أكيد – لا تُعدّ التغطية الإعلامية لقضايا الرهائن والأسرى أمرا شائعا في وسائل الإعلام، ولكنها حين تحدث، فإنها تستحوذ على انتباه الجمهور الذي يحبس أنفاسه، وهو يتابع تطورات الأحداث، متعطّشا طوال الوقت للمزيد من المعلومات، أمر يدفع وسائل الإعلام إلى تكثيف جهودها في متابعة هذه التطورات وبثّها.
لكن وسائل الإعلام، في أوقات دقيقة كهذه، كثيرا ما تنزلق إلى ترديد الشائعات، وغيرها من أخطاء وممارسات قد لا تكون مقصودة، لكنها تخدم في النهاية القوى الخاطفة، أو تضعف، وربما تفشل مفاوضات قد تكون جارية بهدف الإفراج عن الرهائن أو الأسرى. وهناك حوادث، كانت التغطية الإعلامية سببا مباشرا في استفزاز الخاطفين وقتل الرهينة.
وفي ضوء التداعيات الإعلامية والسياسية السائدة حاليا، على خلفية سقوط طائرة سلاح الجو الأردني، واحتجاز قائدها، الملازم أول معاذ الكساسبة رهينة لدى تنظيم "داعش" الإرهابي، طوّر مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) مجموعة من الإرشادات لوسائل الإعلام والصحافيين والناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، تحدد الممارسات الفضلى في التعاطي الإعلامي مع قضايا الأسرى والرهائن، وذلك من عدد من بيوت الخبرة الصحافية في العالم، والمؤسسات الإعلامية المستقلة، التي اتصل بها (أكيد) لإعداد هذا التقرير.
وبما أن التنظيمات الإرهابية لا تراعي الجوانب الأخلاقية والإنسانية في التعامل مع الرهائن، فإن الإعلام في مثل هذه الحالات، يجب أن يكون صارما في تطبيق المعايير المهنية والأخلاقية أكثر من أي وقت آخر، للتخفيف من الأذى قدر المستطاع.
كما أن على الصحافي أن يبقى متنبها لأي تفاصيل جديدة أو تطورات للقضية، لكن نشرها يجب أن يكون مشروطا بقيمتها الإخبارية، في حين يجب الحذر من نشر أو بث الأخبار، فقط بهدف لفت انتباه الجمهور، وجلب المزيد من المتابعين للوسيلة الإعلامية، فهذه ممارسة تقع في خانة " الخداع والتضليل".
الحق في الحياة والحق في التعبير: تخفيض صوت الإعلام
توضح الخبرة الإعلامية في تغطية قضايا الرهائن والأسرى أن "تخفيض صوت الإعلام"، خلال عمليات الاختطاف أو الأسر، يعمل في معظم الأحيان لصالح حماية حياة الرهائن أو الأسرى، وهنا يواجه الإعلام إشكالية تحقيق التوازن بين قيامه بدوره المتمثل في دعم حق المجتمع في المعرفة، ومهمته الأخلاقية المتمثلة في حماية حق الأفراد في الحياة، وضمان عدم انتهاك كرامتهم، وإظهارهم بطريقة مهينة.
إن التصرف الإعلامي المهني والمتّصف بالحكمة والأخلاقية، يتطلّب أن يتحقق هذا التوازن. وإذا وجد الصحافي أو الوسيلة الإعلامية أن هناك صراعا بين حق المجتمع في المعرفة، وحماية حياة الرهائن، فإن الأولوية الأخلاقية والمهنية تتطلب تغليب حماية الحق في الحياة، بوصفه الحق الذي لا يسمو عليه أي حق آخر.
إن هذه القاعدة المهنية والأخلاقية لا تعني تبرير ممارسة الرقابة، أو إخفاء أعمال الاختطاف، أو العنف والاضطرابات في المجتمع خوفاً من تأجيج الأوضاع، لأن حق الجمهور في معرفة ما يجري هو حق أساسي. وبناءً عليه، فعلى وسائل الإعلام نشر وبثّ الأحداث الإخبارية ذات الصلة بالرهائن والأسرى أثناء عمليات التفاوض في أضيق الحدود، ومناقشتها بإنصاف ودقة.
