بشكل لافت، شكّل عنوان "استقالة أو رحيل حكومة رئيس الوزراء عبد الله النسور"، موضوعاً لعدد لا ينتهي من المواد المنشورة على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي منذ السنة الأولى لتشكيل تلك الحكومة، ورغم مرور أربع سنوات على هذا التشكيل، فإن التوقعات والتحليلات الخاصة برحيلها، لم تتوقف.
كغيرها من وسائل الإعلام، تسعى المواقع الاخبارية نحو "السبق الصحفي" بسرعة كبيرة، وتضعه في مقدمة الأخبار المنشورة على صفحاتها الرئيسية، وتحاول التوسع في متابعة أي معلومات جديدة تساند الخبر الأساسي الذي حصلت عليه.
لكن "السبق الصحفي" إذا لم يكن خبراً صحيحاً وموضوعياً، فإن ذلك سيؤثر بشكل سلبي على مصداقية وسيلة الإعلام التي نشرت الخبر. فما بالك عندما تتكرر السبوقات بشكل لا ينتهي من دون أن تصدُق في أي منها؟
مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" تابع نماذج عديدة للمواد التي نشرت على المواقع الاخبارية المحلية حول هذه القصة، وسجل الملاحظات التالية على الأداء فيها.
المصادر المُجهلة
فقد رصد "أكيد" مواد إخبارية اعتمدت على مصادر مُجهلة وغير واضحة ومنها: "محللون وصالونات سياسية ووزير سابق و مصادرموثوقة وأواسط مطلعة، وساسة عمّان ومصدر حكومي رفيع المستوى وغيرها، وكل تلك المصادر لا تعتبر -مهنياً- من المصادر الموثوقة خاصة وأن حكومة عبد الله النسور ما زالت على رأس عملها.
تحركات النسور
اعتمدت مواقع أخباريه على النشاطات الاعتيادية التي يقوم بها رئيس الوزراء وربطتها بقرب رحيل الحكومة ومنها: عدم سفر النسور لأداء فريضة الحج، ثم سفر الرئيس إلى السويد، وأيضاً زيارة الملك لرئاسة الوزراء، واتصال الملك من لندن مع وزير الداخلية أثناء فيضانات عمان، وعدم اتصاله بالنسور وهو ما عُدّ "إشارة إلى إنتهاء حكومته".
ولم تتوقف التحليلات عند استقالة النسور بل تعدتها في بعض الحالات إلى تحديد من سيخلفه، فذكرت أحياناً أسماء مثل "سمير الرفاعي" و "فايز الطراونة".
كما حددت بعض المواقع وقت الاستقالة، فتارة خلال الأيام المقبلة، وتارة نهاية الشهر الجاري، وتارة أخرى خلال الاسبوع الجاري، أو ربطت بين الاستقالة وبين انقضاء اجازة العيد.
الموقع ينشر الخبر عدة مرات
ومن النماذج التي رصدها "أكيد" أن الموقع الاخباري نفسه قد ينشر خبر الاستقالة أكثر من مرة في اوقات مختلفة، فقد نشر موقع إخباري بتاريخ 8/5/2015 خبر الاستقالة بعنوان "قريباً .. النسور يغادر الدوار الرابع" وبتاريخ 26/7/2015 نشر الموقع نفسه "هل اقترب رحيل النسور ؟؟ الملك في رئاسة الوزراء الان". وبتاريخ 15/8/2015 نشر "من هو رئيس الوزراء القادم، رحيل حكومة الدكتور عبد الله النسور"، أي في خلال ثلاثة أشهر تقريباً نشر الموقع ثلاثة أخبار عن استقالة النسور.
العناوين الجاذبة
طرحت بعض المواقع الاخبارية استقالة "عبد الرزاق" النسور رئيس مجلس إدارة شركة البترول الوطنية من منصبه، في إطار يوحي أن رئيس الوزراء عبد الله النسور هو المستقيل، فوضعت خبر الاستقالة تحت عناوين كالاتي : "النسور يقدم استقالته وينفي تعرضه لضغوط" و" النسور يقدم استقالته لاسباب صحية" و "اسباب استقالة النسور ..تفاصيل .."
ويشير "أكيد" إلى أن اعتماد المواقع الاخبارية على الشائعات والمصادر المُجهلة، يُضر بـ معيار الدقة، في وقت لم تنشر أي من تلك المواقع تصحيحاً للمعلومات بعد تأكدها من نشرها لأخبار غير صحيحة، وكذلك لم تقدم أي منها اعتذار للقراء عما نشرته، بل استمرت بعد فترة من الوقت بنشر أخبار مشابهة من دون التثبت من صحة الخبر مجدداً.
إن مجمل النشر حول تلك القضية وبهذه الطريقة، وتقديم أغلب المواد بصفتها أخباراً ووقائع، يرجح احتمال أن المسألة لا تخرج عن إطار التوظيف السياسي للإعلام، وهو ما يشكل مخالفة مهنية واضحة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني