عندما يكون الحدث الرئيسي على هامش التغطية

عندما يكون الحدث الرئيسي على هامش التغطية

  • 2014-10-22
  • 12

أكيد – دلال سلامة

نشرت "الدستور" و"الرأي"، اليوم، تغطيتين لتصريح أطلقه وزير العمل، يتعلق بنظافة المناطق السياحية في المملكة، وعنونت الدستور خبرها بـ"القطامين: خطة عملية وضخمة لحلّ مشكلة النظافة في المواقع السياحية والأثرية"، والرأي بـ"القطامين: حلّ جذري لمشكلة النظافة في المواقع السياحية".

إزاء هذين العنوانين، فإن القارئ يتوقع من الخبر معلومات عن "الخطة العملية والضخمة" التي قررت الوزارة تنفيذها لمواجهة تدني النظافة في هذه المواقع، و"الحلّ الجذري"، الذي توصلت إليه، لكن متن الخبر، في الصحيفتين، لا يقدم أي معلومة عن ذلك، ففي الرأي، يُنسب إلى الوزير تشديده على "اتخاذ إجراءات سريعة  ضمن خطة مدروسة بهدف إيجاد حلّ جذري وغير تقليدي لمشكلة النظافة في المواقع السياحية والأثرية"، وقوله إن وزارة السياحة ستتخذ "إجراءات مدروسة ورادعة وسريعة"، من دون أي معلومة عن هذه الإجراءات، بل ينتقل الخبر إلى الحديث عن أهمية النظافة لقطاع السياحة، و"استهتار ولا مبالاة المواطن الذي يلقي بمخلفاته في أماكن السياحة بعد الأكل والشرب"، والجهات التي تشترك في تحمل مسؤولية النظافة.

أما "الدستور"، فإنها في متن الخبر تنقل عن الوزير أن الوزارة "بصدد تطبيق خطة عملية وضخمة لغايات حل مشكلة النظافة في المواقع السياحية والاثرية، تركز على حلول جذرية وغير تقليدية"، وهنا أيضا، لا يقدم الخبر أي معلومة عن هذه الخطة، بل ينتقل إلى الحديث عن أهمية النظافة بوصفها عامل جذب سياحي، وأيضا، "استهتار ولا مبالاة المواطن"، ومسؤولية الجهات المختلفة في تحمل مسؤولية النظافة.

ما سبق هو مثال على الأخبار التي تزيح الأحداث الرئيسية جانبا، ثم تنشغل بهوامشها، ففي ما سبق، كان الحدث الرئيسي هو "الخطة" و"الحلّ"، اللذين ذكر العنوانان أن وزارة السياحة بصدد تطبيقهما، لكن الخبرين انشغلا بالحديث عن العناصر المكملة للحدث، وهي: أهمية النظافة لقطاع السياحة، ونقص وعي المواطنين، والمسؤولية الجماعية لمختلف الجهات، وأغفلا الحدث نفسه.

 في أخبار اليوم، هناك نموذج آخر على ذلك، هو خبر ورشة عمل عقدتها جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية، والشبكة الأردنية من أجل استدامة الصناعة، ونشر في "الرأي" تحت عنوان "http://www.alrai.com/article/676374.html">ورشة عمل عن إعادة تدوير المخلفات"، ونُشر ذاته في "الدستور" بعنوان "مستثمري شرق عمان تعقد ورشة عمل حول إعادة تدوير المخلفات".

هنا، الحدث الرئيسي هو ورشة عمل عُقدت وانقضت، فيتوقع القارئ بناء على ذلك، أن يجد في تغطيتها معلومات عمّا دار فيها،  لكن الخبر الذي يذكر أن موضوع الورشة كان "حلول مقترحة لإعادة التدوير في منطقة شرق عمان الصناعية"، لا يجد أي ذكر للحلول التي اقترحت، بل يجد تصريحا لرئيس جمعية مستثمري شرق عمان، عن هدف الورشة، وهو استكشاف الفرص المتاحة أمام القطاع الصناعي للاستثمار في مشاريع إعادة التدوير.

 كما ينقل الخبر تصريحا لوزير البيئة، يثمّن فيه اهتمام "مستثمري شرق عمان" بقضايا البيئة، ويتحدث عن دور القطاع الصناعي في تطوير صناعة إعادة التدوير، وعن إجراءات وزارة البيئة لتشجيع الاستثمار الصناعي، ثم ينقل الخبر تصريحا ثالثا لرئيس غرفة صناعة الأردن، يؤكد اهتمام الغرفة بتشجيع القطاع الصناعي بالاستثمار في قطاع إعادة التدوير، وجميع ما سبق، هو عناصر مكملة للحدث المفترض أنه كان هو محور الخبر، وهو الورشة نفسها.

ما فعلته التغطية، هو أنها فوّتت على الجمهور معرفة المعلومات التي يحتاجها فعلا، والتي تخبره بما هو موجود في الأفق من حلول لإعادة تدوير المخلفات،  سيقلل تطبيقها من استنزاف البيئة وتلويثها، بما ينعكس تحسينا لجودة حياة هذا الجمهور. وهذه المعلومات موجودة على الموقع الإلكتروني للجمعية التي عقدت الورشة، إذ نشرت تغطية للورشة، ضمّنتها التوصيات الصادرة عنها، منها: توزيع حاويات لجمع النفايات الإلكترونية من المصانع والمؤسسات في شرق عمان، وتنظيم قطاع جواريش البلاستيك بما يطابق المعايير البيئية والصحية، ودراسة ظاهرة "سكراب" السيارات، على طريق أوتوستراد الزرقاء.

تنويه:

لا يُطرح تقرير الرصد اليومي بوصفة نتاج مسح شامل للمحتوى الإخباري للصحف المطبوعة في أي يوم، إذ لا يملك المرصد موارد تمكنه من إنجاز  ذلك. التقرير اليومي هو إشارة إلى اختلالات مهنية في عينة من الأخبار، الهدف منها تزويد الجمهور بمفاتيح القراءة الناقدة للأخبار، بأمل أن تصبح هذه القراءة الناقدة ثقافة لديه، تجنبه الوقوع في فخ التسليم غير المشروط بمصداقية الأخبار.