في العام 1993، حدثت في سجن لوكسفيل (Lucasville)، في أوهايو، الولايات المتحدة الأميركية، أعمال شغب احتجز على إثرها السجناء حراسا في السجن رهائن، وسيطروا أحد عشر يوما على السجن، وقتلوا في اليوم الخامس أحد الحراس خنقا، قبل أن ينتهي الشغب بمقتل تسعة من السجناء. وأثناء التحقيق، كشف سجناء أن تصريحا ورد على لسان الناطقة الرسمية باسم السجن، أثناء بث حيّ لمقابلة تلفزيونية معها، كان حافزا على قتل أحد الرهائن، فقد وصفت المسؤولة مطالب السجناء بأنها "تافهة"، كما أنها استهانت بتهديداتهم أنهم سيقتلون رهينة، وعلّقت: "إنهم يهددون بذلك منذ البداية".
هذه الحادثة هي مثال على الأثر الذي يمكن أن تحدثه التغطية الإعلامية لأحداث من هذا القبيل، يُحتجز فيها رهائن، ويكون الحدث مفتوحا ومتحركا، ففي ظرف كهذا، فإن أول ما يجب أن يدركه الصحافيون أن من يقومون بعملية الاحتجاز، وأيّا كان الدافع وراء عملهم هذا، فإنهم يتابعون وسائل الإعلام، وأن تعبيرا خاطئا هنا أو هناك، يمكنه أن يتسبب بالأذى للرهائن، وأول درس يمكن أن تتمخض عنه الحادثة السابقة، هو أن أي مادة صحافية، قبل أن تخرج إلى العلن، يجب أن تخضع للمراجعة، وأن تتأكد الوسيلة من أنها لا تتضمن ما يمكن أن يستفز محتجزي الرهائن، ويستجرّ ردود أفعال عنيفة. من هنا، يجب على وسائل الإعلام تجنب البث الحيّ لأي مقابلات، أو مؤتمرات صحافية، أو جلسات حوارية، تخصّ الحادثة، إذ لا يمكن لأحد التنبؤ بأي كلام غير محسوب يمكن أن يُقال، وهو كلام لا قدرة لأحد على استرجاعه إذا ما بّثّ على الهواء.
وفي كل معلومة ينشرها الصحفي، عليه أن يوازن بين مصلحة الجمهور في أن يعرف هذه المعلومة، وما يمكن أن تسببه هذه المعلومة من أذى للجهود الرسمية للإفراج عن الرهائن، إما لأنها تكشف ما يمكن أن يؤدي كشفه إلى إضعاف الموقف الرسمي أمام محتجزي الرهائن، أو لأن هذه المعلومة يمكن أن تتسبب بردة فعل تؤذي الرهينة.
وفي ضوء ذلك ينصح (أكيد) وسائل الإعلام والصحافيين الالتزام بالقواعد الاتية في تغطية قضايا الأسرى والرهائن.
تغطية روايات أسر الرهائن والأسرى
تحرص وسائل الإعلام على الوصول الى ذوي الرهائن أو الأسرى، للحصول على معلومات أو خلفيات أو سير لهم، ولطالما أسبغ هذا على هذا النوع من التغطيات الإعلامية طباعا إنسانيا، لكن وسائل الإعلام مطالبة بالحذر، ومراعاة ظروف ومشاعر هذه الفئة، وأهم القواعد المهنية والأخلاقية في هذا المجال:
نقل رسائل الإرهابين
في حالات الأسر أو الخطف، تتابع الجماعات الارهابية وسائل الإعلام، وتبحث عن منافذ لنقل رسائلها، بل تستثمر أوقات الأزمات في استغلال حالة تعطش الجمهور والتماسه المعلومات، بتمرير رسائلها وفكرها ودعايتها من خلال المعلومات والمواقف والرموز، وهنا يتطلب من وسائل الإعلام حرصا على المهنية، وإحاطة الجمهور بالمعلومات، وأن لا تتحول دون إدراك منها إلى منبر لنقل رسائل الإرهابين:
فيديوهات وصور الرهائن والأسرى
القاعدة الاساسية لا تنشر صورا أو فيديوهات للشخص الرهينة أو المختطف وهو في حالة ضعف وانكسار بين أيدي معتقليه، لكن وسائل الإعلام تجد نفسها أحيانا مضطرة لنشر صورة المختطف لكن ضمن معايير محدد وأهمها:
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني