة من جدواها، فهو يحدد "الصلة" بين الأخبار، بناء على تشابه "عناوينها"، لا "مضامينها"، وهذا يجعل قوائم الأخبار المدرجة إلى جانب الخبر، خليطا من أخبار ليس بينها أدنى علاقة، فنجد خبرين عن تصريح لوزير التنمية السياسية للـ"الغد عن "تسليم السجين الدرسي إلى ليبيا"، و"تقنية جديدة لتجميد سرطان الرئة"، مدرجين بوصفهما متصلين بخبر عن تصريح لإدارة "فيسبوك للـ"الغد" عن "إيقاف عبارة الاستغفار لاعتبارات تقنية ، كما نجد خبر "تغريم موقع إلكتروني يبيع أغاني بيتلز مقرصنة"، مع خبر" تغريم شركة كهرباء العقبة 2 مليون دينار".
الآلية السابقة تفرغ هذه الخدمة من معناها، فلا تتيح للقراء تتبع الحدث، أو معرفة الأحداث المرتبطة به، وهو أمر سبقت الإشارة إلى أنه مهم لفهم الأحداث في إطارها العام. ولنأخذ مثالا على ذلك، سلسلة حوادث التسمم، التي حدثت خلال الأشهر الثلاث الأخيرة. فخلال هذه الفترة فقط، نشرت "الغد" أخبار 9 حوادث تسمم غذائي أو اشتباه بتسمم، هي، الحوادث في الكرك، وفي مادبا، ومخيم الحسين في عمان، والشونة الجنوبية، ومادبا مرة أخرى والبحر الميت، وأيضا البحر الميت، والمفرق، وجرش.
إن جمع هذه الأخبار في مكان واحد، يساعد الجمهور على فهم أنها ربما تكون أكثر من حوادث منفصلة، لكننا سنجد أنه في الخبر الأحدث، الذي نشر الأحد الماضي، وكان عن إصابة 35 مواطنا بالتقيؤ والإسهال في بلدة المصطبة في جرش ، كان هناك 6 أخبار أٌدرجت معه بوصفها ذات صلة، لكن 2 منها فقط لهما صلة فعلا، الأول عن إصابة 113 مواطنا في "وقاص" في الغور الشمالي بالإسهال وارتفاع الحرارة، والثاني "إصابة 13 مواطنا في الكرك بإسهال حاد"، أما بقية الأخبار، فكانت عن انهيار في مدرسة في بلدة المصطبة، وشبان يغلقون مدرسة في المصطبة بسلاسل حديدية، وإصابة في مشاجرة في بلدة مؤتة، وإصابة في مشاجرة أخرى في عقربا.
يمكن الافتراض هنا، أن الدخول إلى الخبرين الوحيدين اللذين لهما صلة فعلا، وتتيع الأخبار ذات الصلة المدرجة معهما، سيوصل القارئ المهتم إلى الحوادث الأخرى المرتبطة، لكن هذا ليس ناجحا تماما، فعند الدخول إلى خبر حادثة "وقاص"، سنجد أنه من بين 12 خبرا مرفقا به بوصفه ذا صلة، هناك 10 أخبار عن الطقس ودرجات الحرارة الجوية، وواضح أن ذلك، لأن خبر الحادثة كان يشتمل على كلمة "حرارة". أما الخبرين اللذين كانا على صلة به فعلا، فالأول كان "الإصابة بالإسهال الحاد في الكرك" السابق الذكر، والثاني، نصائح للتعامل مع الطفل المصاب بالإسهال.
أما عند الدخول إلى الخبر الثاني، الذي يتحدث عن الإسهال الحاد في"الكرك"، فسوف نجد أنه من 5 أخبار، هناك واحد مرتبط فعلا، هو إصابة 13 طالبة في عمان بتسمم غذائي، والبقية هي أخبار استلام بطاقات انتخابية في الكرك، وإصابة 13 لاجئا سوريا أثناء اجتيازهم الحدود، وتسمم رضع في الصين نتيجة حليب ملوث،، إضافة إلى خبر نصائح التعامل مع الإسهال. وعند الدخول إلى الخبر الوحيد المرتبط بحادثة التسمم، وهو إصابة 13 طالبة في عمان بتسمم غذائي، نجد أن الخبر الذي أدرج بوصفه ذي صلة به، هو حادثة تسمم غذائي لطالبات في سنغافورة، الذي سيقود القارئ بعدها إلى سلسلة من الأخبار البعيدة تماما عن الحادثة الأصلية.
وهكذا، فإنه حتى لو تجشم القارئ المهتم بحدث ما عناء التنقل من خبر إلى آخر، وتتبع الأخبار ذات الصلة، على أمل الوصول إلى أكبر قدر من الأخبار المتعلقة به فعلا، فإنه سيجد أنه في النهاية وصل محطة، يكون فيها الحدث الأصلي قد تلاشى تماما.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني