أكيد – دلال سلامة
تداولت وسائل الإعلام على نطاق واسع، يوم 6 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، قرار حظر النشر في ما سُمّي "قضية قسطاس وجزر العذراء البريطانية"، لكن من دون أن يعرف الجمهور، على وجه الدقة، ما هي القضية المقصودة بقرار الحظر، التي لم يسبق للإعلام أن أشار إليها أو إلى الجهة التي رفعتها. فكتاب هيئة الإعلام المرئي والمسموع، الذي تضمّن القرار، وعمّم على وسائل الإعلام لم يتضمن أي معلومات عنها.
نقص الوضوح في كتاب "الهيئة" دفع التغطيات الإعلامية في اتجاهين، الأول هو "الإبهام"، في حالة الوسائل التي اختارت أن تكتفي بإعلان حظر النشر من دون تفاصيل إضافية، والثاني هو "التكهّن"، عندما تضاربت بعض وسائل الإعلام في ربطها القرار بقضايا مختلفة.
انقسمت وسائل الإعلام في تغطيتها للقرار، فقد اكتفت صحف ورقية وقسم من المواقع الإلكترونية بخبر "بترا" المقتضب، الذي اقتصر على نص كتاب "الهيئة"، وفيه أن مدعي عام عمان قرر "حظر نشر أي أخبار أو معلومات في موضوع قضية قسطاس وجزر العذراء البريطانية، للحفاظ على سرية التحقيق وتحت طائلة المسؤولية الجزائية".
وفي المقابل، كان هناك مواقع إلكترونية لم تكتف بنشر نص الكتاب، بل توسّعت في الخبر عندما ربطت مجموعة منها قرار الحظر باتفاقية كانت وزارة العدل قد وقعتها مع شركة لتقنية المعلومات، في حين ربطت أخرى القرار باتفاقية ثانية لوزارة العدل أيضا، لكن مع مركز يقدم المساعدة القانونية للفقراء.
الاتفاقية الأولى، وقعتها وزارة العدل في شباط (فبراير) 2014، مع شركة "قسطاس" لتقنية المعلومات، وتهدف، بحسب تغطية "بترا" لها آنذاك إلى "تزويد القضاة والمحامين بمحرك بحث قانوني ذكي أردني يحتوي على قرارات المحاكم والقوانين والتشريعات والاتفاقيات بجميع أنواعها تكون محدثة أولا بأول".
وقد انقسمت المواقع التي ربطت قرار الحظر بالاتفاقية السابقة في الكيفية التي أجرت بها هذا الربط، فبعضها، نشر قرار الحظر، ثم نشر بعده مباشرة مقتطفات من خبر "بترا" السابق، والذي لم يتضمن بطبيعة الحال أي إشارات سلبية تخصّ الاتفاقية، لكن جعله خلفية لقرار حظر النشر، يقول للقارئ إن هذه الاتفاقية هي موضوع القضية.
في حين ربطت مواقع أخرى القرار بخبر آخر عن الاتفاقية، غير خبر "بترا" السابق، بل بخبر كان قد نشره موقع "JO24" بعد توقيع الاتفاقية بشهر تقريبا، وفيه يثير تساؤلات تخص قانونيتها، أحدها أن شركة "قسطاس" مملوكة لشركة "سايبر لو ليمتد" المسجلة في جزر العذراء البريطانية، والأخيرة ليست مسجلة في دائرة مراقبة الشركات، وبذلك فإنها، وفق الخبر، غير مخولة بالعمل في الأردن. وباستثناء هذا الخبر لـ"JO24"، فإن الإعلام لم ينقل خلال السنة الماضية أخبارا عن وجود أي إشكاليات قانونية تخصّ هذه الاتفاقية.
في المقابل كان هناك موقع ربط قرار الحظر باتفاقية أخرى، هي اتفاقية كانت وزارة العدل قد وقعتها في تشرين الأول (أكتوبر) 2014، مع "مركز العدل للمساعدة القانونية"، تؤسس الوزارة بموجبها، وفق خبر "بترا" الذي غطّاها آنذاك، وحدات خاصة لتقديم المساعدة القانونية لغير القادرين على دفع تكاليفها. وتكون هذه الوحدات بدعم من "مركز العدل". وكما في الحالات السابقة، نُشر خبر الحظر، ثم جيء بعده مباشرة بخبر "بترا".
وكان لافتا أنه في جميع التغطيات السابقة، لم تقل المواقع بشكل مباشر للقراء إن هذه القضايا هي على وجه التأكيد المقصودة بقرار الحظر، بل هي فقط جعلتهم يفهمون ذلك من خلال جعلها خلفية للقرار، وربطها به في نص خبر واحد. وهي في المجمل أخلّت بمعياريّ "الوضوح"، و"الموضوعية في الفصل" الذي ينصّ على ضرورة الفصل بين الوقائع والتكهّنات.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني